أخبار

مجرزة أسوان القبلية كشفت الظاهرة

التمثيل بالجثث أخطر سمات العنف الجديد في مصر

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تسابق الدولة المصرية الزمن من أجل احتواء تداعيات أزمة أسوان القبلية التي أودت بحياة 26 شخصاً من قبيلتي دابود النوبة وبني هلال العربية، في منطقة السيل الريفي. وكشفت الأزمة عن انهيار مفهوم الدولة، وحلول القبلية محلها، فضلاً عن تهميش الجنوب، واستئثار الشمال بالإهتمام الكافي.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: بات العنف في مصر يتخذ أشكالاً تتسم بالإفراط والوحشية، لاسيما في ظل انتشار عمليات التمثيل بالجثث، ويرى سياسيون وأمنيون أن الأزمة الراهنة تحتاج إلى معالجة ثقافية واجتماعية، قبل المعالجة الأمنية، لكنهم أجمعوا على أن غياب الدولة والقانون السبب الأبرز فيها.كشفت أزمة أسوان القبلية التي راح ضحيتها 26 شخصاً من أبناء قبيلتي دابود وبني هلال، أن العنف في مصر وصل إلى درجات غير مسبوقة، لاسيما في ظل انتشار عمليات التمثيل بالجثث، وقال قيادي في جمعية أبناء دابود، لـ"إيلاف" إن عمليات القتل والإنتقام اشتعلت في أعقاب قتل "الهلايلة" ثلاثة شباب وامرأة حامل من أبناء دابود، مشيراً إلى أنه تم التمثيل بجثثهم والتبول عليها، وتصوير تلك العملية بواسطة الموبايل. وأضاف القيادي الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن شباب الدابودية أخذتهم الحمية وهجموا على منازل الهلالية، انتقاماً لقتلاهم الذين تم التمثيل بجثثهم، ونفذوا الأمر نفسه في قتلى الطرف الآخر. ووضعوا الجثث على سيارة كارو وطافوا بها في الشوارع. انتشار الأسلحةولفت إلى أن الأزمة تطورت سريعاً، بسبب غياب الأمن والقانون، وتهميش أبناء النوبة، فضلاً عن انتشار الأسلحة بكثافة في أيدي الجميع في الصعيد. وتوقع ألا تهدأ الأوضاع في أسوان، معتبراً أن الأحداث الأخيرة لها جذور عميقة، لاسيما أن هناك أطرافا تحظى برعاية الأجهزة الأمنية منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكانت تستخدمهم في عمليات تزوير الإنتخابات وأعمال البلطجة ضد المعارضين السياسيين. ولفت إلى أن لدى الكثير من القبائل في النوبة ثأرا مع تلك الأطراف. دولة هشةورغم محاولات الحكومة المصرية بكل قيادتها إحتواء تداعيات أزمة أسوان القبلية، إلا أن النزاع القبلي كشف هشاشة الدولة، وازدياد النعرات القبلية، في ظل غياب القانون واهتمام الأجهزة الأمنية بالأمن السياسي فقط، وإهمال الأمن الجنائي والإجتماعي.ووفقاً للواء فؤاد علام الخبير الأمني، فإن أزمة أسوان ليست أمنية بالدرجة الأولى، مشيراً إلى أنها تمثل أزمة معقدة جداً يتداخل فيها السياسي مع الإجتماعي مع الموروثات الثقافية، وقال لـ"إيلاف" إن التحرك الشعبي لمعالجة هذه المشكلة كان انضج من تحرك الدولة، منتقدا تأخر شيخ الازهر في التدخل لحلها قائلا "كان يجب على شيخ الأزهر اصطحاب وفد من العلماء ووجهاء المنطقة ومشايخ القبائل لحل هذه المشكلة".