فضاء الرأي

تظاهرات فاشلة في دولة فاشلة

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

&

التظاهرات التي انطلقت في العراق احتجاجا على تردي الخدمات بدأت بشعارات متواضعة لا تتعدى المطالبة بمزيد من الكهرباء والماء والدواء والغذاء. وكان يمكن أن تصبح ثورة حقيقية على نظام قام أصلا على الظلم والقهر والتزوير والاختلاس، وأن الكهرباء والماء والدواء والغذاء لم تعد هي موباقاته الوحيدة لكي تطلب التظاهرات من رئيس الوزراء علاجها بقرارات سريعة وجريئة، كا تطالب المرجعية.

ولأن حاضنتها شيعية، وبالتخصيص، محافظات كانت هي بيت المال الذي يضخ الرجال والأموال لأحزاب الإسلام السياسي الفاشلة التي ثبت أنها لا تصلح لا للسيلسة ولا للدين، فلم يكن سهلا على أحد من شلة الحكم اتهامُها بالداعشية أو الصدامية، أو بالعمالة لدول الخليج. وكان المؤمل أن تشتعل مع تظاهرات بغداد والمحافظات الجنوبية جميع مناطق الوطن المبتلاة بالظلم والقهر والفساد والرذيلة، وبالأخص مناطق السنة التي أذاقها أمر المر نوري المالكي ثم حيدر العبادي وهادي العامري بتطنيش من المرجعية، حينا، وبتبريكاتها، حينا آخر، وكما تكونوا يولَّ عليكم.&

وكان متوقعا أيضا أن تلبي النداء جماهير السليمانية وأربيل ودهوك وكركوك، لأنها شربت من كأس السم (الوطني الديمقراطي) ذاته الذي يشرب منه العراقيون العرب الآخرون.

هذا ما يقوله العقل السليم. ولكن الذي رافق هذه التظاهرات يبطل مفعول هذا الحلم الكبير، مع الأسف الشديد.

فالنوع الأول من المتظاهرين، وهو الأكثرية، لا يريد أكثر من الكهرباء، وعفى الله عما سلف، ولا على الحاكم المتهم بالاختلاس حرج، ولا على النائب العميل المرتهن لحاضنة خارجية حرج، ولا على حافي الأمس وصار من أصحاب الثروات الطائلة حرج، لأن السيد مقتدى يريد دليلا على الاختلاس لكي يقطع يد السارق، على طريقة أربعة شهود عدول رأوا الميل في المكحلة ليثبت الزنى.

والنوع الثاني خرج من داره طاعة لله، ووفاءً لحضرة المرجع الأعلى، وسيعود إلى منزله فور انتهاء الواجب، لا يَدين ولا يُدان، ولا ضير ولا ضِرار.

أما النوع الثالث، وهو الأخطر والأكثر لؤما وخباثة، فهو ذلك الذي كلفه رؤساؤه في حزبه الحاكم، أو في المليشيا الضاربة، بأن يتسلل إلى قلب التظاهرة، فيفسد هواءها، ويلوث ماءها، ويجعل منها حفلة تكسير عظام بين هذا الحزب وتلك المليشيا، وذاك الوزير وتلك الوزارة أو النيابة.

وبرغم كل التفاؤل الذي أصاب ملايين المتفائلين أمثالنا، خصوصا أؤلئلك المهجرين والمُغرَّبين والمحرومين من زيارة مساقط الرؤوس وشم هوائها قبل الممات، فإن جماهير الموصل والرمادي والفلوجة لم تتظاهر ضد داعش، وضد جرائم العصابات السنية المتسلطة عليها بقوة السيف والخنجر والسكين. كما أن جماهير مدن ديالى وبغداد والأنبار لم تهب، على بكرة أبيها، ضد الحشد الشعبي وجرائم التهجير والقمع والحرق والنهب والاغتصاب. ولأن أحدا لم ينتفض في السليمانية ضد فساد السلطة الطالبانية، وفي أربيل ضد تسلط الأسرة الامبراطورية المالكة من آل برزان، لأن التظاهرة في بغداد والمحافظات الجنوبية عربية عراقية لا تهم كورديا ولا تركمانيا بشيء. ولم يبق سوى قلة قليلة من الوطنيين الشرفاء المبرأين من الغرض والمصلحة، وسوى الحزب الشيوعي في الساحة، مع بعض البعثيين أتباع عزت الدوري. وكلٌ يغني على ليلاه. ويلاه وا... ويلاه.

إن العراق بلغ نهاية الطريق. وقد أعطى العراقيون، جميع العراقيين، حزب الدعوة، المحتكر الأول للسلطة، والأحزابَ الشيعية والسنية والكوردية المتحاصصة، جميعَ الفرص لتعديل نفسها، وتهذيب سلوكها، وإثبات أمانتها ووطنيتها، ففشلت، وفشلت معها المرجعية التي تتحمكل كامل المسؤولية عن العملية السياسية الفاسدة كلها، من رأسها إلى أخمص قدمها، ومن بدايتها إلى نهايتها.

