كتَّاب إيلاف

حينما تأتيك الأماني طوع يديك

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

زارتني قبل أمدٍ ليس ببعيد عائلة ابنتي المقيمة في بلاد الثلج والزمهرير فهللتُ فرحا بهم بعد ان ولّت الوحشة منّا وحزمت حقائبها ورحلت هي الأخرى لتفسح المجال لنا لننشر دفء المحبة ونجتمع معا في ايام جميلة قد لاتتكرر لاحقا .

كنت على الدوام طيلة وجودهم معي ألاعب أحفادي الصغار؛ وكم يتشوق شيخ هرم مثلي ان يرى نبته يكبر وينمو ويشيّد عائلة متحابّة ويثمر هو الآخر أغصانا وبراعم يانعة تنعم بربيع لقاء كاد ان يكون عسيرا ولمّة حلوة أوشكت ان تصير حلما صعب التحقيق ، فما أحلى اللعب مع الصغار والاستزادة من فيض البراءة الملائكية والطهر والعفويّة الكامنة فيهم حينما تجيئك بكل محبة وتعلّق وهي تشدو أمامك : جدو   جدو  .

ففي يوم جمعةٍ وخلال وجودهم وقضاء زيارتهم معنا هممتُ ان أزور اصدقائي كعادتي في نهاية الاسبوع وأصلهم في شارع متنبي بغداد كي نلتقي ونتبادل الحديث في الأدب والسياسة وأوضاعنا المربكة وغير المربكة واعتذرت منهم وأستأذن بالرواح الى لقاء اصدقائي لأنيسأغيب عنهم بضع ساعات ؛ فأصرّت إحدى حفيداتي ان تكون بصحبتي وتجول معي هناك فشعرت بالفرح لأنها لم ترَ مرفق بغداد الجميل وسوق كتب المتنبي ويكاد يكون هذا المكان الوحيد المتميز بجماله في حالنا الكئيب المكفهرّ الآني .

أزادتْ من طلباتها دلالاً مع جدّها وقالت انها تريد سماعة هاتف نقّال من النوع الفاخر لتتسلى وحدها بتلفونها الذكي الجديد مع دمية " باربي " وأضافت طلبا آخر بالوناً ملوّنا كبيرا فأذعنت لتلبية كلّ طلباتها .

ما ان وصلنا مقصدنا ؛ جلست في المقهى المعتاد فور وصولي الىهدفي حتى استقبلني احد الأصدقاء الأدباء مرحبّا سعيدا بقدومنا وفجأة وبدون سابق انذار منه أخرج من جيبه سماعة هاتف جميلة جدا وملوّنة وأعطاها لحفيدتي بكل رحابة صدر دون ان يدري انهاتتشوق لشرائها .

حقا دهشت لهذه الهدية الصدفة لكني كتمت دهشتي أمام صديقي واستأذنته بالانصراف شاكرا صنيعه على أمل العودة مجددا بعد تلبية طلبات حفيدتي الأخرى .

وما ان خرجت من باب المقهى حتى بادرني صديق آخر وأعطى حفيدتي بالونا منتفخا غاية في الجمال وأخذتْـه في يدها مسرورة بهوهو معلق بخيط يتراوح في الهواء . 

بعدها دخلنا المركز الثقافي البغدادي ورأينا وسط ساحته أنواعا من الدمى " الباربية " الزاهية الألوان ؛ فقررتُ ان اشتري لها ما يروقها فسألت احد الواقفين جنب الدمى عن سعر لعبة أشرتُ اليها فقال لي ان الألعاب هنا لا تباع ولكن يمكنك أخذها كهدية لهذه الفتاة الرقيقة القلب بدون مقابل لو أجبْـتـني على سؤال تُخرجه مكتوبا في قصاصة ورق في هذا الصندوق القريب منك ، ومددت يدي وانتشلت ورقة كُتب عليها سؤال يَسير أجبت عليه عاجلا فأعطاني الدمية التي أعجبت حفيدتي وهو في غاية الامتنان والحبور .

ما هذه الصدف الثلاث السعيدة التي أبهجت صغيرتي قبل انتبهجني وحفظت نقودي في جيبي التي خصصتها للشراء !!

اية فسحة ممتعة وأنا أرى كلّ ماتهفو اليه حفيدتي يأتيها ويغدو طوع أمرها في بلاد أجدادها التي تطأها اول مرة ؟؟! 

لا أخفي اني لم اكن أعبأ قبلا بما يقال بان الصدفة خيرٌ من ألفميعاد حتى لمستها بيديّ ورأيتها بأمّ عينيّ .

وكم كنت جذلا سعيدا يومها وانا أتملّى حفيدتي الصغيرة تبدو عليها بشائر البهجة في وطن أجدادها الذي منحها كرم أهليه النجباء وأراها نبل العراقيين الذي سيعلق بذاكرتها طوال حياتها وربما تقصّ حكايتها على أولادها وأحفادها كما قصصتها أنا عليكم الآن .

 

جواد غلوم

jawadghalom@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف