مؤيدو النظام ومعارضوه يحاولون فرض وجهة نظرهم
جنيف ساحة للمعارك الكلامية بين الصحافيين السوريين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في مقر الامم المتحدة في جنيف، تدور معركة كلامية حادة بين مؤيدين للنظام السوري والمعارضة التي تطالب باسقاطه، في موازاة المفاوضات التي تجري بين الوفدين السياسيين لوقف الحرب العسكرية المستمرة منذ ثلاث سنوات.
جنيف: في أروقة قصر الامم، مقر الامم المتحدة في جنيف، وفي الحديقة التي اقامت فيها محطات التلفزة خيمها الخاصة بالبث المباشر، يلتقي صحافيون سوريون، بعضهم يستفز الآخر، يتلاسنون، واحيانًا يشتمون بعضهم. ويحاول كل من الفريقين فرض وجهة نظره، بطريقة غالبًا ما تفتقر الى ادنى درجات اللياقة، ويدعي كل منهما أن فريقه يمثل الشعب السوري، وأنه على حق.
الاخوة الاعداء
في المؤتمرات الصحافية، يتنافس "الاخوة الاعداء" على الميكروفونات من اجل طرح الاسئلة، الى درجة أن وسيط جامعة الدول العربية والامم المتحدة الاخضر الابراهيمي سأل في مؤتمره الصحافي الاول يوم الجمعة "هل كل الموجودين في هذه القاعة سوريون؟".
فاذا كان ممثلو النظام السوري والمعارضة يلتقون للمرة الاولى في الغرفة نفسها منذ بداية العام 2011، فالامر سيان بالنسبة الى وسائل الاعلام المؤيدة للرئيس السوري بشار الاسد، وتلك المناهضة له، علمًا بأن وسائل اعلام المعارضة لم تكن موجودة في سوريا قبل بدء حركة الاحتجاج الشعبية ضد النظام السوري، وإن وجدت بعض الوسائل الناقدة، فبخجل.
ويقول مدير الاخبار في التلفزيون السوري الرسمي حبيب سلمان: "ميزة جنيف هو أن سوريا موجودة. هذا هو الفرق مع المؤتمرات السابقة منذ بدء العدوان على سوريا. سوريا موجودة كدولة ممثلة بوفد سياسي واعلامي وتقني".
وأشار إلى أن "الاعلام السوري يريد أن يوصل حقيقة ما يجري في سوريا". ويقول عضو اللجنة الاعلامية المرافقة للمعارضة احمد كامل من جهته "نريد أن نتكلم عن قضية الشعب السوري، وأن نظهر الوجه الحقيقي للشعب السوري".
ملاحقات
ويلاحق الصحافيون المؤيدون للنظام الاعلاميين المعارضين بالاسئلة، والعكس صحيح. وأحيانًا، يلاحق احد الطرفين مسؤولي الطرف الآخر.
وفي مدينة مونترو السويسرية حيث انعقد المؤتمر الدولي حول سوريا قبل أن تنتقل المفاوضات بين الوفدين الى جنيف، لاحق صحافيون معارضون وزير الاعلام السوري عمران الزعبي في قاعات المركز الصحافي، وسأله احدهم اكثر من مرة: "ماذا ستفعلون اذا قرر المؤتمر رحيل (الرئيس السوري بشار) الاسد؟"، ورد الوزير: "الاسد لن يرحل".
وفي جنيف، وجد المعارض برهان غليون نفسه وسط مجموعة من الصحافيين الموالين للنظام يسألونه عن رأيه في شريط فيديو بثه ناشطون معارضون على الانترنت ويظهر رؤوساً مقطوعة.
على الأقل لسنا مجرمين!
في المقابل، لدى مرور الزعبي الاحد قرب خيمة قناة "الجزيرة" في جنيف، سألته مراسلة القناة "لِم لا توافق على اجراء مقابلة معنا؟"، ولم يرد الوزير. الا أن مراسلاً من قناة "شام اف ام" الخاصة القريبة من السلطات رد قائلاً "لأنكم عملاء". فقالت الصحافية: "على الاقل لسنا مجرمين".
"ما تشبح عليي"
خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده المتحدث باسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وعضو الوفد المعارض المفاوض لؤي صافي السبت، طرح عليه صحافي من وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" سؤالاً حول اخراج "الارهابيين" من حمص، وبينما كان صافي يرد، حاول الصحافي مقاطعته، فقال صافي: "ما تشبح عليي"، واصفاً اياه بأنه "يمثل الدعاية السياسية للنظام". وسمعت شتائم متبادلة بين افراد من الطرفين.
وفي احد النقاشات الحامية، قال صحافي معارض لآخر من وفد الاعلام الرسمي: "ما رأيك أن تلقي عليّ برميلاً؟"، في اشارة الى البراميل المتفجرة التي يسقطها الطيران السوري على بعض المناطق، فقال الآخر "ما رأيك أن تطلق عليّ صواريخ قسام؟"، في اشارة الى تعاطف حركة حماس الفلسطينية المعروفة باطلاق صواريخ قسام على اسرائيل، مع المعارضة السورية.
وفد إعلامي ضخم
ومن الواضح أن النظام استقدم الى جنيف وفدًا إعلاميًا ضخمًا يضم المحطات الاخبارية الثلاث الكبرى: التلفزيون السوري والاخبارية و"سما"، بالاضافة الى سانا واذاعات وغيرها... اما وسائل اعلام المعارضة فصغيرة تبث من دول عربية أو من اراضٍ سورية واقعة تحت سيطرة المعارضة ومعظمها غير معروف على نطاق واسع، مثل تلفزيون "اورينت" وراديو "الكل" واذاعتي "نسائم سوريا" و"سوريا الغد".
اما قناتا "الجزيرة" و"العربية" فهما القناتان اللتان يكن لهما الموالون العداء الاكبر. والشعور متبادل في الغالب. ويحتدم التلاسن احيانًا الى درجة تفرض تدخل بعض الزملاء للحؤول دون الوصول الى الاشتباك بالايدي.
ويقول احمد فاخوري، الذي كان مذيعًا في التلفزيون السوري وانتقل للعمل في تلفزيون فضائي تموله الامارات العربية المتحدة في 2012، "التقيت زملاء قدامى، اريد أن القي التحية عليهم، لكن بعضهم محرج، والبعض الآخر يتجنب النظر اليّ".
ويضيف: "انا معارض على المستوى الشخصي، لكن كصحافي، يمكنني أن انتقد المعارضة والمقاتلين، كما يمكنني أن انتقد المخابرات وبشار الاسد. هذا هو الاعلام الحقيقي".