وأضاف أن الموروث الاجتماعي المتعلق بالثأر، يحتاج في علاجه الى طرق واساليب إجتماعية، وليست أمنية فقط، داعياً إلى أهمية تفعيل مبادرات جمع السلاح التي أطلقت من جانب رئيس الوزراء الأسبق عصام شرف، والمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي، ونبّه إلى أن السلاح صار منتشراً بين أيدي المصريين بكثافة أكثر من أي وقت مضى.ورفض إتهام الأجهزة الأمنية بالتفرغ للأمن السياسي وملاحقة المعارضين السياسيين للنظام الحالي، لاسيما أعضاء جماعة الإخوان، وقال إن ما حدث في أسوان يمثل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي المصري، في ظل مرور مصر بمرحلة غاية في الصعوبة وغاية في الاضطراب، وفي ظل وجود دول عربية وعالمية ومنظمات محلية ودولية تعمل على تفكيك الدولة المصرية. وذكر أن مثل تلك القضايا لا تعتبر قضايا أمنية خالصة، بل تتطلب تحركا من جانب الدولة على جميع المستويات الاجتماعية والدينية والثقافية.وذكر أن العنف في مصر اتخذ أشكالاً غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن التمثيل بالجثث من أخطر ظواهر العنف الجديد.وحسب وجهة نظر أبو العز الحريري، المرشح الرئاسي السابق، فإن "مجزرة أسوان" تمثل أحد تجليات موجة العنف التي بدأت تسود المجتمع المصري في الفترة الأخيرة، والتي تعود لأسباب اقتصادية واجتماعية، بالاضافة الى السلاح الذي تدفق على مصر من الحدود المختلفة للدولة بعد 25يناير، ووجود قوى محلية تعمل بالتنسيق مع قوى خارجية على هدم الدولة المصرية واثارة الفتن.
الجماعة متورطةواتهم جماعة الإخوان المساهمة في أزمة أسوان، وقال إن للجماعة دور واضح في الأحداث. وأضاف أن التحقيقات سوف تكشف عن حقيقة دور الاخوان في تلك المجزرة.ونبه إلى أنه من الصعب إيقاف تداعيات هذه الأزمة، مشيرًا إلى أن الأمر يحتاج إلى جهود ضخمة لاجتثاث جذور العنف الموجود حاليا في المجتمع المصري. ولفت إلى ضرورة وضع خطة لجمع السلاح المنتشر في كل ربوع مصر. وأفاد بأن غياب القانون أحد الأسباب الرئيسة للفوضى والعنف الموجود، مشددًا على ضرورة ألا تكون المجالس العرفية بديلا لدولة القانون، لكن يمكن استخدامها كعامل مساعد فقط لحل مثل هذه المشكلات.التمثيل بالجثث سمات المجتمعات الهمجية التي لا يحكمها القانون، وقال الدكتور شريف كامل، أستاذ علم الإجتماع في جامعة القاهرة، لـ"إيلاف" إن عمليات التمثيل بالجثث تأتي كرد فعل إنتقامي لجرائم الشرف وتستخدم في الصراعات ذات الطابع السياسي أيضاً، بهدف إذلال الطرف الآخر، مشيراً إلى أن المصريين صاروا يلجأون إلى التمثيل بالجثث في أعقاب ثورة 25 يناير، وضر بأمثلة بتمثيل المصريين بجثث قطاع الطرق والبلطجية، إنتقاماً منهم، كمحاولة من المواطنين لردع الآخرين من الخارجين عن القانون.وذكر أن الصراع السياسي الدائر في مصر له تأثير كبير على مزاج المواطن الذي يلاحظ أنه شديد التوتر دائماً، وقال إن ما حدث في اسوان من قتل وجرح العشرات والتمثيل بجثث الضحايا، لمجرد خلاف قبلي بسيط أبرز دليل على ذلك. ولفت إلى أن الدولة فقدت السيطرة على الأمن تحت دعاوى محاربة الإرهاب نيابة عن العالم، مشددًا على ان قانون الغاب سيحل محل القانون الطبيعي اذا فقدت الدولة سيطرتها على مواطنيها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف