أخبار

ينتزع لقب الجماعة الإرهابية الأشد ضراوة

عراقيون: داعش وليدة طائفية كرّسها حكم المالكي​

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يجمع مراقبون سياسيون، حول الخطر الذي يواجه العراق بالانزلاق في حرب أهلية بين السنة والشيعة، حيث بات تنظيم داعش يسيطر على مدن عراقية كثيرة، اضطر بعض مقاتليها الى رمي سلاحهم والاستسلام.&
إعداد عبدالاله مجيد: كان مسعود علي، الودود الملتحي ذو العينين الخضراوين، سائق تاكسي في مدينة الموصل حتى أيام قليلة خلت. مسعود يحب الصحراء ويحب زوجته ويحب سيارته الصفراء. ولم يكن يهتم كثيرًا بالسياسة حتى الآن. وهو يردد عبارة "إن شاء الله" في مشاريعه وأحلامه. ثم اجتاح مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" مدينته ذات المليوني نسمة.&&&أُعلن حظر التجوال مساء في مدينة الموصل منذ يوم الاثنين، كما يقول مسعود. &وسمع مع عائلته صوت اطلاق نار قرب شقتهم يوم الثلاثاء. وعندما أطل مسعود من النافذة رأى جثة ممددة في الشارع. وقال احد الأصدقاء "انهم احتلوا كل المباني الحكومية والمطار"، ثم اضاف صديق "وكذلك محطة توليد الكهرباء ومنشأة الماء".&ونقلت قنوات تلفزيونية تقارير عن نهب مصارف واطلاق سراح آلاف السجناء والسيطرة على آبار نفطية. وبعد يوم، وضع مسعود افراد عائلته في سيارته وانطلق بهم. ورأوا على الطريق ملابس شرطة مرمية على قارعة الطريق، وآليات عسكرية متروكة. فان القوات الحكومية التي يتألف غالبيتها من السنة، استسلموا لمقاتلي داعش السنة.&&مسعود سني ايضا مثل غالبية سكان الموصل، وسمع رئيس مجلس المدينة يدعو اهل الموصل إلى الدفاع عن أنفسهم ضد داعش، ويتساءل مسعود "لماذا أُدافع عن نفسي؟ أمن أجل الحكومة الشيعية؟ من أجل رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يظلم السنة". وقال مسعود لمجلة شبيغل اونلاين "ان النزاع تصاعد لأن الناس في العراق لا يريدون هذه الحكومة بعد الآن".&&اليوم يقف مسعود علي في خيمة خارج مدينة اربيل في اقليم كردستان، حيث أُنشئ أحدث مخيم للاجئين العراقيين. حان وقت الصلاة ولكنه بدلا من ان يسجد وتلامس جبهته التربة، فانه وضع جبتهه على جبهة ابنه ذي الأربعة اشهر محمد، الذي كان مستلقيا على قطعة من القماش المشمع، تحيط به علب الحليب المجفف وقناني الماء. وكان محمد يبكي بسبب الحمى.&&&مسعود لم يُمهل حتى لوضع بعض الأمتعة في حقيبة واحدة. وقال "غادرنا مذعورين، كنا نريد الخروج فقط". ويهفهف مسعود بكوفيته على وجه طفله عسى أن يخفف من حرارة الصيف العراقي اللاهب. ويستمر في هز ابنه &كأنه يريد أن يطرد معاناة الأيام القليلة الماضية.&&تدفق اللاجئين&ويتدفق اللاجئون على اربيل كل يوم، بعضهم مشيًا على الأقدام. وفي طريقهم يمرون على مقربة من خيمة مسعود وعائلته. وتمتد طوابير السيارات كيلومترات على حاجز التفتيش. ويتعالى الغبار بين العجلات فيما تتناثر على الأرض آلاف القناني والأكياس البلاستيكية.&&&غادر الموصل نحو 800 الف شخص نصفهم إلى محافظة اربيل. فهم يشعرون بالأمان في اراضي اقليم كردستان.&&حرب أهلية جديدة&&بعد أحد عشر عامًا على الغزو الأميركي، يرى مراقبون أن العراق يواجه خطر الانزلاق إلى حرب أهلية جديدة &بين السنة والشيعة. ولكن تقدم قوات داعش ليس السبب في انهيار العراق بل نتيجة له، وبسيطرة داعش على الموصل، حقق جيش داعش الذي تمرس واشتد ساعده في الحرب السورية أكبر نجاحاته حتى الآن. ومن الموصل، واصل تقدمه جنوبًا وفي ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء سيطر على مناطق من بعقوبة مركز محافظة ديإلى التي تبعد نحو 60 كلم فقط عن بغداد قبل ان ينسحب.&&اللقب لداعش&وفي غضون فترة قصيرة، استطاع داعش أن ينتزع من تنظيم القاعدة لقب الجماعة الارهابية الأشد ضراوة في العالم. ولكنه لم ينفذ أي عمليات ضد الغرب حتى الآن، بل يهدف إلى إقامة دولة خلافة إسلامية في الشرق الأوسط. ويسيطر داعش الذي تُقدر قوته بنحو 15 الف مقاتل على أراض في سوريا والعراق بمساحة الأردن.&&&&ولم يكن تقدم داعش في العراق مفاجئًا، بل كانت نذره تلوح في الأفق منذ ما يربو على عام، وفي كانون الثاني (يناير) الماضي سيطر على مدينة الفلوجة غربي بغداد. وفي الموصل، كان مقاتلو داعش يجبون "ضريبة الجهاد" من السكان تحت انظار قوات المالكي، بالاضافة إلى تنفيذ اغتيالات سياسية وتفجيرات انتحارية.&واللافت أن قوة داعش التي سيطرت على الموصل لا تزيد على 1000 مقاتل، ولعل مئات فقط واصلوا تقدمهم جنوبا. وما كانوا ليحتاجوا إلى أكثر. فالسنة تعرضوا إلى التهميش تحت حكم المالكي، الذي أعلن هو نفسه طائفيته حين قال أواخر عام 2011 انه شيعي أولا وعراقي ثانيا. وبالتالي فان غالبية السنة لا&تعترض طريق داعش، كما تلاحظ مجلة شبيغل اونلاين مشيرة إلى ان ميليشيات صدامية مثل جيش رجال الطريقة النقشبندية اخذت تنضم إلى قوات داعش، وان ميليشيات سنية احتلت مدينة تكريت مسقط رأس صدام حسين حيث رفعت أعلاما تحمل صوره.&انهيار الجيش&أدى غياب التلاحم الوطني في ظل الحكم الطائفي إلى انهيار الجيش في اول امتحان حقيقي، رغم انفاق عشرات المليارات على تسليحه وسنوات من التدريب الذي تلقاه افراده لمكافحة الجماعات الإسلامية المتطرفة.&ففي مدينة الموصل، هربت فرقتان عسكريتان قوامهما 30 الف جندي أمام زهاء 1000 مقاتل داعشي، رغم تفوق الجيش تفوقا ساحقا بالسلاح والمعدات. وشهدت مدينة تكريت فرار فرقتين.&&&وتعكس الحقيقة الماثلة في ان الجنود وافراد الشرطة السنة يرفضون الدخول في مواجهات مع مقاتلي داعش، احساس الغالبية العظمى من مكون كامل بأن الاسلاميين هم أهون الشرين عند المقارنة مع حكومة المالكي. وما تبقى من فرق عسكرية غالبية جنودها من الشيعة، اخذت تندمج بمجموعات المتطوعين التي تنبثق في بغداد وجنوب العراق.&&&وكثر الحديث خلال الأيام الأخيرة عن رجلين ماتا منذ عشرات السنين. &ففي عام 1916 اتفق وزير الخارجية البريطاني مارك سايكس ونظيره الفرنسي فرانسوا جورج بيكو، على تقسيم الشرق الأوسط إلى محميات فرنسية وبريطانية، &ورسما حدودا مصطنعة بين العراق وسوريا والاردن، ما زالت قائمة حتى اليوم. وحشر داخل هذه الحدود كرد وعلويون وسنة وشيعة للتعايش في دول قومية حديثة النشأة.&&&وتحقق فعلًا قدر لا يُستهان به من التعايش بين هذه المكونات. ولكن الذي دمر هذا التوازن الهش في المنطقة هو الغزو الأميركي للعراق عام 2003 وصعود الجماعات الاسلامية المتطرفة، الذي استغله دكتاتور سوريا بشار الأسد لرسم صورة الصراع بفرشاة طائفية. &&تدفق مطرد للمتطرفين&ابتداء من عام 2013 نال داعش سمعة في سوريا بكونه اشد الجماعات الجهادية شراسة ونجاحا. كما انه معروف بتكتمه الشديد. وفي "امارته" التي تمتد من شرق محافظة حلب مرورا بمدينة الرقة، إلى محافظة الحسكة، يحكم داعش بالارهاب والقرارات التي تعبر عن نظرة لا تعرف التسامح. ففي الرقة يخاطر بحياته كل من يبقى خارج بيته أو يتجرأ على إبقاء متجره مفتوحا ضد مشيئة داعش. وأُجبرت محلات الحلاقة على تسويد صور النساء المطبوعة على علب صبغ الشعر. ولم تعد الموسيقى مسموحة في الأعراس. وفي سوق الماشية يجب تغطية أعضاء الماعز والأغنام التناسلية بخرق من القماش.&&&وتتسع رقعة نفوذ داعش في شمال سوريا منذ الربيع، برافد متواصل من المقاتلين القادمين من دول عربية مختلفة ومن اوروبا وحتى من اندونيسيا. ومنذ البداية ظهر أن داعش ينفذ استراتيجية ذات محورين. فمن جهة هناك الجهاديون الأجانب الذين توافدوا على المنطقة بلا معرفة بخصوصياتها وبلا خبرة قتالية، وكانوا يُرسلون إلى المجزرة على الخطوط الأمامية. ومن الجهة الأخرى أعدت قيادة داعش العراقية خطط مقاومتها باحتراف عسكري، فشكلت خلايا صغيرة تربض في بيوت سرية وتجند مخبرين سوريين كثيرًا ما يكونون جواسيس سابقين لنظام الأسد. واستهدف داعش قادة المعارضة السورية المسلحة، والمسؤولين المحليين وغيرهم من الوجهاء بأعمال الخطف أو الاغتيال لإحكام سيطرته على بلدات ومدن كاملة.&&وتعمل قيادة داعش العراقية التي يُقال انها تتألف أساسا من ضباط عراقيين سابقين ومسؤولين في حزب البعث العراقي، بسرية شديدة حتى أن المقاتلين الاعتياديين لا يعرفون إلا "اميرهم" المحلي المباشر. وبالاضافة إلى الخلايا المحلية شُكلت في وقت مبكر قوة خاصة من نحو 100 عراقي وتونسي مسؤولة عن عمليات الخطف والاغتيالات وتنفيذ عمليات نوعية ، وهي تعمل بصورة مستقلة. ويُرجح ان تكون هي المسؤولة عن اغتيال العديد من قادة المعارضة السورية المسلحة خارج الأراضي التي يسيطر عليها داعش فضلا عن أعمال خطف.&&ولا يعاني داعش نقصًا في السلاح والعتاد، لأسباب منها ما غنمه من الجيش العراقي مؤخرا. ولكن يبدو أن لدى داعش مصادر تمويل وفيرة ايضا ولكن لا يُعرف مصدره على وجه الدقة. وكان داعش يحقق ايرادات من بيع النفط لنظام الأسد ويُعتقد انه تسلم ملايين من باريس ومدريد، كانت فدية مقابل الافراج عن مواطنين فرنسيين واسبان. كما يُعتقد أن داعش نهب زهاء 420 مليون دولار من فرع البنك المركزي العراقي في الموصل. &&البغدادي&ويبقى زعيم داعش ابو بكر البغدادي ايضا شخصية يلفها الغموض. ويقال ان اسمه الحقيقي هو عواد ابراهيم البدري، من مواليد مدينة سامراء عام 1971 ويدعي انه ينحدر من آل البيت. وتردد انه كان إمام مسجد خلال الغزو الأميركي، وشارك لفترة في المقاومة الاسلامية. وفي عام 2005 اعتقلته القوات الأميركية ورمته في معتقل بوكا حيث اتصل بتنظيم القاعدة.&وبعد الافراج عنه انضم إلى القاعدة واصبح قائد فرع التنظيم في العراق عام 2010. وبعد ثلاث سنوات تولى قيادة داعش واختلف مع زعيم القاعدة ايمن الظواهري، واعلن الأميركيون مكافأة قدرها 10 ملايين دولار على رأسه.&&تنظيم يحكم بالارهاب&من المستبعد ان يكون داعش قادرا على الاستمرار في احتلال رقعة كبيرة من الأراضي العراقية فترة طويلة. فالأحكام التي يفرضها على السكان شديدة القسوة وسطوته الارهابية لا تعرف إلا العنف الدموي. وتباهى عناصر داعش مؤخرًا بإعدام آلاف الجنود العراقيين الشيعة.&&ويقول الباحث الأميركي المختص بالجماعات الارهابية مايكل فايس"ان داعش عامل مساعد للحرب الأهلية المقبلة في العراق". ويمكن لنزاع كهذا أن يسفر في النهاية عن تقسيم اراضي العراق وسوريا إلى دولة كردية واخرى سنية وثالثة شيعية.&&&ولكن ما زال هناك عراقيون مثل عبد الجبار احمد عبد الله، يؤمنون بأن بلدهم سيبقى موحدًا رغم كل التكهنات بخلاف ذلك. وعبد الله استاذ جامعي اختصاصه العلوم السياسية ومحلل سياسي رصين. وهو يقول إن أحداث الأيام الماضية "كانت متوقعة تماما" مشيرا إلى "ان جميع المحاولات لبناء مؤسسات في العراق باءت بالفشل" منذ سقوط نظام صدام قبل 11 عاما.&&ويحمِّل عبد الله رئيس الوزراء نوري المالكي، مسؤولية المصائب التي يعاني منها العراق. &وهو يرى ان المالكي طائفي متعصب لا يهمه سوى هيمنة طائفته وبقائه سياسيا.&ونقلت مجلة شبيغل اونلاين عن عبد الله ان سلوك المالكي يتسم "بعدم الثقة بأي شيء وأي احد" من الكرد في الشمال إلى ابناء طائفته الشيعة في الجنوب. وهو شديد العداء للمكون السني، كما يقول عبد الله.&&&وفي مقابلة أجرتها شبيغل مع المالكي في آذار (مارس) الماضي رفض تهمة تهميشه السنة بحركة من يده قائلًا إن الصراع بين المكونات الدينية "عملية سياسية طبيعية تماما". وأضاف أن كل طرف "نال النصيب الذي استحقه استنادا إلى أدائه الانتخابي". &&الدلالة الرمزية لسقوط الموصل&لسقوط الموصل دلالة رمزية بالغة الأثر، لأنها تفتح صفحة جديدة من تاريخ العراق بعد 11 عاما على تغيير النظام. وكانت أول انتخابات محلية حرة جرت في الموصل عامي 2003 و2004 &حين كان الجنرال ديفيد بترايوس قائد فرقة قوامها 23 الف جندي في شمال العراق اوائل عام 2004. &وفي عام 2007 خُفض عددهم فجأة من 9000 إلى 3000 جندي فأسهم ذلك في زعزعة وضع أمني هش اصلا.&&&&ثم تولى الرئاسة في الولايات المتحدة باراك اوباما الذي عارض الحرب منذ البداية وأراد الانسحاب من العراق بأسرع وقت. وتتمثل المفارقة في أن اوباما قد يجد نفسه مرغمًا عما قريب على دعم حكومة المالكي عسكريا. وقال مؤخرًا انه يدرس جملة خيارات عسكرية باستثناء وضع قوات على الأرض. واعلن أوباما مساء الجمعة انه يمكن أن يدعم المالكي عسكريًا على ان يكون هذا مستعدا لتقديم تنازلات سياسية تطمئن السنة.&نفتدي كردستان بأرواحنا&إن ائتلافا غريبا يمكن ان ينشأ في ظل هذه الصورة المتشابكة، إذ شهدت الأيام الماضية بالونات اختبار اطلقتها ايران بشأن إمكانية التعاون مع الولايات المتحدة لمعالجة الوضع في العراق واجرى الجانبان محادثات قصيرة حول القضية يوم الاثنين. &فان لدى ايران والولايات المتحدة مصلحة مشتركة في مواجهة التطرف الاسلامي السني. ولكن الجانبين أعلنا عقب المحادثات، ان التنسيق العسكري بينهما ليس واردًا. كما يمكن ان تقدم الولايات المتحدة دعمًا اشد فاعلية لفصائل في المعارضة السورية تقاتل داعش رغم مخاوفها السابقة.&&&في هذه الأثناء يشعر مسعود علي، اللاجئ في اربيل بالحنين إلى مدينته ويريد العودة إلى الموصل بأسرع وقت ممكن قائلا انه يريد السلام. &ولكنه يعرف ان السلام ليس في متناول اليد الآن. &وهو لا يثق بداعش ولكنه يخشى ايضا هجوم القوات الحكومة على مدينته متوقعا ان يستخدم المالكي الطيران الحربي لقصف الموصل.&&&وأقامت قوات البشمركة الكردية قاعدة تبعد مئات الامتار عن خيمة مسعود. &وهي ترفع علم اقليم كردستان في القاعدة. &وقال الضابط الكردي آراس محمد "سنفتدي كردستان بأرواحنا ، فالبشمركة لا يفكر في نفسه ابدا بل في حماية الآخرين فقط. &وهو لا يفر". &وترسل قوات البشمركة مقاتلين إلى الموصل لنقل عائلات بأمان من المدينة وهي تحمي اللاجئين خارج اربيل ايضا.&&في اربيل جلس شيخ على احدى المصاطب التي يبللها رذاذ نافورة وسط ساحة عامة قرب سوق المدينة. &وقال الشيخ بلهجة غاضبة لمجلة شبيغل اونلاين ان الولايات المتحدة هي المسؤولة عن تفكك بلده العراق. &وصرخ ملوحا بعصاه "ما كان على الأميركيين ان يغادروا بهذه البساطة ، هم الذين اوصلوا بلدي إلى نقطة الانكسار".&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف