أحلام الليبيين بثورة 2011 لم تمت
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
طرابلس: على بعد أمتار من الموقع الذي كان يلقي فيه معمر القذافي خطاباته، يسير خليفة مع زوجته وبناته الثلاث الاربعاء في ساحة الشهداء في طرابلس يلوحون بعلم ليبيا احتفالا بذكرى انطلاق الثورة التي اطاحت بحكم ديكتاتوري استمر أربعة عقود.
على الطرق المؤدية الى الساحة التي كان يطلق عليها اسم "الساحة الخضراء" خلال حكم القذافي، تجمع الاف الاشخاص، واطلقت السيارات ابواقها احتفالا، وتصاعدت من بعضها الاناشيد التي طبعت ايام الثورة، واشهرها نشيدا "تعلى بالعالي" و"سوف نبقى هنا".&
ورغم النزاع المسلح على السلطة وتدهور الاقتصاد وتصاعد التهديد الجهادي، يجد خليفة، مثله مثل ملايين الليبيين، مساحة أمل في ذكرى الثورة التي سقط فيها عشرات الالاف من القتلى، بان تشهد البلاد قريبا بداية تحقيق الاهداف التي قامت من اجلها الثورة.
وقال خليفة "نحب هذه الثورة ونحب هذه الحرية، فقد استعبدنا نظام القذافي لمدة 42 سنة". الى جانبه، عبرت بناته عن فرحتهن بوضع قبعات على رؤوسهن عليها علم الاستقلال بالوانه الحمراء والسوداء والخضراء.
لسنا نادمين
وتشهد ليبيا منذ ثورة العام 2011 فوضى أمنية عارمة بعدما لم تتمكن السلطات التي ورثت الحكم من نظام القذافي، من سحب الاسلحة من الجماعات التي قاتلت النظام السابق.
وأدت الفوضى التي سرعان ما انسحبت على الاقتصاد والسياسة، الى نزاع مسلح على الحكم قبل اكثر من عام ونصف قسم البلاد بين حكومتين تتنازعان على الشرعية، وسط محاولات من الامم المتحدة لتوحيدها في حكومة وحدة وطنية لم تر النور حتى الآن.
وفي خضم الانقسام السياسي والانهيار الاقتصادي والحرب المستمرة، وجد تنظيم الدولة الاسلامية موطئ قدم له في ليبيا وسيطر على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) ويعمل على التقدم نحو مناطق محيطة.
وقال ممثل الامين العام للامم المتحدة مارتن كوبلر في بيان اليوم "لا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب لتحقيق اهداف الثورة"، مضيفا "لتكن هذه المناسبة شرارة انطلاق +ثورة ارادة+ ضد الانقسام ولاستعادة وحدة البلاد وشعبها الذي اسقط النظام الاستبدادي الذي حكم ليبيا لاربعين عاما".
وتابع كولبر "بذلت تضحيات كبيرة عام 2011 ولا تزال توجد حاجة لتقديم تضحيات كبيرة اليوم".&
وعلى الرغم من الصورة القاتمة، بدأ الاشخاص يتدفقون الى ساحة الشهداء منذ الصباح، وسط اجراءات امنية مشددة شملت نشر حواجز امنية في مناطق متفرقة في طرابلس، واغلاق بعض الطرق القريبة من الساحة واستخدام الكلاب البوليسية.
وزينت الابنية المحيطة بالساحة وقلعة طرابلس المطلة عليها حيث كان يلقي القذافي خطاباته، باعلام ليبيا ما بعد الثورة، وعلقت لافتات ضخمة على جدران بعض الابنية التراثية التي تعود الى عهد الاحتلال الايطالي كتب عليها "لن ننسى شهداء ليبيا".
في الساحة، وقف عبد الباقي مع ابنته وابنائه الثلاثة يلوحون بالاعلام ويتابعون الطائرات العسكرية وهي تعبر سماء العاصمة بسرعة فائقة، لتغطي اصوات محركاتها على اناشيد الثورة التي تصدح من مكبرات الصوت في ارجاء الساحة.
وقال عبد الباقي "رغم كل شيء، ورغم السياسة والانقسام، هذا يوم الفرح. يجب ان نبث روح الثورة في نفوس اولادنا (...) بغض النظر عن اي شيء آخر في بلادنا في هذا الوقت".
واضاف رجل الاعمال الذي ارتدى ملابس سوداء ووضع نظارة سوداء "لسنا نادمين (...) لكننا لا نريد ان يشمت الاعداء بنا. بلادنا فيها خيرات كثيرة وتتسع للجميع. اقول لليبيين لا تندموا على اي شيء، لكن حاولوا ان تبنوا بلادكم وان تتوحدوا".
كآبة وحزن في بنغازي
وانتشرت في الساحة الرمز خيم اقيمت داخلها مسابقات للاطفال، بينها لعبة رمي السهام، وانتشرت فيها ايضا اكشاش الاكل والحلوى.
ولف بعض المشاركين انفسهم بالعلم الليبي الذي كان يباع على طاولات توزعت عند اطراف الساحة، الى جانب القمصان والاكواب والاساور التي تزينت كلها بالعلم الليبي.
لكن هذه الاحتفالات العارمة لم تنسحب على بنغازي (الف كلم شرق طرابلس)، مهد الثورة الليبية، والمدينة التي تمزقها منذ نحو عامين حرب ضروس بين قوات موالية لسلطة يعترف بها المجتمع الدولي، ومجموعات مسلحة بعضها اسلامية.
وقال مراد الفيتوري (38 عاما) لمراسل فرانس برس "لا توجد احتفالات في بنغازي حتى الان. الناس نازحة وكئيبة... الناس حزينة جراء الحرب. هناك شهداء وايتام وارامل".
لكن فدوى (21& عاما) اعتبرت ان الثورة التي اطلقتها مدينتها تحتاج الى مزيد من الوقت لتنجح وتحقق ما هدفت اليه.
وقالت "الثورة كانت ضرورية، الثورة لا تنجح فورا على اية حال. قدمنا تضحيات كبرى وسنقدم تضحيات اكبر، ونحن على امل بان بلادنا ستبعث من جديد".