تأنيث طاغ في رمزية إلى سعي دؤوب نحو المعرفة والحب
رجال عراة على ميدالية نوبل للسلام في دعوة لنبذ الحروب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تحمل ميدالية نوبل للسلام نحتًا لرجال ثلاثة عراة تمامًا، لكن الرمزية تتجاوز الظاهر، في توصيف ذلك دعوة خالصة إلى تكاتف الرجال لنبذ الحرب وصنع السلام.
اليوم الجمعة، وبفضل المساعي الحثيثة لسرعة تفكيك ترسانة النظام السوري من الأسلحة الكيميائية، قررت اللجنة المشرفة على منح جوائز نوبل أن تكون جائزة نوبل للسلام في هذا العام من نصيب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أن تقدم لها ميدالية ذهبية تخلدها وتزيد في رصيدها إنجازًا جديدًا.
إلا أنه لم يخطر في بال أحد، في غمرة الفرحة بنيل الجائزة، أن في الميدالية من العري ما لا يمكن السكوت عنه، إذ يقف في أحد وجهيها ثلاثة رجال عراة، يعرضون أعضاءهم التناسلية للعين، ويتكاتفون من أجل السلام.
دعوة عارية للسلام
غوستاف فايجلاند، أشهر نحات في النروج المتوفى في العام 1943، هو من صف هؤلاء الرجال عراة على ظهر الميدالية الذهبية الثمينة، فأتت مختلفة عن أي من ميداليات الجائزة الأخرى التي لا رجال فيها بل نساء.
حول الرجال العراة، حفر المصمم جملة لاتينية، ترجمتها بالعربية "من أجل السلام والأخوة بين الرجال"، وهي الجملة الوحيدة التي تحيد عن نمط الجمل المكررة على ميداليات الجائزة الأخرى.
وتقول غادة نور الدين، أستاذة الرسم والنحت في الجامعة اللبنانية، لـ"إيلاف" إن هذا النحت العاري، على الرغم من الصدمة التي يشكلها، يحمل فعليًا رسالة السلام، "واختيار الرجل للدلالة على أن الرجل يأمر بالحرب، ويقتل من أجل المكتسبات المادية، وهو أيضًا مدعو لحمل السلام في قلبه، من دون أية إضافات، ومن هنا تعريته، أي تخليص النية الذكرية من رواسب النزعة السلطوية، بما تستدعيه من تحرير الغرائز الحيوانية فيه، ودفعه إلى صناعة السلام، ولربما من هذه الصورة استوحى الغرب في ستينات القرن الماضي شعار Make Love Not War، في عز الثورة الجنسية التي ألمت بالعالم حينها".
رمزية التأنيث
في كل الميداليات، رأس ألفرد نوبل موجود على وجه، بينما تختلف الصور المنحوتة على الوجه الآخر. فبينها أنثى عارية الصدر، أو ذكر عار الصدر، من دون أن يظهر منه أي جزء يخدش الحياء، مع جملة موحدة، ترجمتها بالعربية "الاختراعات تغذي الحياة المتزينة بالفنون"، صممها السويدي إريك لندبرغ، المتوفى في العام 1966، وهي بيت من ملحمة الالياذة للإغريقي هوميروس.
وتقول نور الدين: "ظهور الأعضاء التناسلية المذكرة أكثر صدمًا من صورة امرأة بصدر عار مثلًا، فهذه يُرى إليها على أنها مشهد رمزي وفني، لا تخدش الحياء العام كما الذكر العاري بكامله".
تضيف: "في ميداليتي نوبل الفيزياء والكيمياء، تخرج أنثى عارية الصدر من بين الغيوم، والغيم هو الحجاب رمزيًا، وكأنها تكشف المستور، وبجانبها أنثى عارية الصدر أيضًا تكشف لها السرار بخلعها رباطًا يحجب نظرها عن الحقيقة، وعنا لا بأس في الصدر العاري، بل هو جميل مشهديًا، لأنه تمثيل حرفي للأنثى اللطيفة التي تؤثر الحب على العنف، وهي نفسها الأنثى التي تحمل شعلة الحرية، وتمسك عمياء بميزان العدالة، وحتى يؤنث الرجل بتكبير صدره في ميدالية نوبل للطب، يجلس وفي حضنه كتاب مفتوح، وبجانبه فتاة عارية الصدر يلقمها الدواء الشافي".