نشر الفوضى في المنطقة فأثار سخط الإسلاميين وخصومهم
بدء العد التنازلي لهزيمة داعش في سوريا والعراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
انتعش نفوذ داعش وتجاوز الحدود العراقية ليصل إلى سوريا، وأخيرًا لبنان بعد تبنيه تفجيرات هناك، وساعد شعور بعض السنة بالغبن والتهميش الطائفي على امتداده، إلا أن مراقبين يرون أن بداية نهاية التنظيم المتطرف في المنطقة لم تعد بعيدة.
في منطقة وضعت رمالها السياسية المتحركة حدود الدول موضع تساؤل، أرادت الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" أن تؤكد أنها اسم على مسمى. فالجماعة التي بدأت فرعًا لتنظيم القاعدة في العراق، استعادت قوتها منذ رحيل القوات الأميركية في أواخر 2011 وساعدتها على ذلك سياسة حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي عبر استعداء قطاعات واسعة من السنة، باستبعادهم وتهميشهم وملاحقة شبابهم، مستخدمة المادة 4 إرهاب سيئة الصيت.
تمددت دولة العراق الإسلامية إلى سوريا منذ نيسان/إبريل من العام الماضي، معلنة عن ذلك بإضافة الشام، التي تضم تاريخيًا لبنان أيضًا. وأخذت داعش معتمدة على تسليحها الأحسن وتمويلها الأكبر تقضم باطراد مناطق حررتها قوات المعارضة الوطنية السورية.
بداية النهاية؟
وبسطت داعش سلطة بالغة القسوة على امتداد حوض الفرات وعلى رقعة واسعة من شمال سوريا أيضًا. لكن مراقبين يرون أن توسع داعش وصل إلى نهايته، وبدأ العد التنازلي لانحسار الجماعة.
يقاتل مسلحو داعش، التي يقدر محللون أنها تضم في صفوفها نحو 7000 جهادي من أنحاء العالم، يقاتلون على ثلاث جبهات الآن. ففي سوريا تحوّلت موجة الغضب على ممارساتها وارتكاباتها إلى تسونامي بعد 31 كانون الأول/ديسمبر عندما أعادت جثة قائد في أحرار الشام وعليها آثار تعذيب. ثم أقدمت داعش على خطف خمسة موظفين في منظمة "أطباء بلا حدود" الفرنسية، وهي من المنظمات الإنسانية القليلة، التي ما زالت تعمل داخل سوريا.
كان هذا الاستفزاز القشة التي قصمت ظهر البعير. فتوحدت فصائل معارضة من كل صنف، وفي مقدمها الجيش السوري الحر، ومن ضمنها جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة أيضًا، كلها وضمت قواها طاردة داعش من معاقل لها في رقعة واسعة من شمال سوريا.
في الرقة، نقلت مجلة الإيكونومست عن مصادر في المعارضة السورية أن داعش تسيطر الآن على مبنى واحد فقط في المدينة، وأنها فقدت جميع المعابر الحدودية مع تركيا، التي كانت تسيطر عليها، باستثناء معبر واحد، فضلًا عن فقدانها مقر قيادتها في الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة من مدينة حلب، أكبر المدن السورية.
هدية للمالكي
كما تُلاحَق داعش في العراق، حيث سعت إلى استغلال مشاعر السخط والاستياء من حكومة المالكي بين السنة. وفي 3 كانون الثاني/يناير تمكنت من اجتياح مدينتي الرمادي والفلوجة في محافظة الأنبار. لكن مراقبين يرون أن هذه الخطوة قدمت خدمة مجانية إلى المالكي. فباتت المحافظة، التي تشكل ثلث مساحة العراق، تشهد اعتصامات واحتجاجات ضد حكومة المالكي منذ عام، من دون أن يجرؤ المالكي على إرسال جيشه لقمعها.
لكن داعش قدمت إليه ذريعة ودعمًا من الأميركيين، الذين وعدوا بتسريع وصول مساعداتهم العسكرية إليه، فضلًا عن وقوف رجال من مجالس الصحوة، الذين قاتلوا القاعدة من قبل إلى جانبه. في هذه الأثناء أفادت تقارير أن داعش فتحت جبهة ثالثة في لبنان، حيث أعلنت مسؤوليتها عن تفجيرات استهدفت عناصر حزب الله ومناطق لبنانية.
وأتاح ضعف السلطة في سوريا والعراق مجالًا لأيديولوجيا داعش المتطرفة، فيما دفعت السياسات الطائفية لحكومة المالكي ونظام بشار الأسد سنة ناقمين إلى القبول بوجود داعش، رغم اختلافهم مع أفكارها المتطرفة.
جبهة لبنان وسوريا
كما إن أساليب داعش واعتمادها على مقاتلين أجانب لاقت معارضة ورفضًا من الأهالي في المناطق التي تنشط فيها. بل إن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري نفسه انتقد هجمات داعش العشوائية على الشيعة والسنة. وتضررت المعارضة السورية عمومًا بممارسات داعش، التي أقدمت على سجن عشرات من موظفي المنظمات الإنسانية والصحافيين والناشطين السوريين والأكراد والمسيحيين والعلويين.
ويرى محللون أن النجاح في لجم داعش سيحدث تغييرًا جذريًا في موازين القوى، سواء في سوريا أو العراق. فهذه الجماعة عملت جاهدة على تسميم العلاقة بين السنة والشيعة في عموم المنطقة. وفي سوريا استخدم نظام الأسد داعش فزاعة يخيف بها القوى الغربية، التي بدأ بعضها ينظر إلى التنظيم المتطرف على أنه أهون الخيارات السيئة في سوريا مع تداعيات ذلك السلبية على المعارضة الوطنية. وفي العراق أسهمت داعش بقسط كبير في جعل 2013 أشد الأعوام دموية منذ 2008.
كما أظهرت المواجهات مع داعش في سوريا أن فصائل وطنية معارضة، كان الغرب حتى الآونة الأخيرة يظن أنها قوة مستهلَكة، ما زالت قادرة على التصدي لمقاتلين شرسين، مثل مقاتلي داعش، وإلحاق الهزيمة بهم. وتقاتل الآن جبهة ثوار سوريا وكتائب المجاهدين إلى جانب الجبهة الإسلامية ضد داعش.
وللمرة الأولى منذ أشهر بدأ السوريون يشعرون بأن لديهم معارضة موحدة ضد النظام الذي سامهم سوء العذاب. ونقلت مجلة الإيكونومست عن قائد عسكري في المعارضة السورية قوله "إن الوقت ما زال مبكرًا، ولكنها أنباء سارة".