ما تقوم به إسرائيل في شمال غزة حالياً يُعد حرباً جديدة على غزة لا تفرق بين المدنيين ومقاتلي حماس. وفي العرف العسكري تُسمى عمليات ما بعد سحق المقاومة مرحلة استثمار الانتصار والتشبث بالأرض، يتم فيها التفتيش عن أي بقايا للمقاومة، والقيام بإجلاء أي تواجد للسكان عبر التهديد، والقتل، والتهجير، والتشريد، والتجويع، واستهداف أي مبنى حيوي كدور الإيواء والملاجئ والمستشفيات والمساجد والمدارس والمخابز. حيث صعّدت إسرائيل من عملياتها في شمال غزة، فاستهدفت مخيم جباليا وبيت لاهيا، والبقية تأتي.
فأين ومتى ستتوقف هذه المرحلة؟
من الواضح أن إسرائيل في تعزيز حقيقي للسيطرة والتمشيط وإخماد أي نيران مقاومة، وقطع أي إسناد ناري أو إمداد لوجستي، وتدمير ما تبقى من أنفاق، وفرض الإرادة القسرية. كما أنها تعتزم تهجير ما تبقى من سكان شمال غزة بالقوة الجبرية، في محاولة للانتقال لمستوى أعلى من تحقيق المطالبات الإسرائيلية.
إقرأ أيضاً: يحيى السنوار.. الفلسطيني الذي أفاد إسرائيل حياً وميتاً
وربما تسعى إسرائيل إلى هزيمة حماس استراتيجياً، مما يؤدي إلى الاستسلام الجماعي، وتسليم السلاح، وتسليم الرهائن وكامل غزة. وما تقوم به إسرائيل حالياً هو جريمة جديدة تُضاف إلى ما سبقها من جرائم بحق سكان غزة خاصة وفلسطين عامة. تسببت في ذلك مغامرة حماس التي فتحت باب الجحيم على سكان غزة، وأصبحوا تحت رحمة العدو الإسرائيلي المحتل، الذي ارتكب مجازر في حق شعب أعزل لا يبحث الآن إلا عن أساسيات العيش، فلم يعد لديه أي مأوى أو طعام أو ماء، وفقد الأمن والأمان حيث نكلت به آلة البطش الإسرائيلية، ويقابلها جلادو حماس من الجهة الأخرى.
وكان بإمكان إسرائيل التعجيل في عمليات تحرير الرهائن لدى حماس، والوصول لإيقاف إطلاق النار أو هدنة، لكنها استخدمت عدم زوال خطر حماس ومسألة الرهائن ذريعة لإطالة مدى الحرب، لكي تستهدف الشعب الفلسطيني الأعزل وتزيد من جراحه انتقاماً لما قامت به حماس وخلفها إيران.
إقرأ أيضاً: ميليشيات الشرق الأوسط: أزمة فكر وقيم
وتهجير من تبقى في (مخيم جباليا) بشمال غزة يُعد جريمة بحق الإنسانية، وفعل لا يقبله دين ولا عقل ولا قانون، والدور على ما تبقى من شمال غزة. وهذا ما خططت له إيران ونفذته حماس، وفرحت به إسرائيل، فاستغلت الوضع بالقتل، والاعتقال، والتدمير، والخراب، والتشريد. وعلى المجتمع الدولي بذل المزيد من الجهود لحماية سكان غزة، وإيقاف إطلاق النار، ودخول قوات دولية للفصل بينهم وبين إسرائيل.
التعليقات