إقرار الدستور يفتح طريق الرئاسة أمام السيسي لكنه يحتاج إقناع الشباب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يفتح إقرار الدستور الباب أمام ترشح الرجل القوي في مصر عبد الفتاح السيسي للرئاسة، غير أنه بحاجة إلى إقناع الشباب الذين أيّدوا عزل الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي قبل ستة أشهر، لكنهم قاطعوا الاستفتاء وباتوا يخشون من عودة إلى عصر مبارك.
القاهرة: رغم اقرار الدستور بتأييد 98% من المقترعين، وبنسبة مشاركة بلغت 38،6%، اي اكبر من تلك التي سجلت ابان الاستفتاء على دستور الرئيس الاسلامي المعزول، وهي 33%، الا ان المحلل السياسي حسن نافعة يرى ان نتائج الاستفتاء "مخيبة للامال".
عزوف الشباب والمحافظات الحدودية
يضيف نافعة "لو كنت مكان المسؤولين لتوقفت طويلًا امام مؤشرين على درجة كبيرة من الاهمية: الاول هو عزوف الشباب عن المشاركة في الاستفتاء، لانه يعتبر ما يجري الآن نوعًا من الثورة المضادة على ثورة يناير. اما المؤشر الثاني فهو نسبة المشاركة المتدنية في المحافظات الحدودية مثل مرسى مطروح، حيث بلغت المشاركة 15%، وفي الصعيد، حيث لم تتجاوز 25%".
ويعتقد نافعة ان "الظرف العام في مصر يفتح باب الرئاسة" امام السيسي، "لان هناك قطاعات واسعة من المصريين ما زالت ترى في جماعة الاخوان خطرًا على المجتمع"، غير ان "هناك ازمة سياسية والحكومة عاجزة عن حلها بالوسائل السياسية". وكان الفريق اول عبد الفتاح السيسي دعا بنفسه قبل يومين من استفتاء الثلاثاء والاربعاء الماضيين، المصريين الى المشاركة بكثافة في الاقتراع، وربط بوضوح بين الاستفتاء وبين مستقبله السياسي، مؤكدا انه سيترشح للرئاسة "اذا طلب الشعب" ذلك.
امتحانات الجامعات معوق
كما وجّه السيسي دعوة خاصة للشباب إلى المشاركة، مشيرا الى انهم يشكلون "اكثر من 50%" من سكان مصر، البالغ عددهم قرابة 85 مليونا. ولدى اعلانه نتائح الاستفتاء مساء السبت، اقر رئيس اللجنة العليا للانتخابات نبيل صليب ضمنًا بامتناع نسبة من الشباب عن المشاركة، اذ قال انه "لولا تزامن يومي الاستفتاء مع امتحانات الجامعات لزادت نسبة المشاركة".
واليوم الاحد سعى الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور الى ارضاء الشباب، وقال انهم كانوا محرك الثورتين (25 كانون الثاني/يناير و30 حزيران/يونيو). واضاف ان دور الشباب لم ينته بعد، ودعاهم الى مواصلة العمل، والمشاركة في الحياة السياسية مؤكدًا لهم ضمان الحريات.
وخلال الشهرين الاخيرين، انتقد الناشطون الشباب، الذين عارضوا مبارك واطلقوا الثورة ضده، ثم عارضوا مرسي وتظاهروا مطالبين باسقاطه في 30 حزيران/يونيو 2013 ما يعتبرونه محاولة لتقييد الحريات. واحتج الشباب خصوصًا على اصدار قانون التظاهر في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، الذي يشترط الموافقة المسبقة لوزارة الداخلية على اي تظاهرة او تجمع يزيد عدد المشاركين في اي منهما عن عشرة اشخاص.
كما ان توقيف بعض الناشطين البارزين واحالتهم إلى المحاكمة بتهمة مخالفة قانون التظاهر، مثل علاء عبد الفتاح واحمد ماهر مؤسس حركة 6 ابريل، اثار شكوكًا لدى الشباب في العودة إلى ممارسات عهد مبارك. لكن اكثر ما اثار استياء العديد من الشباب الذين التقتهم فرانس برس، هو الحملات الاعلامية، التي غلبت عليها لهجة مناهضة لثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011 التي اطاحت مبارك.
حريات على المحك
يقول نافعة ان "الحملات الاعلامية ضد شباب الثورة واصدار قانون التظاهر واعتقال عدد من الرموز يقلل من شعبية السلطة ويعطي رسائل خاطئة، ويصب في اتجاه من يرون ان هناك محاولة لسرقة ثورة 30 حزيران /يونيو لمصلحة شبكة المصالح التي كانت مرتبطة بنظام مبارك".
واعتبر الخبير في شؤون الشرق الاوسط في معهد راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة جيمس جورسي ان الشباب "الذين قاموا بالثورة على مبارك لا يريدون العودة الى حكم اوتوقراطي، والسؤال: هل النظام الجديد يؤمن بالحريات السياسية؟". ويضيف "ليست هناك مؤشرات إلى انه سيكفل تلك الحريات".
وقال الناشط محمد غراب عضو مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين"، التي قررت التصويت بلا على الدستور، لانه يسمح باحالة المدنيين الى محاكم عسكرية في بعض الحالات "الانطباع العام ان الشباب قاطعوا الاستفتاء"، مضيفا ان معظمهم يرون في قانون التظاهر وحبس النشطاء "عودة الى عهد مبارك".
وادراكا على ما يبدو لهذا التململ الواضح بين الشباب، حرص السيسي خلال اخر اجتماع لمجلس الوزراء قبل ثلاثة ايام على نفي اي نية لعودة "الوجوه القديمة" لعهد مبارك، مؤكدا ان "مصر لن تعود الى ما قبل ثورة 25 كانون الثاني/يناير"، بحسب وسائل الاعلام المصرية.
واكد مسؤولون حكوميون لفرانس برس ان السيسي ادلى بالفعل بهذا التعليق اثناء مناقشة دارت حول مقاطعة الشباب للاستفتاء.
وفي السياق نفسه، قالت صحيفة الوطن الاحد ان "قيادات عسكرية ستلتقي عددا من الشباب وممثلي ثورة 25 يناير"، كما انه "ستجري لقاءات مع عدد من الاعلاميين واصحاب القنوات الفضائية لوقف حملات تشويه ثورة 25 يناير".
ترجيح "الرئاسية" أولًا
وبحسب الدستور المصري الجديد، فان الانتخابات الرئاسية والتشريعية يجب ان تجري خلال مدة لا تتجاوز ستة اشهر من اقراره على ان تتم اول انتخابات بعد ثلاثة اشهر بحد اقصى من سريان الدستور. وترك الدستور للرئيس المؤقت عدلي منصور حرية تحديد اي الانتخابات ستجري اولًا الرئاسية ام البرلمانية. وقال مسؤولون حكوميون ان النية تتجه الى اجراء الانتخابات الرئاسية اولا، وان منصور سيلعن موعدها على الارجح قبل نهاية الشهر الجاري.
ويعتبر كثيرون ان السيسي هو الاكثر شعبية في مصر منذ ان قرر في الثالث من تموز/يوليو الماضي عزل مرسي، مستندا الى تظاهرات نزل فيها الملايين في 30 حزيران/يونيو للمطالبة برحيله.
ووصف الاخوان المسلمين عزل مرسي بانه "انقلاب عسكري"، وتعرّضوا منذ ذلك الحين لحملة قمع، اوقعت اكثر من الف قتيل اضافة الى توقيف الاف اخرين، من بينهم كل قيادات الجماعة، الذين يحاكمون على غرار مرسي بتهمة التحريض على العنف.