ما بين دمشق والبحر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هل تعرفون دمشق؟
البعض منكم زارها لسبب ما، والكثير ممّن زاروها لغير السّياحة واللجوء كانوا أعضاء في لجان، أو نقابات في الوطن العربي، أتت لتصفّق، ومن كان لا يصفّق لن تستقبله دمشق، هذا ليس سياسة.&
كنت أحب أن أقول الشّعر في دمشق، ففي فورة شبابي عشت فيها، كانت تمثّل لي الحياة، عندما كنت أنظر من الشّرفة في الصّباح قبل أن يستيقظ النّاس، وأرى الأشجار تنثر ورود الحبّ على الأرصفة، وتستدعيني لأعانقها.&
هل هذه هي دمشق؟&
نعم هذا بعض منها.&
دمشق واسعة بحجم سوريّة، وعلى أطرافها تكاثر الفقر، وفي العشوائيات تراكم الألم، وصعب الحصول على الخبز والماء.&
أبهرتني دمشق أنا ابنة الرّيف القريب من الصّحراء عندما ضعتُ فيها في بدء الشّباب، في الضّياع متعة، كنّا أنا ورفاقي نتبارى في التّمرّد على كلّ الأشياء، نعلن أنّنا مختلفون بطريقة التّفكير، ولم نتجاوز السادسة عشر من أعمارنا. لم نكن نخاف شيئاً.&
&نما الخوف فينا بالتّدريج فيما بعد، انسحبنا إلى عوالمنا، وغيّرنا لون نظّارتنا، رأينا دمشق أخرى لم نرها من قبل.
على جسر الرّئيس في دمشق نزلت دموعي لأوّل مرّة على أولئك العاجزين الذين يحاولون إعالة أنفسهم، وعلى الأطفال الذين يبيعون الكبريت. بائعة الكبريت رأيتها بأمّ عيني هناك. حمدت الله أن أبي، وأمي يعيشان في الحقل، وليس في الشّام.&
بدأ الجمال يموت في الأحياء، وبدأ الشّباب السّوري يضيع، وبدأت الأفكار البوهيميّة عن دمشق تنمو، فلا تعرف ماذا يقول المذيع من كلمات، فقط تسمع ياسمين ودمشق.
يوجد ورود أخرى غير الياسمين كانت أمي تزرعها قرب غرفتنا الترابية، كان الحبق، والورد الجوري يتعانقان، ورائحة خبز التّنور مع صوت الدّجاجات تلهمنا في البحث عن الفرح. أمي وطن يقيم على أطراف البادية، بينما " دمشق " العشوائية" هي الألم.
تاريخ انتهى بحلوه، ومرّه. اليوم دمشق مذبوحة من الوريد إلى الوريد، والوطن الذي أسميته أمّي رحل إلى غير رجعة، ومن يتحدّثون عن ياسمين دمشق هم قلّة مترفة تدّعي النّضال.&
البحر ينادي أهل بلاد الشّام للرّحيل. بل ينادي شعوب العرب للمغادرة، وللبحور أسرار، في عمقها يقبع الأمل الذي حمله الآلاف من المسافرين إلى الحياة، أخذهم البحر رهينة لديه، هم في عمقه ينسجون الأحلام.
قوارب الموت تهتزّ بفعل الرّيح، والموج يحتاج لأرجل تستطيع السّير عليه فيما لو عجز القارب عن إكمال الوصول.
&هل يمكن لأهل الشّام" سورية" الوصول لهذه القوارب؟
بالطّبع لا. فقط قلّة ممن يملكون بعض المال يصلون تحت أمل الوصول أو احتمال الموت، والقلّة القليلة تصل بأمان لأنّها تملك الكثير من المال. لا ضرورة أن يستمعوا لنداء البحر، الطائرات تقلهم بطرق مختلفة. طرق غير شرعية لكنّها أمينة.&
لا فرق في الموت في البحر أن يكون الأبيض، أو الأسود، في العمق سيكون حديثاً آخر للسوريين مع بعضهم، ولو تحاربت أرواحهم في البحر لا نعرف ماذا سيجري.
ما بين دمشق والبحر تاريخ من الألم، استقبلت من خلاله الشّام الرّاحلون من الخوف من بلادهم منذ مئات السّنين، واليوم أتى الدّور على أبنائها كي يمرّوا بنفس التجربة المرّة.&
أيّها العالم!
هل تعرف الشّام؟
&
التعليقات
الشام كنانتي من أراد بها
شرا رميته بسهم منها -هذه هي أهم إنجازات حزب البعث في الدمار والخراب والذي باعها الى ايران مقابل حفنة من الدولارات والتي ستبيعها بدورها الى إسرائيل مقابل الموافقة على المفاعل النووي الكرتوني ... ولكن هيهات مع أحفاد بني أمية جميعهم يحفرون قبورهم بأيديهم لأن الشام كنانة الله وتاريخها يشهد بالخزي والعار لكل من أراد بها شرا.