أبطال الوطن بين الإخلاص والغدر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
"لكل زمان دولة ورجال"، فكيف بدولة مثل المملكة العربية السعودية ورجالها؟ وطن الحزم والعزم ومملكة الإنسانية تحملت المسؤولية كاملة في ظروف صعبة واستثنائية عندما عبثت يد أهل الغدر والخيانة بكيان وأمن اليمن السعيد الشقيق، وهل يترك الشقيق شقيقه وقت الضيق؟
كان الإخلاص والتضحية عنواناً لمد يد العون للأشقاء في اليمن، من عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله حتى اليوم، بالرغم من تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل بعض اليمنيين المغرر بهم؛ حيث شهد عام 1935 تعرض الملك عبدالعزيز لمحاولة اغتيال فاشلة على يد ثلاثة من أبناء اليمن أثناء قيامه بطواف الإفاضة في موسم حج 1353هـ، وتمكن الملك سعود رحمه الله من التصدي لهذه المحاولة وحماية والده. ومهما كانت الدوافع، تجاوز الملك عبدالعزيز وعفا وأصلح لعظمة روحه وسعة حلمه عن هذا الفعل الدنيء في بيت الله الحرام وعند كعبته المشرفة حيث يُحرم إيذاء الناس، فكيف بارتكاب جريمة كالقتل؟
الإخلاص صفة حسنة حميدة وفضيلة من الفضائل تعبّر عن مدى تطابق القول الصادق بالفعل الفاضل، وصفاء النفس وعظمة الروح، والغدر صفة سيئة ذميمة تدل على الدناءة والخسة حيث يتم نقض العهد وارتكاب المحرم والمحظور. الغدر محرم في كل الشرائع، وفي القانون الدولي الإنساني، حتى في الحرب وبين المتقاتلين داخل المعركة، فكيف إذا كان هذا العمل مع من هبّ للنجدة والقتال في صف من غدر به.
والمملكة العربية السعودية نذرت نفسها لنجدة اليمن الشقيق ومساعدته في محنته منذ حدثت به الفتنة وسيطر الحوثيون على صنعاء، فكان أول من طلب الحماية الفريق الركن علي محسن الأحمر نائب رئيس الجمهورية السابق بدخوله في سفارة خادم الحرمين الشريفين بصنعاء عام 2014. هذه الحادثة ذكرها السفير محمد بن سعيد آل جابر، فأمّنه الملك عبدالله رحمه الله حتى وصل إلى مكان آمن بعمل بطولي سعودي لا مثيل له.
توالت الأحداث في اليمن وأثبتت المملكة العربية السعودية إخلاصها بالوقوف في صف الأشقاء اليمنيين حكومةً وشعباً، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حيث قامت بحماية حكومة وشعب اليمن الشقيق من يد الغدر والخيانة واستضافت حكومة اليمن الشرعية وأكثر من مليونين ونصف المليون يمني بكل حب ورحابة صدر. تطورت الأوضاع وكُوّن تحالف لدعم حكومة اليمن الشرعية فكانت عملية "عاصفة الحزم" وهي عملية عسكرية في عام 2015 تلتها عملية "إعادة الأمل" ذات الثلاثة أبعاد: البعد العسكري، البعد السياسي، والبعد الإغاثي الإنساني، حيث تم استئناف العملية السياسية، وحماية الشعب اليمني، وإعادة الأمن وسيطرة النظام، وتكثيف المساعدة الإغاثية والطبية للشعب اليمني في كافة مناطق اليمن، وإفساح المجال للجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية.
ونجحت العمليتان في مساعدة حكومة اليمن الشرعية وشعبه المتضرر. ومن نتاج هذه المساعدة انطلاق حملات الإغاثة والأعمال الإنسانية، حيث خُصص ما يتجاوز مليار ريال استجابة للاحتياجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني الشقيق، وبعد ذلك تولى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مهمة إغاثة الشعب اليمني بالإضافة إلى مهامه الدولية الأخرى.
ومن هذه الأعمال الإنسانية والتنموية في اليمن إنشاء مستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن كصرح طبي شامل يُدار بكوادر سعودية متطوعة، ويضم 28 عيادة تخصصية، ويقدم الخدمات العلاجية، ويجري العمليات الجراحية بما فيها عمليات القلب، ويوفر الأدوية لآلاف المرضى اليمنيين مجاناً.
إقرأ أيضاً: لبنان الجريح: وفاق وطني جديد
ولكن دائماً تأبى يد الغدر رد المعروف والجميل إلا بالإساءة والخيانة والقتل لرجال نذروا أنفسهم في سبيل وطنهم ولمساعدة أشقائهم. فقد امتدت في مساء يوم جمعة داخل معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بحضرموت وقامت بجريمة مروعةٍ منكرة نتج عنها استشهاد ضابط وضابط صف وإصابة ضابط بجروح. جميعهم سعوديون تواجدوا استجابةً لنداء الواجب ولتدريب ومساندة القوات اليمنية الشرعية، والقيام بمساندة الأعمال الإنسانية والتنموية داخل اليمن الشقيق.
رحم الله شهداءنا وخالص العزاء والمواساة لذويهم وأقاربهم وعجّل بالشفاء للمصابين. ويبقى أبطال الوطن فوق كل أرض وتحت كل سماء مخلصين مهما كانت التضحيات، ولن يثني هؤلاء الرجال غدر غادر وخيانة خائن وتثبيط مخذول، وسينال كل مجرم وخائن جزاءه.
إقرأ أيضاً: الرئيس دونالد ترامب.. من المحكمة إلى البيت الأبيض
ومن ارتكب هذا العمل الغادر الجبان لا يمثل الشرفاء من أبناء اليمن الشقيق الذين يقدرون الدور الإيجابي والمهم الذي تقوم به قوات التحالف لدعم الشرعية اليمنية ومساندة الأعمال الإنسانية لتخفيف معاناة الشعب اليمني الشقيق.
والدفاع عن الأوطان والأشقاء شرف لا يعادله شرف، وستواصل المملكة العربية السعودية وقوفها إلى جانب اليمن الشقيق وحكومته الشرعية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإنسانياً، وتبقى يد العون ممدودة لشعبه الشقيق، فنحن إخوة ومصيرنا واحد ويبقى "لكل زمان دولة ورجال".