فضاء الرأي

العالم العربي بين مطرقة المقاومة و سندان التغيير

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

"إذا أراد الإنسان أن يعيش، فعليه أن يتغير " على حد تعبير " ياسبيرز". هذه المقولة الفلسفية وإن كانت وصفةسحرية موجة للفرد، إلا أنها مدخل جيد لإنقاذ الشعوب من الانقراض الحضاري... فمشاهد الموت و التشريد و العنف التي مصدرها العديد من بؤر الدمار في العالم العربي و الإسلامي، تدعو إلى الوقوف لحظة للتفكير والتأمل ومن تمت البحث عن مخرج أمن لوقف مسلسل الانتحار و الاندحار...

مع نهاية عام 2016 وبداية عام جديد، نسجل أن العالم العربي و الإسلامي على خلاف باقي أقطار و أصقاع المعمورة، يشهد موجة من العنف و الهرولة إلى الخلف،سياق عام يعرف تحالفا أسودا بين العنف و الاستعباد و التخلف و التبلد و الجهل.. وهي سمة مشتركة طبعت مسار المنطقة طيلة العقد الأخير. أمام هذا التحالف نكون مجبرين على طرح سؤالين محوريين: من المسؤول عن هذا الاندحار؟ و ماهي بوابات التغيير المتاحة ؟.

أكيد أن الإجابة عن كلا السؤالين في مقال صحفي تكاد تكون مهمة غاية في الصعوبة، بحكم تشابك الخيوط و تداخل العوامل المؤججة لإعصار العنف الذي يجتاح المنطقةفحالة العنف و العنف المضاد لها أكثر من أب، وبوابات التغيير لها أكثر من منفذ و مدخل:

 

أولا - شركاء الاندحار: 

الاندحار الذي تشهده المنطقة له أكثر من أب، فهو نتاج طبيعي للاستبداد السياسي في الداخل و التدخل الأجنبي السافر و الاحتلال المباشر أو غير المباشر للعديد من الأقطار العربية و الإسلامية و على رأسها فلسطين، فجزء أساسي من الانهيار مرتبط بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وما صاحب ذلك من تراكم المظالم و المآسي و الانتهاكات  الجسيمة لحق شعب في الوجود و العيش بسلام .

وبينما لا زال الجرح الفلسطيني ينزف، شهدت المنطقة جرحا أخر تدمير العراق من قبل الولايات المتحدة وحلفاءها، و استمر مسلسل الدمار في أفغانستان و لبنان و اليمن و ليبيا و سوريا..، فحجم الدمار والقتل لن يولد إلا العنف و العنف المضاد، فمشاهد الدم لن تفرز إلا سيكولوجية العنف. 

و إلى جانب هذا العنف الذي مصدره التدخل الأجنبي،هناك عنف الأنظمة السياسية القامعة للحريات و المنتهكة للحقوق ، فالأنظمة الحاكمة من الرباط إلى المنامة مسؤولة عن هذا الوضع المفكك و الدموي، فالشوفينية السياسية و التمسك المرضي بالكراسي و المكاسب  الشخصية و الفئوية ، و الانغلاق على الذات ورفض الرأي الأخر، وتغليب الولاء و الطاعة على الكفاءة و الأمانة، كلها عوامل أفرزتمجتمعات متشرذمة غير قادرة على النمو و الخروج من دائرة التخلف و الانحطاط الحضاري.

فالتخلف و الانحطاط الحضاري و شلالات الدماء هو ثمرة لفشل السياسات العمومية و الانبطاح للمخططات الأجنبية على حساب الإنصات لصوت الشعوب و الامتثال لتطلعاتهاالمشروعة في التحرر و العيش الكريم، لكن ماهي بوابات تحقيق هذه التطلعات ؟

 

ثانيا- بوابات التغيير:

 

وقف نزيف الدم و مسار التفكك يقتضي التغيير و الإصلاح، لكن الحديث عن الإصلاح و التغيير حديث  ذو شجون، فمن أين يبدأ التغيير هل من التربية و التعليم ،أمبالإصلاح السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي؟ الإصلاح و التغيير يمر عبر كل هذه المسارات ، فالعالم العربي و الإسلامي في حاجة إلى مدخلين لابد منهما : 

المدخل الأول : حسم الموقف العربي و الإسلامي من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين و باقي البلاد العربية ، فالقضية الفلسطينية مغناطيس جذب لشتات الأمة بمختلف تياراتها و ألوانها، ففلسطين كانت ولا تزال نواة مركزية للأمة ، لكن تفكك الأنظمة و توجهاتها القطرية ضيقة الأفق، أبعدت الشعوب عن الاهتمام بهذه القضية مقابل نزاعات بين الإخوة و الأشقاء في الدين و الوطن و التاريخ...