ثم إن فساد هذا الرئيس أو ذاك الوزير ليس هو المشكلة. فالفساد المالي والإداري مجرد نتوء عرضي أفرزه النظام القائم من بدايته على باطل. وبالتالي فتغيير وزير أو إقالة رئيس لم يعد الحل الذي يشفي من غليل أحد، وأصبح المطلوبَ طوفانٌ كاسح من الجماهير الواعية التي لا تنخدع بمظاهر، ولا بوعود، ولا بكلام حلو من حيدر العبادي، أو نوري المالكي أو مقتادى الصدر أو عمار الحكيم أو إبراهيم الجعفري، فرؤوس الفساد معروفة، وهي نتاج فتاوى المرجعية وأولادها البررة الذين لم يخالفوا أوامرها في شيء.&

حتى لم يبق للشعب العراقي من أمل في أن يقال من هذه السقطة المريعة، ويستعيد أمنه وكرامته وعافيته، إلا بانتفاضة شعبية عارمة تتخطى القومية والطائفة والدين والمنطقة، وتقتحم السدود والحدود والقيود، وتدخل المنطقة الخضراء وتأخذ جميع سكانها مقيدين بالحبال وسلاسل الحديد إلى حيث القصاص والحساب العسير.

وأول واجب مقدس على جماهير الانتفاضة المتنظرة أن تفعله، أول ما تفعل، هو منع المرجعية الشيعية، وجميع مراجع المعمممين السنة، من التدخل بالسياسة، وترك ما لله لله، وما لقيصر لقيصر. فغباؤها وجهلها، ولا نقول لؤمها وخبثها، هو الذي جعل نوري المالكي رئيس وزراء، دورتين، وحيدر العبادي بطل الأبطال الوحيد المتبقي من ملايين العر اقيين، ومقتدى وعمار والعامري وقيس الخزعلي زعماء وحكماء، وأصحاب حوْل وطوْل في هذا الوطن المغتصب المختطف.&

&وبرغم كل شيء، فإن ما حدث، مؤخرا، بداية لفيضان الخير المنتظر في العراقيين، وقد يكون شرارة الحق التي تحرق السهل كله على الباطل، وتحرر الوطن، وتعيده دولة عزيزة لها كرامة، وفيها حكومة عاقلة وعادلة، وبلا أحزاب ومليشيات تحركها خيوط الخارج اللئيم. وليس هذا على الشعب العراقي بكثير.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
دولة فاشلة منذ ١٩٢١ بالرغ
Rizgar -

دولة فاشلة منذ ١٩٢١ بالرغم من الدعم البريطاني اللا محدود .

الفاشل من يقولها
صوت المستضعفين -

الى طريدي العدالة , ابقوا اذلاء تلعقون احذية من يتصدق عليكم كالعبيد رقابكم بيد النخاسين ولن نعير كلمات الناقصين بصقة فالعراقيون ومهما مروا ويمرون به احررررررررررار

مقال واقعي ومنطقي
سارة - بغداد -

مقال رائع. اصبت لب الحقيقة

هل هناك فخ؟
باسم زنكنه -

قبل اكثر من اسبوعين صرح قيس الخزعلى زعيم عصائب اهل الحق المنضويه تحت الحشد الشعبى بتصريح خطير له مدلولاته واسقاطاته على واقع الانتفاضه العراقيه --المثير فى الامر ان احدا لم ينتبه لما قاله الخزعلى حيث قال(ان الحشد الشعبى سيكون له دور فى تغيير النظام السياسى فى العراق) من وجهه نظرى ان هناك خطه مدروسه وباشراف ايران وبمباركه المرجعيه فى النجف لتحويل النظام فى العراق الى نظام مشابه تماما لما موجود فى ايران حيث السيطره المطلقه لرجال الدين والحرس الثورى العراقى(الحشد الشعبى) على مفاصل الدوله والشارع العراقى--اما الكهرباء فستوفرها ايران خلال فتره زمنيه بسيطه خاصه وانها بلد مصدر للكهرباءوبهذا تكون ايران حققت هدفها الرئيسى والشعب حصل على الكهرباء!

مصير العراق
ولد ضايع -

مصير العراق مثل مصير الولد الضايع :كان في ولد ضايع من امه في السوق وعم تبكي عليه سئله رجل ليش عم تبكي قالت ابني ضايع قال الرجل اذا كان ابن حلال برجع قالت لمراة ياويلي ابني راح

فاشل في فاشل
Adnan -

فاشل!!!!

بكنس جميع الفاسدين
لا تستقيم الأمور إلا -

من يطلب الماء من الخشب فهو واهم كذلك هم\أحزاب الإسلام السياسي الفاشلة والتافهة كما أثبت نفسها مما يجعلنا نعتقد إن الطاغية صدام كان لها دواء وعرف لها علاج في مقابر الزبالة الجماعية التي كنا شرفاء ضدها وأجرامه. فهل يا ترى يبقى العراقيين يطلبون من جاهل كالمالكي أو أبله كالعبادي علاجا لن يأتي في زمن ضائع وحاضر ملتبس. لك الله يا عراق.

بيع شراء
Rizgar -

نوري سعيد عرض شراء (ولاية الموصل) من (تركيا) بـ(500.000) ليرة إسترلينية - ....للمرحوم نوري السعيد كامل الحق في شراء الارضي , ولكن اليس للاخرين حق بيع الاراضي ؟ ام ؟

يكفى وصف واحد
عادل حزين -

وصف واحد يلخص كل مقالك الحزين... هكذا هم المسلمون, كل شىئ عندهم يبدأ وينتهى بلإسلام والفقهاء والأسياد أما العامة فهم عبيد أو فى الأفضل مجرد رعاع.

مقالة جميلة جداً
ن ف -

مقالة جميلة جداً

العراق ،،،من سيء الى اسوء
عصام حداد -

الربيع العربي بنيرانه وخرابه قادم للعراق لا محال،،ونحن صغار كان شيوخنا يترحمون على زمن الملكية ويلعنون الجمهورية ونظامها ،،بقدوم البعث ترحمنا على عبد الكريم قاسم ولعنا البعث ،،حين اغتصب صدام الحكم من رفاقه وعاث في الارض فسادا ترحمنا على البكر ورفاقه ولعنا صدام،بسقوط صدام المخزي واستلام حرامية المنطقة الخضراء مقاليد الحكم ترحمنا على صدام ولعنا اللصوص القتلة،،ترى هل سنترحم على حرامية المنطقة الخضراء عندما يأتي من هم اشد فسادا وظلما وعدوانا من حرامية المنطقة الخضراء؟؟؟؟؟؟اعتقد سيأتي اليوم الذي فيه نترحم على نوري المالكي وحيدر العبادي لأن العراق دوما هو من سيء يذهب الى الاسوء

نظام شيعي لقيط
وحودي -

الحكومه الشيعيه ونظامها السيىء الطائفي الغبي نقول ان الحسين برىء منكم الى يوم الدين ..حكومه لقيطه ونظام حاقد ..يجب على دول العالم طرد سفراء العراق لانهم يمثلون الارهاب والعماله والمتمثل بهذا النظام الشيعي الغبي التافه والبليد الذي اوصل العراق الى الهاويه ودول الاقليم الى الحرب فهذا النظام مريض ومعوق ولايعيش التاريخ بل بأفكار 2000 سنه للوراء ..لاهم لهم سوى قصص السقيفه وكسر الضلع ورفس الباب ..عقلياتهم لاتفع لقياده حقل دواجن ..يقاتلون داعش من جهه ويسلموهم المدن من جهه اخرى ..اي ضحك هذا ..دوله تسير بالفتاوي المتخلفه وبفضل الشيعه اصبح السائد هو الثريد والقيمه ولطميات لاتنتهي .والنهب والفساد والعماله .دوله تلطم وتعيش تحت الاتربه والظلام والمرض نهبوا البلد .ودمروه وحضروه للتقسيم والتفتت قيادات جاهله لكن ان ينصبوا هؤلاء الجهله على رؤسنا فهذه هي الكارثه النكبه ..انهم ا شباه الرجال كما وصفهم علي بن أبي طالب من فاز بكم فاز بالسهم الأخيب ماضيكم أسود وحاضركم مخزي وجموعكم همج وحكومتكم مهزلة ..ولايمكن ان يستقر العراق بوجود نظام شيعي طائفي عميل لأيران فهذا النظام منبوذ من جميع دول العالم وهم يحاولون استخدام تقيتهم لكسب الوقت وفرض الامر الواقع ..الا بئس ما تفعلون وما تخططون واكبر دليل يدعمون ارنب الشام المجرم ويقاتلون السنه ويشتمون الدول العربيه والسنيه تاج رؤسهم العفنه ..من العار ان يقود العراق هؤاء الاقزام 12 عام وهم ينهبون اكثر من 1000 مليار اختفت بين سرقاتهم ودعمهم ايران وسوريا والشعب العراقي يعيش على القمامه ..الا خسئتم - -

كثيرا يردد المرددون
إِسْكُتْلَنْدِيّ -

كثيرا يردد المرددون ما يوحي بان تقسيم دولة ما الى دويلات جريمة ومؤامرة وتخريب وما الى ذلك من الاهوال الكبيرة، ولم يشرح لنا احد من هؤلاء الببغاوات تلك الاهوال او المساوئ، وكانهم يعتمدون مقولة: (هكذا قال اباؤنا ونحن على دربهم سائرون) وهذه الشيمة العربية الاصيلة متوارثة عندهم منذ الازل، لان قانون التغيير والتجديد والابتكار والاكتشاف والاختراع لم يشملهم بعد، وهم في تحجرهم موغلون، وما اكثر الثوابت وخطوط الحمر عندهم، حتى اصبح التحجر قانونا لهم، وهذه الببغائية الغبية عن مساوئ تقسيم دولهم الفاشلة الى دويلات احداها.