عباس ومشعل: لن نخرج إلا متفقين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إسرائيلترى حوار مكة فرصة أخيرة للصراع الفلسطيني الداخلي
عباس ومشعل: لن نخرج إلا متفقين
غزة مشدودة الأعصاب وتخشى لعبة عض الأصابع
غداً نفير عام بالقدس وصلاح يرفض الإفراج
انطلاق محادثات فتح وحماس اليوم في مكة
السعودية وتناقضات القضية الفلسطينية
عباس ومشعل يؤكدان: لقاء مكة سيتوج باتفاق
العرب يوجهون أنظارهم إلى موسكو ومكة
كتائب الأقصى تهدد باستهداف دور العبادة
الياس يوسف من بيروت، إيلاف منمكة: انطلقت في قصر الصفا في مكة المكرمة جلسات الحوار الفلسطيني بين قيادتي حركة "فتح" ممثلة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وحركة "حماس" ممثلة برئيس المكتب السياسي خالد مشعل ورئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية.الجلسة الأولى كانت بعد ظهر أمس الأربعاء في حضور وسائل الإعلام، وبدأها الرئيس عباس بكلمة شكر فيها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيزعلى دعوته قادة الحركتين إلى الحوار في مكة المكرمة، وقال" إن ما يدفعنا إلى هذا الحوار هو ما جرى في الأيام الأخيرة ونسميها الأيام السوداء لا أعادها الله علينا. كانت نكبة من النكبات لا نريد أن تتكرر بأي حال من الأحوال، لا نريد لهذه الدماء أن تسفك أو تزهق، بل نريد أن يعيش أبناؤنا حياة كريمة محميين منا لا مهددين منا".
ثم عرض جدول أعمال مقترحاُ للحوار، تم التوافق عليه مع مشعل ممثلاً "حماس"، وتضمن عدداً من الملفات هي: تشكيل حكومة فلسطينية وطنية، الاتفاق على أسس المشاركة، إعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، والعمل على تعميق الوفاق الوطني، ليؤكد بعدها أن لا خيار للجميع إلا الخروج باتفاق ينهي الأزمة الداخلية بين الفلسطينيين.
وتوجه إلى الشعب الفلسطيني مبشرا إياه بأن جميع المشاركين في الاجتماع أكدوا ضرورة الخروج من الاجتماع بالاتفاق على كل ما يخدم الشعب الفلسطيني وقضيتهم العادلة . وأضاف: "نقول لأهلنا وأسرانا الذين توسموا فينا الخير وأرسلوا إلينا المشاريع والوثائق إننا إن شاء الله لن نخرج من هذا المكان المقدس إلا متفقين على الخير وبالخير، وعلى بركة الله ".
ثم أخذ الكلمة مشعل الذي قدم الشكربدوره للعاهل السعودي ، وقال: "جئنا إلى هذا المكان إرضاء لله أولا ثم من اجل شعبنا الذي يقاسي ويعاني سواء تحت الاحتلال أو في الهجرة والتشريد والشتات، ومن اجل أسرانا وأسيراتنا الذين يتطلعون إلى وحدتنا والى انطلاقة جديدة في مسيرة العمل الوطني الفلسطيني، ووفاء لدماء شهداءنا وجرحانا الذين دفعوا ضريبة الوطن، ومن اجل جماهير امتنا العربية والإسلامية التي تعيش فلسطين والقدس في قلوبهم وساءها اختلافنا السياسي، وساءها أكثر اختلافنا في الميدان".
وتابع: " تكفينا حرمة هذا المكان، فنحن على مشارف الكعبة المشرفة التي نتشرف بأن نكون حولها، وحرمة الزمان، متأثرين بحرمة الدماء وبرعاية الأشقاء وحرص شعبنا وأمتنا على أن تنفق إن شاء الله" .
وأضاف موجها حديثه إلى الفلسطينيين:" اطمئن أهلنا في فلسطين وخارج فلسطين وامتنا إلى أننا بإذن الله لن نبرح هذه المكان إلا متفقين، فليس أمامنا إلا أن نتفق، جئنا بهذه النية والإرادة والله سبحانه وتعالى سوف يوفقنا، وسوف ينزل علينا السكينة والطمأنينة لنخرج من هذا المكان المبارك متفقين إن شاء الله".
مشعل والعناوين
وعقب مشعل على الملفات والعناوين التي طرحها الرئيس الفلسطيني مؤكداً الاتفاق عليها ، لكنه فضل عرضها " بطريقة أخرى، باعتبار أن هدفنا استعادة الأرض، والمناقشة في شأن حق العودة، وبناء المستوطنات على الأرض الفلسطينية". وكرر القول:" أنا مع العناوين . نريد أن نحقق شراكة حقيقية بين الفصيلين، لننطلق من خلالها إلى كل همومنا، وسيحترم المجتمع الدولي اتفاقنا".وأكد مشعل خلال كلمته أن جلسات الحوار لن تنتهي إلا باتفاق ولا مجال لغير ذلك . وأضاف:" تكفينا حرمة المكان، وحرمة الزمان فنحن في الأشهر الحرم، متأثرين بحرمة الدماء".
كلمة هنية
بدوره طالب رئيس الوزراء الفلسطيني البدء بكلمته بعد مقاطعته للرئيس الفلسطيني الذي علق قائلا " نعم ... سواء بقيت هذه الحكومة أم رحلت لابد من كلمة، تفضل يا أبو العبد".
هنية وجه شكره إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله على نداءه الفصائل اللقاء في مكة، معتبراً أن "ما يحدث في فلسطين ليس هماً محليا خاصا بأبناء فلسطين وحدهم، بل هو هم عربي وإسلامي، على أمل أن يكون هذا اللقاء فتحاً جديداً للعلاقة بين الأطراف المتقاتلة". وطالب المجتمعين بإعلان ميثاق شرف تحقن من خلاله الدماء، ويؤكد حرمة الإعتداء على النفس والممتلكات بين الطرفين، مبيناً أن المطلوب هو تنفيذ حل شامل يشمل كل الأمور لا أن يكون حلا جزئيا يؤجل الاحتقان.
وقال:" نحن نجلس في هذا البلد الحرام إلى جانب رحاب الكعبة، أتوقف أمام إخواني جميعا وأبناء شعبي الفلسطيني ببعض المعاني التي نستلهمها من هذا المكان لتظللنا إنشاء الله في حوارنا هذا، أولا رسولنا صلى الله عليه وسلم وفي خطبة الوداع ومن مكان قريب من هذا البيت العتيق، أعلن ميثاق شرف لهذه الأمة أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، وأنا اعتقد أننا أحوج ما نكون إلى ميثاق شرف منطلق من هذا النداء النبوي العظيم، لنؤكد إن شاء الله بأن دمائنا وأعراضنا وأموالنا ومؤسساتنا ومقدراتنا هي حرام علينا جميعا . فنعود إن شاء الله من هذا الحوار لنحقن ونصون الدماء الفلسطينية، ولنعزز هذا المفهوم الإيماني وهذا الميثاق العظيم الذي رسخه حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم من على جبل عرفة في حجة الوداع، يوم كان يخاطب هذه الأمة من قريب أو من بعيد" .
وتابع: "إن هذا المكان يرمز إلى وحدة الأمة، وهو القبلة التي يتجه إليها الناس جميعا من مشارق الأرض ومغربها وتتوحد عليها القلوب والنفوس والمعاني، من هنا لابد أن نستلهم هذه المعاني العظيم من هذا المكان وهي الوحدة والتوحد وترسيخ، وإن شاء الله في حوارنا ولشعبنا وبعد عودتنا بكل هذه المعاني، تتحقق حكومة وحدة وطنية. والمهم إن شاء الله ألا نخرج إلا وقد ظللنا شعبنا بهذا المعنى الذي يرمز إليه هذا البيت العتيق وهذه الكعبة المشرفة".
نداء إلى المقاتلين
وقبل أن تخرج وسائل الإعلام من القاعة الخاصة بجلسات الحوار طلب مشعل باسمه وباسم الرئيس الفلسطيني توجيه نداء إلى جميع العناصر التابعة للفصيلين للانضباط التام في الشارع، كي يجري الحواربهدوء خلال الجلسات، فوافقه "أبو مازن" قائلا:" نعم .. خلال الجلسات وبعدها".
إسرائيلياً
تبين جولة على المواقع الإلكترونية للصحف الإسرائيلية الرئيسية، هآرتس ومعاريف ويديعوت أحرونوت، أنها تعتبر محادثات مكة المكرمة فرصة شبه أخيرة لتجنيب قطاع غزة الغرق في الدماء.وأوردت هذه الصحف أن المملكة العربية السعودية، تسعى إلى حمل "حماس" على الإنضباط كي تحقق هدفين استراتيجيين: سحب فلسطين من دائرة تأثيرالجمهورية الإسلامية في ايران، والتحرر من الحظر الذي فرضته إسرائيل والأسرة الدولية على الدول العربية في كل ما يتعلق بمساعدة الفلسطينيين.
وترى أن "تأثير إيران لا يتعلق بالتفاعل السياسي والثقافي في الشرق الاوسط، فقد تحولت ايران تهديد للهيمنة العربية الوهمية هي أيضا في المنطقة، إذ أن طهران تدس أنفها في العراق، وتوجه "حزب الله" في لبنان وبالتالي سياسة هذا البلد ، وهي تطور التكنولوجيا النووية لتقوية نفوذها، وها هي فلسطين الآن تنضم الى مجال التأثير الايراني عبر "حماس".
كما إن التزام دول عربية تُعتبر معتدلة حالياً سياسة واشنطنفي محاصرة "حماس" تُحبط القدرة على تحييد التأثير الايراني، ذلك انه من دون فتح أنبوب المساهمات العربية ستواصل ايران دورها كسيدة للعبة. من هذه النقطة ينطلق التكتيك الذي تتبعه المملكة العربية السعودية أيضا. لا لمزيد من الاعتراف الأعمى بالصلاحية الأوسع التي يتحلى بها محمود عباس كرئيس في مقابل رئيس الحكومة هنية، بل منح مكانة مماثلة لكليهما. وهذا يعني اعترافا كاملاً بمكانة اسماعيل هنية وتلميح إلى واشنطن بأن مقاطعة حماس آخذة في التلاشي. وهذا هو أيضا السبب الذي جعل السعودية تحديدا وليس مصر هي التي تبادر على غير عادتها للقيام بهذه المبادرة السياسية العلنية، ذلك انه على خلاف الدول الأخرى، تملك السعودية القدرة على ليّ الأذرع، وليس فقط في أوساط دول عربية.
لا يعني هذا الأمر ان الاتفاقات التي سيتم التوصل اليها في السعودية ستُترجم فورا في أزقة غزة. فالعنف الكبير، قتل الجيران والأقارب، طموح الانتقام وحب السلطة، كل هذه الأمور لا يمكنها ان تهدأ الآن، لكن على الأقل على مستوى القيادة القطرية قد ينشأ ذلك التعاون الضروري.
وتتابع:"بات من الصعب جدا وقف هذه الحرب، لا بالاتفاقات، لا باللقاءات بين الرئيس محمود عباس وخالد مشعل ولا بواسطة التدخل السعودي، السوري او المصري، بل ان حكومة الوحدة الوطنية لن توقف المعارك التي ستستأنف عاجلا أم آجلا. في وسائل الاعلام الاسرائيلية يتحدثون عن فلتان أمني، عن حرب بين عصابات وميليشيات. هذا الوصف يخطئ الواقع، الحرب هي بين حماس وفتح، أما الميليشيات والمنظمات الأخرى من الجهاد الاسلامي وحتى الجبهة الشعبية، فلا تشارك فيها. وهي بالذات تحاول التوسط والتوصل إلىالحلول الوسط ووقف الحرب. والجماهير لا تشارك كذلك في القتال، فهي تبقى في البيوت.
