فضاء الرأي

المشهد العراقي.. إقتحام الصدر في مقابل إعتصام المالكي

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&&المشاهد التي نعيشها من فترة على شاشة العملية السياسية العراقية، والتي كان أبرزها إعتصام مجموعة من البرلمانيين قبل أسابيع داخل البرلمان، أو إقتحام مجاميع من المتظاهرين للمنطقة الخضراء والبرلمان العراقي أول أمس، هي جزء من مسلسل طويل كان هذان الحدثان الأبرز فيه خلال الفترة السابقة، واللذان مَثّلا صراعاً لكسر العظم وإبراز العضلات بين حليفين سابقين داخل بيت مهتريء واحد بدأ يتصدع. بين الساعي بيديه قبل رجليه للوصول الى ولاية ثالثة، وبين من يسعى لمنعه من الوصول اليها.. بين من أمَر أيتامه بالإعتصام داخل البرلمان بحجة ظاهرها رفض المحاصصة وباطنها التمهيد لعودته، وبين من أمَر أتباعه بإقتحام البرلمان ليدقوا جرس إنذار لأولئك المعتصمون داخله ممن يعرقلون حكومة تكنوقراط يرى أنها ستقضي على المحاصصة ويقلبوا الطاولة عليهم ويعيدوهم الى حجومهم.. وكأن الثاني يقول للأول: " إذا كنت تستطيع أن تجمع ١٧٠ نائباً ليثيروا بلبلة داخل البرلمان، فأنا بإمكاني أن أجمع ١٧٠ ألف مواطن ليقتحموا هذا البرلمان ويجعلوا نوابك يفرون منه كالفئران ".لكن رغم فوضوية مشهد الإقتحام وسرياليته وباستيليته(من الباستيل)، وهو أمر لا يبشر بخير، لأن العوام الهائجة التي يحركها وعي جمعي منفلت، هي غالباً ظاهرة صوتية وحركية لا تبني الدول، بل تزرع فيها الفوضى لتفسح الطريق للإنتهازيين، كما حصل بمشهد الإعتصام الذي سبق مشهد الإقتحام بأيام، وكما قد يحصل في نهاية مشهد الإقتحام. إلا أن ما حصل أول أمس كان منتظراً ومتوقعاً في أية لحظة ينفلت فيها عقال الوعي الجمعي ليعود الى بدائيته التي روج لها روسو، ما دامت النخب الثقافية والسياسية قد فشلت بتوظيف أسلوب فولتير العقلاني المدني المتحضر لإصلاح الفساد وما ترتب عنه من محاصصة وجريمة وسرقات لم يعرف لهـا التأريخ مثيلاً.وكالعادة كان موقف المثقف العراقي في مواكبة حادثي الإعتصام والإقتحام مخجلاً وعاطفياً لا يتناسب مع ما يجب أن يتمتع به المثقف من وعي وإدراك عميقين، فقد أثبت هذا المثقف بأنه من أكثر مثقفي العالم حباً لرياضة ركوب الأمواج، وولعاً بها، ولهفة لمزاولتها، ولكنه للأسف لا يتقنها بمهارة، ففي كل مرة يحاول مزاولتها، نجد بأنه يقع ويكسر رقبته ورقبة شعبه، بدلاً من أن يحاول تهدأة هذه الأمواج وتوظيفها عقلانياً لبناء بلده، وهو على هذا المنوال من سوء التصرف وبؤس الأداء منذ ١٩٥٨ حتى اليوم دون أن يتعض أو يتعلم من أخطاء الماضي، فعاطفيته وأيديولوجيته ولا عقلانية تسبقه في كل مرة لتجعل منه تابعاً للعوام ولوعيها المنفلت بدلاً من أن يكون مقوماً وموجهاً له بالإتجاه الصحيح، ففي كل مرة يَلمَح بها موجة عالية نراه يمسك بلوحِه ويرمى بنفسه في أتونها وآخرها أول أمس، فقد أزدحمت صفحات الفيسبوك وشاشات الفضائيات براكبي الأمواج من المثقفين العراقيين!ليس بالضرورة أن يكون المرء تماماً مع أو ضد النواب الذين إعتصموا في البرلمان، أو المواطنين الذين إقتحموه، فالمعتصمون حتى وإن كان فيهم مخلص عاطفي ساذج أو مخدوع أو باحث عن مجد مثل أياد علاوي وميسون الدملوجي وفائق الشيخ علي، إلا أن هؤلاء قلة غير مؤثرة بين المعتصمين، والغالبية هم من أيتام الولاية الثالثة ككاظم الصيادي وحنان الفتلاوي وعباس البياتي وعالية نصيف وياسر صخيل. أما المتظاهرين الذين إقتحموا الخضراء وبرلمانها، فهم خليط من أبناء وطننا الذين أنهكتهم جرائم وسرقات المعتصمين وأشباههم من تجار السياسة وسماسرة الدين الذين يحكمونهم منذ ٢٠٠٣، لكن هذا لا يعني أن نتفق معهم بكل ما يقومون به، لأن فيهم الصالح والطالح، والواعي والمُغَيب الوعي، ونحن علينا أن ندعوا الى وندعم حراك وتغيير يقوده مثقفون وساسة إصلاحيون تنويريون، وليس حراك يقوده رجل دين وتغيير يأتي عن طريق الفوضى حتى وإن خلُصَت بعض نواياه.بالنهاية الأمم يصنعها أحرار الفكر والفعل المُخَيّرون لا المُسَيّرون! فهنالك فرق بين الحُر والعَبد.. بين مَن هو سيد نفسه وأفكاره وأفعاله، وبين من يقلد الآخرين فكراً ويتبعهم فعلاً.. بين من يخرج ليختار طريقه من تلقاء نفسه، وبين من ينتظر من يُسَيّره ويأمره أحدهم بالخروج.. بين من يُحَركه وعيه الفردي الذي إكتسبه بالعلم والمعرفة، وبين من يحركه وعي جمعي يرسمه ويوظفه سمسار دين أو تاجر سياسة! النموذج الأول هو الحقيقي الذي يصنع الأحداث، ويعول عليه بأي تغيير جذري.أما النموذج الثاني فمزيف وهامشي، وما قد يحدثه من تغيير آني كضوء السراب وزبد البحر.&karadachi@hotmail.com&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
بقاء خرائط الشرق الاوسط ا
Rizgar -

بقاء خرائط الشرق الاوسط القديم يعني حكم الاعدام المستمر للاجيال الحالية والمستقبلية.. كما حرقت الاجيال الماضية ......تقسيم العراق رسميا يعني انهاء مشاكل المنطقة ...... فالتقسيم بداية الحل..

بل هي ثورة شعب
ابو حقي -

حين تكون البداية فاسدة منذ ٢٠٠٣ فلابد من رد الجماهير التي دفعت الثمن من الثورة فالنواب المعتصمين طالبوا بانهاء المحاصصة وحكومة عراقية لا حكومة احزاب قذرة فهل هذه مطالب باطلة ؟ ام ان رفض حكومة يختارها برزان والجبوري سليم وخائن الموصل النجيسي وكتكوت الحوزة حرامي الجادرية ا هي الحل الذي ينتظره الشعب ؟ أتمنى ان يطرد الكرد من الحكومة لأنهم بلسانهم وكما يذكرنا رزكار دائماً اجانب فهل من المعقول تسليم ١٧٪‏ من ميزانية العراق لأجانب ؟ وهل هو دفاع عن المالكي اذا ثار الشعب على رئيس في سبات دائم وتحت تصرفه ٦٠٠ سيارة ورواتب فرقة لتحميه وبناته كالاميرات النائمات ؟ هل الثورة على رئيس وزراء قشمر تحركه الأحزاب تعتبره دفاع عن الولاية الثالثة ؟ هل حين يثور الشعب والاغلبية على سرقة البيشمركة لاراضي العرب وأكثر من ٢٤ قرية عربية ومدينة السعدية وجلولاء والدوز وغيرها مطالب غير شرعية ؟ ثم ان قزم اربيل يهدد منذ ١٣ سنة بالانفصال واليوم منحته هذه الجماهير فرصته الذهبية فليستقل اذا كان رجل وعنده كلمة وليس سارق وخائن كما يعرفه كل العراقيين . ثورة العراقيين الأحرار سببها الرئيسي هو برزان وإذا أراد الكرد ان يكونوا مع العراق الذي يتقاسموا خيراته فعليهم الثورة على برلمان برزان المغلق امام معارضيه كما فعل احرار العراق وبغيره فالقادم اسود وسيكون فعلاً بداية النهاية للكرد في الاقليم والايام حبلى بالمفاجأة لان تسونامي العراقيين لن يوقفه الاقزام في بغداد واربيل ، ملاحظة أرجو ابلاغ الناهبة الا الطلباني ان ترسل عنوانها ليتم إرسال حذائها شرط ان تدفع قائمة الطرد وان التفكر بالعودة لعدم وجود اي لوحة اسماء لنواب برزان في البرلمان من الان والى الأبد ..

تعليق
بسبوسة -

تغيير الخارطة لا يعني أبداً دولة مستقلة لكردستان. كردستان عبارة عن مطعم كباب. والمطعم، أي مطعم، يفتقر لمقومات الدولة، لأنه ببساطة لا يمتلك آليتها. كل ما يمتلكه المطعم هو شيش كباب وحسب.

الشقافه والمشهد
ولي علي رستم -

على مدى اكثر من نصف قرن من تداول السلطة في العراق لم نشهد سوى حكومات دكتاتوريه ذات افكار شموليه ومن يخالفها تارة يتهم بالشعوبيه وتارة بالماركسيه او الاتماء القومي وان هذه الدكتاتوريات كانت لها ادواتها المتعدده واكثرها اختبات تحت يافطة الوحدة العربيه والوطن العربي الواحد او الشرق الاوسط الموحد وخضعت شعوب المنطقة لمراهنات (القادة ) التي صنعتهم الانقلابات العسكريه او الرئاسات الوراثيه بطريقة فنيه او سلطة العائله !!ويبدو ان كاتبنا العزيز تجاهل تلك المنظمة المسمى ب(الجامعة العربيه) التي لم تكن ممثلة الا لهؤلاء الدكتاتوريين واداتهم الدوليه في كل المحافل الدوليه !!فهي لم تمثل يوما شعوب المنطقة او تسمع منها رغم تعدد الاثنيات والقوميات كما في العراق او لبنان اوشمال افريقيا او سوريا او في السودان وغيرها !!- وحتى انها لم تحقق حتى انجازا واحدا !-وصاحبت الفترة ذاتها نشوء اجيال على الثقافة الشموليه وافكار الحزب القائد في كل بلد وكلها تحت اليافطة العربيه !----اما اليوم وبعد سقوط هذه الدكتاتوريات لم تجد طريقا اسهل غير الاختباء تحت يافطة جديدة باسم الاسلام وهي اسهلها --فدغلت المنطقة الى معمعة جديده بطرق طائفيه او عرقيه او مذهبيه وفق اجندات اقليميه لا تمتلك اية ايدلوجيه وهي لا تستطيع اليوم ان تقدم شيئا عما عجزت ان تقدمه في السابق وكانت دعواتها ضمن انتماءاتها الجيوغرافيه وسفكت الكثير من الدماء باسم الطائفه او العرق او ما شابه ذلك !!وتوزعت الخارطة وفق الانتماءات هذه واصبح من المستحيل العودة الى الوراء !!فعلى ارض العراق نجد خرائط متعددة بحيث اصبح من المستحيل ان يبات ابن تكريت ليلة واحدة في البصره او ابن البصره يزور الرمادي او ابن اربيل يزور برا بغداد - اذن امست اليوم الانتماءات حتى على مستوى العشيره !!؟؟ وان اي جمع يعني الجلوس حول قنبلة تنفجر في اية لحظه ! -وكثير من الامثلة وهذا ا اوصلنا اليه ىالاسلام السياسي --امام هذه الحالة كيف نطلب من البرلمان ان يجمع الجميع ؟ وكيف نفسر تناحر اهل المذهب الواحد فيما بينهم سياسيا علما ان الفضائيات تنقل لنا يوميا الكثير من الامثلة !!ان ثقافة الطائفه هي السائدة الان ومثلها ثقافة القوميه والمذهب والعرق والقبيلة ووصولى الى اكبر مؤسسات الدوله --وعليه نحن سائرون الى التقسيم شئنا ام ابينا ----

فقد تنفع الذكرى
صوت الحق -

قام المئات من الكرد بمظاهرة ضد قزم اربيل فا استشهد ٥ مواطنيين عزل على يد الأسايش القتلة ، وقام مئات الألوف من المتظاهرين بدخول المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان وخرجوا ولم يجرح شخص واحد ، فمن هم الغوغاء ومن هم القتلة ؟

وتستمر وحدة العراق
Rizgar -

وتستمر وحدة العراق المصخم .. ويتم تحذير الكورد من قيام دولة كوردية.. بدعوى انه سوف يؤدي لحروب بين العرب من جهة مع الكورد من جهة ثانية.. والسبب لان العرب لا يريدون التفريط بما كانوا يجنوه من سرقة موارد كوردستان .