اوليفر ستون ومن يملك الشرق الأوسط؟
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
من مفكرة سفير عربي في اليابان
استفادت بعض انظمة الشرق الأوسط خلال العقود الخمسة الماضية من الصراع العربي الإسرائيلي لتضمن بقائها، في الوقت الذي تكرر لغتها الثورية ضد الصهيونية. وخير مثال لذلك النظام السوري وحلفائه، ليبدو اليوم على حقيقته، ولتناضل الدولة العبرية للمحافظة على أسد من ورق، بعد أن نجحت من سحب الورقة الاخيرة من تحت بساطه، وهي الأسلحة الكيماوية. وقد كتب الصحفي الأميركي وليام بابف بصحيفة اليابان تايمز في 19 من سبتمبر الماضي مقالا بعنوان، ليس هناك مكان لخطة-ب، يقول فيه: "يجري جدال الصم في واشنطن حول الاسلحة الكيماوية السورية، وعما إذا كانت هناك خطة-ب، تستطيع أمريكا من خلالها ضرب سوريا لو رفضت التنفيذ ... لقد عرضت سوريا نفسها للقانون الدولي في هذا الأمر، ويبدو بأن أمريكا غير مستوعبة لذلك بعد أن تجاهلت هي بنفسها القانون الدولي عدة مرات، وتتصرف وكأن لها الحق أن تعاقب سوريا إذا لم تنفذ ما تريده واشنطن، وفي الحقيقة ليس من حق أمريكا الاعتداء على أي بلد بدون قرار دولي. وأكدت استطلاعات الرأي بأن الشعب الأمريكي قد أرهق من حروب الشرق الوسط، كما أن الكونجرس تعب من الحروب المشكوك فيها قانونيا. وكما ذكرت سابقا حصول إيران على السلاح النووي لن يكون له فائدة، غير خلق التوازن بين الإرهابين الايراني والإسرائيلي. وتعلم إسرائيل ذلك جيدا، وجهدها في المبالغة في الخطر، وسيلة للدفع بأمريكا لتدمير قوة شرق أوسطية، لتتجنب الجهد والعار كما فعلت من قبل في العراق. ولذي أمريكا اعتقاد سيئ، بأنها مع إسرائيل يملكان استراتيجيا الشرق الأوسط، والحقيقة هي أن الشرق الأوسط، ومعها إسرائيل، يملكون إستراتيجيا الولايات المتحدة لمدة نصف قرن- ولسوء حظ الاثنين." لنحاول عزيزي القارئ أن نتدراس عبارة: "الشرق الأوسط مع إسرائيل يملكون إستراتيجيا الولايات المتحدة خلال النصف القرن الماضي"، وذلك بمراجعة ما كتبه المخرج السينمائي اولفر ستون، مع زميله المؤرخ الأمريكي زورينك، في كتابهما الجديد، القصة التي لم تقال عن التاريخ الأمريكي، يقول الكاتبان: "درست أجيال من الأمريكيين بأن الولايات المتحدة ألقت القنبلتين النوويتين على اليابان بتردد، في نهاية الحرب العالمية الثانية، لتنقذ حياة مئات الالاف من الشباب، لو أن غزت اليابان الولايات المتحدة، ولكن القصة الحقيقة أكثر تعقيدا وازعاجا."ويوضح الكاتبان: "بينما كان مشروع القنبلة النووية يتقدم في الولايات المتحدة، كانت جهود الحلفاء العسكرية متوازية. ففي عام 1944 غزت الولايات المتحدة مستعمرات يابانية الواحدة تلو الاخرى، لتصل طائرتها للأجواء اليابانية، فقد وضع الحلفاء بقيادة الجنرال جورج مارشال، استراتيجية لخنق اليابان بحريا وجويا، وبحرق المدن اليابانية بالقنابل، وبعدها يتم الغزو. وقد سيطرت القوات الأمريكية على جزيرة سايبان، ليستقيل رئيس الوزراء الياباني، هيديكي توجو، في الوقت الذي حقق روزفلت فوز ساحق في انتخابات مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة. واشتدت المنافسة بين مرشحي نواب الرئيس، بعد أن أغضب هنري ويلس، ذي الشعبية الكبيرة بالداخل والخارج، المحافظين، بدعوته لعالم الرجل العادي، المهتم بالتنمية، والخالي من الاستعمار والامبريالية، وكان في مقدمة أعدائه رجال المصارف في الوول ستريت، والتجار المعارضين