كل إهتمام أميركي بغير سوريا يصبّ في صالح نظامه
بشار الأسد يستفيد من الأزمة الأوكرانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يعمل رئيس النظام السوري بشار الأسد كل ما بوسعه لاستغلال النزاع الروسي ـ الاميركي حول اوكرانيا بما يتيح له المضي قدما بمخططاته ضد قوات المعارضة وتأمين انتخابه لولاية أخرى مدتها سبع سنوات.
عبدالإله مجيد من لندن: فشل مؤتمر جنيف برعاية الولايات المتحدة وروسيا وجه ضربة قاصمة لفرص انهاء الحرب السورية عن طريق المفاوضات.
وإزاء الاختلاف العميق بين الدولتين الراعيتين لمفاوضات جنيف حول مستقبل اوكرانيا، يشعر الأسد بثقة متجددة بأن استمراره في التنكيل بمعارضيه ومحاولاته لإستعادة السيطرة على الشعب السوري لن تلقى تحديا يُعتد به من المجتمع الدولي، كما يرى محللون ومصادر مطلعة على تفكير النظام.
إطلاق أيادي الاسد
بحسب الاعلامي سالم زهران الذي تربطه بالنظام السوري علاقات قوية فان رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد اطاحة الرئيس الاوكراني فكتور يانوكوفيتش عزز قناعة الأسد بأنه يستطيع الاستمرار في الرهان على دعم روسيا الثابت ضد المعارضة.
وقال زهران "ان النظام يعتقد بأن لدى الروس الآن سبباً جديداً أقوى لإبقاء الأسد في السلطة ودعمه وخاصة بعد تجربة ليبيا والآن اوكرانيا. يضاف الى ذلك ان النظام يعتقد بأن أي نزاع في العالم يصرف انتباه الاميركيين عامل يخفف الضغط على سوريا".
ضغط على إدارة أوباما
كما يرى مراقبون ان التوصل الى اتفاق نهائي مع ايران بشأن برنامجها النووي وتفعيل محادثات السلام بين الفلسطينيين واسرائيل يأتيان قبل سوريا على جدول اعمال ادارة اوباما وان كلا الملفين يتوقفان الى حد ما على تعاون روسيا لتسويتهما.
وفي تطورات أخرى لم تحظ بالقدر نفسه من الاهتمام وقعت دول مثل مصر والعراق عقود تسليح كبيرة مع موسكو بعد ان خلصت القاهرة وبغداد الى تعذر الاستمرار في التعويل على واشنطن كمصدر موثوق للدعم والعون.
العرب إلى موسكو !
ولاحظ ثيودور كراسيك مدير الأبحاث في معهد الشرق الأدنى والخليح للتحليل العسكري ان غالبية الدول العربية التزمت جانب الصمت بشأن الأزمة الاوكرانية ومن الجائز ان يزداد ارتباط بعضها بالفلك الروسي إذا نظرت هذه الدول الى واشنطن على انها قوة مترددة.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن كراسيك قوله ان هذه الدول "تعتبر روسيا شريكا حاليا ولاحقا في المنطقة لأن الولايات المتحدة تنكفئ من منظورها".
سوء تقدير أميركي
ولكن سوريا هي التي تتبدى فيها التداعيات الناجمة عن توتر العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا بأسطع اشكالها.
وعلى امتداد الشطر الأكبر من السنوات الثلاث الماضية منذ اندلاع الانتفاضة السورية بنت ادارة اوباما سياستها على الافتراض القائل بأن روسيا ستكون شريكاً راغباً في الجهود الرامية الى حمل الأسد على التنازل عن السلطة.
وقال عمرو العزم استاذ التاريخ في جامعة شوني بولاية اوهايو الاميركية ان هذه السياسة اتضح الآن كونها سياسة غير واقعية وان دفاع بوتين عن الرئيس الاوكراني المخلوع يانوكوفيتش يعني "ضياع ثلاث سنوات من الدبلوماسية الاميركية بشأن سوريا".
الباحث في معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى اندرو تابلر من جهته قال ان الروس حتى إذا كانوا ميالين للتعاون مع الولايات المتحدة لحل الأزمة السورية "فان من المستبعد ان يتعاونوا الآن لأنهم لا يريدون ان يقدموا انتصارا الى اوباما".
إمتحان عسير
ومن القضايا الأخرى التي ستكون امتحانا عسيرا للتعاون الاميركي ـ الروسي في سوريا الاتفاق على تدمير اسلحة النظام الكيماوية وقرار مجلس الأمن الأخير لإيصال المساعدات الانسانية الى المناطق المحاصرة ووقف استخدام اسلحة مثل البراميل المتفجرة.
وليس هناك ما يشير الى ان الأسد متلهف على تنفيذ أي من هذين الالتزامين، كما يؤكد تفويت النظام موعدين حتى الآن لإزالة الأسلحة الكيميائية واستمرار القصف ببراميل متفجرة بلا هوادة وعدم احراز تقدم يُعتد به نحو اغاثة السكان المحاصرين في مناطق تسيطر عليها المعارضة.
عين الأسد على ولاية جديدة
والأكثر من ذلك ان نظام الأسد يواصل تحضيراته لإجراء انتخابات رئاسية في حزيران/يونيو بموجب الدستور السوري ساري المفعول حاليا.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مصادر مطلعة على تفكير النظام ان نقاشات مكثفة تجري في دمشق حول سبل اضفاء شرعية على الانتخابات في وقت فقد النظام سيطرته على مناطق عديدة من سوريا وأُخليت مناطق واسعة من السكان بسبب القتال وهناك أكثر من مليوني لاجئ سوري في الخارج.
ويأمل النظام باقناع مرشح واحد على الأقل بالتنافس مع الأسد رغم ان احدا لم يتقدم حتى الآن، بحسب المصادر.
وقال الباحث تابلر من معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى ان من المرجح في غياب أي اصلاحات سياسية جدية ان يكرر الأسد فوزه في انتخابات 2007 حين نال "97 في المئة من الأصوات" واصفا تلك الانتخابات التي كان شاهدا عليها في دمشق بـ"المهزلة".
استمرار القتال
وتتزامن هذه التحضيرات مع استمرار العمليات العسكرية التي تنفذها قوات النظام ضد مواقع المعارضة وخاصة في محافظة حلب بدعم عسكري متواصل من روسيا التي تمد النظام بما يحتاجه من سلاح عن طريق ميناء اوديسا الاوكراني بالدرجة الرئيسية.
ويرى محللون ان ميزان القوى على الأرض يمكن ان يتغير لصالح المعارضة إذا قررت الولايات المتحدة تقديم دعم حقيقي لقواتها.
ولكن سلمان شيخ الباحث في مركز بروكنغز الدوحة رجح ان تستمر واشنطن في تركيز اهتمامها بعيدا عن سوريا فيما تواصل روسيا دعمها الثابت للأسد.
وقال شيخ "ان بوتين يرى العالم قطعة شطرنج كبيرة واحدة يستطيع ان يقوم عليها بحركتين أو ثلاث حركات في وقت واحد. ولستُ متأكدا من ان الغرب قادر على ذلك".
واستبعد الباحث شيخ ان يتراجع الروس عن دعم الأسد قائلا "ان الأسد سيواصل عمل ما كان دائما يريد أن يعمله، وهو الانتصار عسكريا".