فحالة  الاحتقان و تأجيج نيران الصراعات الطائفية و الإثنية، و الاصطفاف الطائفي و تقسيم الأمة إلى شيعة و سنة و فرس و عرب ... ليست في صالح بلدان العالم العربي تحديدا، فإيران إن تمددت في المنطقة فقد وظفت القضية الفلسطينية و التدخل الأجنبي لتحقيق مكاسب استراتيجية على الأرض ، لذلك فإن مواجهة هذا التمدد ممكنة ومتاحة عبر :

 - دعم الشعب الفلسطيني و توسيع خياراته في مواجهة المحتل الصهيوني، 

 - المصالحة العربية / العربية،و العربية /الإسلامية...

 - الوحدة الترابية و الاستقلال الوطني و نبذ التدخل الأجنبي في شؤون المنطقة، فشرعية أي نظام سياسي تسقط بمجرد التفريط في السيادة الوطنية ..و للأسف أغلب البلدان العربية اليومية أصبح قرارها السياسي بيد غيرها... 

المدخل الثاني : وتحقيق استقلالية القرار السياسي الوطني و الإقليمي، لن تتم إلا عبر إصلاح سياسي حقيقي يتوخى إعادة القرار للشعوب، فالإصلاح و التغيير الشامل أصبح ضرورة ملحة، فحجم التحديات و التهديدات ينمو وفق متتالية هندسية، فكلما اتسعت الهوة بين الشعوب وحكامها كلما ازداد التدخل الأجنبي...فالأنظمة الحاكمة ضيعت الاستقلال الوطني، و دمرت بنية المجتمعات و تماسكها عبر دعم الخلافات و التباينات الاثنية و الجغرافية، و قمع الحريات السياسية والمدنية، وتقييد حرية الإبداع و الابتكار، وفشلها في تحقيق تنمية سليمة ومتوازنة...

فالعالم العربي و الإسلامي لا يفتقر للموارد، و لكن يفتقر للحكم الرشيد و المشاركة الشعبية الحرة والنزيهة في صياغة القرارات العامة...إن استهانة الأنظمة الحاكمة و صناع القرار بدعوات الإصلاح و التغيير، تكلف الأنظمة و الشعوب معا، لانريد مزيدا من الدمار لبلداننا السيناريو السوري و الليبي و اليمني مؤلم للجميع ، نناشد القوى الحية بالوطن العربي أن تستمع لصوت الحكمة و العقل و الدين ، الدماء التي تسفك والبنية التحتية التي تهدم ستكلفنا قرنا من الزمن لإعادة الوضع كما كان بالأمس، الكل خاسر، المستفيد الوحيد من الوضع الحالي إسرائيل و الغرب، فدماء و أموال أهل المنطقة تسخر لضمان أمن و ازدهار إسرائيل و معها بالطبع البلدان الغربية...

للأسف المنطقة لاينتظرها في القادم من الشهور و السنوات إلا المزيد من العنف و الدمار و التفكك، ما لم يتم وقف مسلسل الانحدار نحو الهاوية، عبر المصالحة بين الشعوب و حكامها و نبذ الخلافات البينية بين البلدان العربية ومحيطها الإسلامي، فأجندة العمل تمر عبر مطرقة مقاومة المحتل الأجنبي، و سندان تحصين الجبهة الداخلية بتغيير فلسفة الحكم من حكم استبدادي فردي أو أوليغارشي إلىحكم رشيد و ديمقراطي...

 

 

*إعلامي و أكاديمي مغربي متخصص في الاقتصاد الصيني و الشرق آسيوي .

t.lissaoui@gmail.com

 

 

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
العصر الحجرى
فول على طول -

....تاريخ هذا المقال يعود للعصر الحجرى ... نفس الكلام المكرر .

مسلسل أنحدار نحو الهاوية
عربي من القرن21 -

سببه الخطاب الديني بشقيه , وبدون أصلاحه فتستمر المسيرة الظلامية , لقد أرهبتم العالم أيها الأرهابيين بتطرفكم وهمجيتكم نتيجة ذلك الخطاب الأقصائي لكل مختلف عنكم وبين بعضكم الآخر , الأصلاح الديني هو الحل وبالعلمانية هو التحضر والتسامح والعيش المشترك يا أيها الكاتب وليس التدخل والمؤامرات الخارجية وشماعة فلسطين دوختونا بها !!!..

اماراتيه ولي الفخر
اماراتيه ولي الفخر -

العالم العربي بين مطرقة المقاومة و سندان التغيير))<< قصدك العالم العربي والغربي بين مطرقة المقاومه الفاشله والسقوط في الهاويه الا من رحم ربي "" الدين والثقافه"" مسلسل أنحدار نحو الهاويةعربي من القرن21 - GMT 15:05 2017 الإثنين 2 ينايرسببه الخطاب الديني بشقيه , وبدون أصلاحه فتستمر المسيرة الظلامية , لقد أرهبتم العالم أيها الأرهابيين بتطرفكم وهمجيتكم ))<<<طبعا الهجوم المستمر على الاسلام فقط لانه حقيقي والمطلوب التحول لدين الاول "" اليهودي العالمي والوحيد لصاحبه ملك مملكة جبل صهيون وصلة الرساله "" اما باقي تعليقك فأنت تعرف ان لا قيمه له مجرد سخافه وانت مثل الببغاء الغبيه تردد