حماس تقف في هذه الحرب مع ١٠ آلاف مقاتل، ٦ آلاف من القوة التنفيذية التي أقامتها الحكومة التابعة لها و ٤ آلاف مسلح من "كتائب عز الدين القسام" . هؤلاء المسلحون مدربون ومنظمون جيدا في أطر شبه عسكرية، ومزودون بكل الوسائل القتالية: بنادق قناصة، أجهزة اتصال، سترات واقية، وسائل للرؤية الليلية، بنادق كلاشينكوف، قنابل يدوية، قاذفات "آر بي جي" وذخيرة دون قيد تقريبا. وهذه قوة مستعدة للقتال تدربت في السنتين الأخيرتين استعدادا لحرب أهلية أيضا. وفي مقابلها، رجال فتح الموالون لأبو مازن فضلا عن قوات الأمن الوطني، يبلغ عددهم نحو ٦٠ الف مسلح، معظمهم ينقصهم التأهيل القتالي ، مع سلاح خفيف، ونقص في الذخيرة والوسائل اللوجستية لم يتدربوا استعدادا للقتال ضد حماس. وهم أشبه بعناصر دفاع مدني يواجهون مقاتلي وحدات مختارة. حماس بعثت الى المعارك في الأيام الأخيرة ١٠٠ في المئة من قواتها، بينما فتح ومؤيدوها أخرجوا الى المعركة أقل من ١٠ في المئة من المقاتلين. ومع ان فتح نجحت في معركة الجامعة الاسلامية، فإنها تلقت الصاع صاعين في أمكنة أخرى. معظم قتلى نهاية الأسبوع الأخير هم من فتح، وفي نهاية هذا الأسبوع كانت يد حماس هي العليا.
الحرب الفلسطينية لا تختلف عن الحروب الأهلية الأخرى. هذه حرب على القيم، على نمط الحياة، على الهوية المستقبلية للمجتمع والدولة: الوطنية الديمقراطية العلمانية لفتح، حيال الاسلام المتطرف لحماس. حماس تقاتل بحماسة باسم الدين مسنودة بالفتاوى التي تصف رجال فتح بالكفار وتمنح مبررا لقتل المسلمين.
مثل هذه الحرب وقعت في الجزائر، أما في فتح فيقولون ان المعارك تهدف إلى منع تحويل المناطق جزائر أخرى . حماس تتعامل مع رجال فتح على أنهم من أهل الردة الذين هجروا طريق الإسلام وأصدر الخليفة أبو بكر فتوى تسمح بقتلهم. وتشجع عليه. لكنهم في فتح يرون أنفسهم مسلمين حقيقيين، ويعتبرون حماس من الخوارج، المجموعة التي خرجت على الأمة الاسلامية وتشددت في الفرائض الدينية ورأت من لا يسير في طريقها كافرا حكمه الموت.
الطابع الطائفي والديني للمواجهة غير واضح حتى الآن . فالأطراف المتصارعة تتشارك في دين واحد وانتماؤها القومي موحد. ومن الجائز ان هذا يساهم، حتى الآن، في تقليص حجم الدموية والوحشية مقارنة بما يجري في العراق، غير انه ليس هناك ما يضمن بقاء الأمور على هذا النحو. في فتح شرعوا أخيراً في الحديث عن الخشية من استخدام حماس انتحاريين وسيارات ملغومة، وهي وسائل جرى تطويرها في الصراع ضد اسرائيل.
ويكمن سبب الفشل المتكرر لاتفاقات وقف النار أساسا في الكراهية المنفلتة التي تطورت بين الطرفين. ففي شبكات الاتصال اللاسلكي الخاصة بهم يسمي نشطاء حماس خصومهم من فتح ب "الكفار"، وفي فتح يسمون رجال حماس ب "الشيعة"، في اشارة الى علاقتهم بإيران، وهو ما تجسد في التقارير التي لم تتأكد عن خبراء متفجرات ايرانيين ألقي القبض عليهم في الجامعة الاسلامية في غزة. كما أن رغبة العائلات التي فقدت أبناءها في الثأر لهم، الى جانب عجز القيادة السياسية لحماس عن فرض إمرتها على ذراعها العسكرية ، تجعل استعادة الهدوء أمراصعباً.