لبنان بلد ذو سيادة ومعترف به دولياً وعضو في الأمم المتحدة والجامعة العربية منذ عام 1945، فهو أقدم من إسرائيل 1948 ومن نظام الأسد عام 1970 وقبله البعث في سوريا والعراق 1963 وأقدم من نظام الملالي 1979. ولم تشفع للبنان هذه الأقدمية، حيث مزقته الطائفية والتدخل الخارجي وجيران السوء: نظام الأسد وإسرائيل وعمة السوء إيران، والقوى الخارجية التي تعتقد أنها وصية على لبنان كفرنسا، والتواجد الفلسطيني في فترة من فترات الصراع في لبنان، وأحزاب الشر التي جلبت الخراب له.
تعرض لبنان لحرب أهلية مزقت وحدته الوطنية، وتعرض لاجتياحات إسرائيلية عدة، وتدخل من سوريا، وسيطرة إيرانية بواسطة حزب الله في تبادل للأدوار منذ 1975.
(سويسرا الشرق) كما يحلو لمحبي لبنان تسميته، تحول إلى بلد بلا سلطة بعد تغليب مصلحة الطائفة على الوطن. وكل طائفة ترى أنه يحق لها في لبنان ما لا يحق لغيرها، مع أن نظام لبنان السياسي هو نظام جمهوري ديمقراطي توافقي، بحيث توزع المناصب الأساسية بنسب محددة بين أعلام الطوائف المختلفة. وهو قائم على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، والدستور اللبناني يكفل للشعب اللبناني المساواة وحرية التعبير والحرية الدينية، ويصون لهم ممتلكاتهم الخاصة، ويعطي الفرصة للبنانيين بتغيير الحكم بالطرق الديمقراطية.
أصبح لبنان الجريح مسرحاً للأزمات المتلاحقة قبل اتفاق الطائف 1989، وبعد مقتل رفيق الحريري عام 2005 الذي أعاد بناء لبنان، وبمقتله قُتل لبنان من الوريد إلى الوريد. وعادت الطائفية البغيضة وسيطر حزب الله على مفاصل الدولة، حتى أوصل لبنان لما نشاهده اليوم من اختراق لسيادته وقتل وتشريد لشعبه، وأعطى إسرائيل الذرائع لاستهداف لبنان.
فمتى يتوقف نزف الدم اللبناني؟ وهل من وفاق وطني جديد على غرار اتفاق الطائف وتحالف دولي لحل أزمة لبنان؟
إقرأ أيضاً: إيران المتأرجحة بين الحرب والسلام
عودة لبنان وطناً للجميع أمنية غير صعبة المنال إذا اتفق الجميع في لبنان على أن يستعيد لبنان سيادته وعافيته، وتلعب مؤسساته دورها الحقيقي. ونرى فيه نموذجاً جديداً لبلد يُبنى من جديد بسواعد أبنائه على غرار (النموذج الرواندي)، تلك الدولة التي خرجت من حرب أهلية طائفية لتصبح وجهة للاستثمار والسياحة بعد تعزيز المصالحة الوطنية والاهتمام بالوطن والمواطن وفق قواعد تعايش حقيقي.
أصبح من الضروري بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضي لبنان، ونزع سلاح الميليشيات بدون استثناء، وإجبار إسرائيل على الانسحاب، وعدم السماح بوجود أي سيطرة أو تأثير لأي قوة خارجية، حتى وإن كان خلف الكواليس، والبدء في إصلاحات جذرية للوضع السياسي والأمني والاقتصادي في لبنان.
إقرأ أيضاً: حرب غزة القادمة
وطرق الحل لأزمة لبنان معروفة وتحتاج فقط لتفعيل وإرادة صادقة من اللبنانيين أنفسهم، وبمساهمة من قبل الأشقاء العرب والدول ذات التأثير والمنظمات الدولية، ليعود إلى لبنان حسنه وبهاؤه، وتعود بيروت كما تلقب (باريس الشرق) وأجمل.
التعليقات