للنقابات العمالية، والقيادات المدافعة عن الاستعماريين البريطاني والفرنسي، بالإضافة للعنصريين الجنوبيين. وقد ناضلوا بقسوة لإسقاط ولس في الانتخابات، وذلك بما سمي بانقلاب بولي. وبولي هو الأمين المالي للحزب الديمقراطي، ومليونير البترول، فقد أعلن بولي بصراحة مفرطة، بأنه دخل عالم السياسة حينما أدرك بأنه من الأرخص انتخاب نائب كونجرس جديد، بدل شراء نائب كونجرس قديم. وقد اختار هو وعصابته نائب صغير من ميسوري، يسمى هاري ترومان، ليدفعوه لمركز نائب الرئيس، ضد هنري ولس، أملا بأن يصبح الرئيس القادم بعد وفاة روزفلت المريض. وقد اختير ترومان قصدا، لضعف شخصيته، مع ضعف نظره، ولقلة اعداءه، وليدفع لقيادة العالم في أصعب فترة في التاريخ. فقد كان وصول ترومان للرئاسة كباقي تاريخه، نتيجة لتعاملات خلفية سوداء، بين قيادات حزبية انتهازية."وقد قيما الكاتبان طفولة ترومان بالقول: "لقد عاش ترومان طفولة صعبة اثرت على نفسيته، فقد عاني في علاقته مع والده، حينما كان يعيش معه في الحقول الزراعية للعائلة. كما كان ضعيف النظر، فلم يستطع لعب الرياضة، وقد عبر ترومان عن شعوره بالقول: كنت خائفا أن تنفقع عيني في الالعاب الخشنة ... ولأقول الحقيقة كنت نوع من الطفل المخنث. كما كان الطلاب يركضون خلفه وهو ذاهب للبيت ويعيرونه: بالمخنث ذي الأربع عيون. ليصل البيت وهو مرتجف، ومختنق النفس، وكانت والدته تطمئنه بأنه يجب ألا يقلق، فقد كان من المفروض أن يكون بنتا. كما كتب عن حادثة في عام 1912 يقول عنها: يبدو وكأني مؤنث، أليس كذلك، تقول والدتي بأني ولدت لكي أكون فتاة، ويجعلني ذلك أن أكون مجنونا جدا، لأسمع هذا الكلام، ولكن قد يكون ذلك جزئيا صحيحا ... فوصف المخنث صعبة على الولد، ويجعله وحيد، ويسبب له عقدة النقص، ويعانى كثيرا ليتقبله. وقد عانى ترومان من عقدة نوع جنسه لسنوات طويلة، كما عاني من عقدة الفقر فلم تستطع عائلته ارساله للجامعة بعد اكماله للدراسة الثانوية، بالرغم من اهتمامه دراسة التاريخ. كما عانى الفشل في التجاره، حيث فشل في محاولات ثلاث لمشاريع تجارية صناعية، فلم يستطع تحقيق أي نجاحا في حياته، لذلك أنضم للخدمة العسكرية في الحرب العالمية الأولى في فرنسا."وبينما كان يعاني هاري ترومان من الافلاس، طلب منه تاجر يسمى، توم بندرجاست، للنزول لانتخابات قاضي الولاية. وقد كان بندرجاست تاجر قمار وكحوليات، وحكم عليه بالسجن بتهمة السرقة والفساد والتلاعب في الدعم الغير قانوني للمرشحين في الانتخابات. وقد أكد ترومان خلال هذه الانتخابات بأنه معادي للسامية، كما دعم التفرقة العنصرية بمحاولاته دفع شيكا بعشرة دولارات لجماعة، الكو كلوكس كان، العنصرية، ولكنها رفضت قبول عضويته. وفي عام 1934 حينما قرر ترومان ترك السياسة والرجوع لحقول الزراعة، اختاره تاجر اخر يدعى، بوس بندرجاست، للنزول لانتخابات مجلس النواب، بعد أن رفض طلبه أربعة سياسيين اخرين، كما عمل بجدارة ليحقق فوزه في الانتخابات. وحينما سؤل بوس بندرجاست، لماذا اختار شخص غير مؤهل كترومان لهذه المهمة، رد بقوله: "لقد حاولت أن أثبت بأن محرك ثراء البترول يمكن أن يدفع بولد مكتب صغير لمجلس النواب الأمريكي." وقد فشل ترومان فرض احترامه على النواب، ولكن استطاع أن يشق طريقه في الدورة الثانية في عام 1940، بالرغم من رفض الرئيس روزفلت لقبوله، بعد ان حصل على دعم من عصابة هانيجان وديكمان، بينما كان صديقه بوس بندرجاست في السجن. وبينما كان يدفع روزفلت بهنري ولس، الذي سجل شعبية كبيرة في استطلاعات الرأي 65%، لكي يكون نائبه لانتخابات الرئاسية في عام 1944، كانت عصابة تعمل وراء الستار للدفع بترومان للفوز، والذي كانت شعبية لا تتجاوز 2%، فقد ناضلت الاله التجارية الانتخابية الامريكية للدفع بهاري ترومان لمركز نائب الرئيس، بينما دمرت فرصه هنري ولس بتشويه سمعته. فقد حاولت قيادة الحزب الديمقراطي في مؤتمرها عام 1944 منع نجاح ولس، ولكن بالرغم من ذلك دفع أعضاء المؤتمر الديمقراطي في شيكاغو بقوة لاختياره. وفي اللحظة التي كان سيقرر المؤتمر ترشيح ولس نائبا للرئيس روزفلت، حينما ركض السناتور كلود بيبر للميكرفون لإعلان انتخاب ولس، اعلن فجأة المحافظ "كلي" بوجود خطر حريق، مما أدى لتأجيل التصويت. ويعلق الكاتبان على تلك الحادثة بالقول: "ولو نجح كلود بيبر بالدفع بهنري ولس تلك الليلة لمركز نائب الرئيس، وليصبح الرئيس في عام 1945 بعد وفاة روزفلت الفجائي، ليتغير مجرى التاريخ، للم تكن هناك قنبلة نووية، ولا تنافس نووي، ولا حرب باردة." فقد كان هنري ولس في المقدمة تلك الليلة، ولكن القيادات الفاسدة لعبت بذيولها خلف الستار، ونجحت في المرة الثالثة من اعادة الانتخابات بالدفع بترومان لمركز نائب الرئيس، بعد أن رشت بعض قيادات الحزب بمراكز في الحكومة والدولة والسفارات.وقد توفي فجأة الرئيس روزفلت في 12 من شهر ابريل عام 1945 ليستلم هاري ترومان بصدفة التاريخ الرئاسة، بعد أن صعق من المسئولة الكبيرة، ووجد نفسه ضائعا أمام كرسي الرئاسة، حيث عليه أخذ قرارات شائكة غيرت مجرى التاريخ الأمريكي.وهنا لنقف برهة ونتساءل ما الذي ادى بالرئيس ترومان إلقاء القنبلتين النوويتين على اليابان، بعد أن دمرت تماما وكانت مستعدة لاستسلام؟ لقد برزت عقدة النقص في شخصية الرئيس ترومان حينما عرف سر نجاح مشروع القنبلة النووية، حيث تبين نقاشاته في كتب التاريخ وكأنه طفل لدية كرة نووية يريد أن يستخدمها في أي مكان ليرضي عقدة نقصه. وقد تتبين حقيقة شخصيته خلال مقولته في الكونجرس حينما كان نائبا في عام 1941، حينما علق على مشاركة الولايات المتحدة في الحرب للدفاع عن الروس ضد هتلر بعد أن أحتل مدينة ليننجراد وكيف، بقوله: "لو وجدنا الالمان يحققون انتصارا، علينا مساعدة الروس، وإن وجدنا الروس يحققون انتصار، علينا دعم الالمان، وبذلك نجعلهم يقتلون بعضهم بعضا، وبأكثر عدد ممكن." وقد أمر ترومان بإلقاء القنبلتين النوويتين على اليابان في شهر أغسطس من عام 1945 بالرغم من تصريح الجنرال ماك ارثر بأن: "القنبلة النويية غير لازمة تماما من الناحية العسكرية." حيث أن معظم المدن اليابانية حرقت بالقنابل التقليدية. ليبدأ تغير مجارى التاريخ بسباق التسلح النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وليعيش العالم نصف قرن من الحرب الباردة بماسيها الدموية. كما دفع ترومان لاعتراف الأمم المتحدة بإسرائيل لكي يضمن اصوات اليهود في انتخابات عام 1948، بعد أن كانت خسارته شبه حتميه. وليبدأ تاريخ نصف قرن جديد ينتهي "بملك الشرق الأوسط وإسرائيل لمقدرات أمريكا"، كما قال وليم بفاف، لتبدأ التحديات الأمريكية في معالجة الارهاب الذي وصل لعقر دارها، بعد مغامراتها في العراق وافغانستان، في الوقت الذي يوهم سياسيو أمريكا شعبهم بأنهم يملكون استراتيجيا الشرق الأوسط وإسرائيل. ولنا لقاء.سفير مملكة البحرين في اليابانالتعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف