فضاء الرأي

نعمة العقل

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

من بين النعم الكثيرة وافضلها التي منَ الله بها على الانسان هي نعمة العقل، التي فضلته وميزته عن سائر المخلوقات، وإن هذه النعمة هي من آثار التكريم الإلهي للانسان حيث فضله على كثير من خلقه، قال تعالى: " ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا".

وبهذا العقل، إستخلف الله (جلت قدرته) الانسان في الارض لعمارتها واستصلاحها، ولو لم يكن للانسان عقلا يدرك به اسباب وجوده لما كان لوجوده اي منفعة او فائدة. كما ان العبادات التي شرعها الله وفرضها على الناس في كل الأديان التي انزلها، كان من اول شروطها ان يكون الانسان عاقلا وبالغا، وكذلك المعاملات في الحياة، والعقود بين الناس بمختلف اصنافها، لا تكون قانونية وملزمة الا اذا كان جميع اطرافها عقلاء.

العقل، اكبر هبة من الله للانسان الذي من واجبه ان يكون مؤتمنا على هذه الهبة العظيمة، بأن يحافظ عليها وان لا يسلمها لأحد. ونعني بالتسليم، هو ان يلغي الفرد عقله ويترك الآخرين يفكرون نيابة عنه. العقل، هو مصدر الحكمة التي تميز بها الحكماء عبر التاريخ، واستخدام العقل بالطرق الصحيحة ولإهداف انسانية نبيلة له دورا كبيرا في إسعاد الانسان على المستوى الشخصي والبشرية جمعاء. العقل، هو الوسيلة التي نميز بها بين الحق والباطل، والصح والخطأ، وهو دليلنا الى الصواب الذي يربطنا بالحقيقة ويبعدنا عن الخرافة والأوهام.&

حتى نهاية السبعينات من القرن الماضي، كانت محاولة السيطرة على العقول في عالمنا العربي تقوم بها انظمة الحكم، وذلك بقمع الفئات المتعلمة والمثقفة التي كانت تطالب بالديمقراطية واحترام حقوق الانسان والمشاركة الشعبية في السلطة. وفي بعض الدول كان يمنع دخول وتداول الكتب السياسية والفكرية التي تتطرق الى مواضيع الديمقراطية وحرية التفكير، ويتعرض للعقاب كل مواطن يوجد في بيته هذه الاصناف من الكتب.

أما منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي، ومع صعود التيار الديني في ارجاء العالم العربي، فقد إنضم رجال الدين الى الحكومات في محاولة السيطرة على العقول بعد ان انخرطوا في الشأن السياسي، وبدأوا يفتون في العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، رغم قلة علم اكثرهم بهذه المواضيع. ولكن للأسف الشديد، إنقاد الكثير من الناس اليهم وسلموا لهم عقولهم، يستشيرونهم ويأخذون بأرائهم في كل المواضيع بما في ذلك قضاياهم الشخصية كالزواج والعمل وغيرها من القضايا الاجتماعية. الغت اغلبية كبيرة من الناس (خصوصا الفئة الشابة) عقولها وسلمتها لهم ليفكروا نيابة عنهم بما في ذلك فئات متعلمة تعليما عاليا.

ومن المواضيع التي تحضرني في هذا الشأن قانون "الأحوال الشخصية &- الشق الجعفري" في دولة البحرين، الذي حاولت الحكومة تطبيقه في عام 2005م لمعالجة القضايا الأسرية المتكدسة منذ سنوات طويلة في ادراج قضاة المحاكم الشرعية. رغم ان هذا القانون قد اجازته المرجعيات الدينية الشيعية في كل من النجف وقم، إلا ان بعض رجال الدين المتنفذين في البحرين قد عارضوه لغاية في انفسهم.

وبدعوة من رجال الدين هؤلاء، خرجت في شهر نوفمبر 2005م مظاهرة كبيرة شارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين (رجال ونساء)، وصفت بأنها الأضخم في تاريخ البحرين بعد عهد الاصلاح، يرفضون تطبيق القانون الذي يهدف في الأساس الى حفظ حقوق المرأة والأطفال، ويحد من تعنت الرجال في قضايا الطلاق ومحاولة هروبهم من تحمل النفقات الشرعية. لا ابالغ اذا قلت ان حوالي 70% من الذين شاركوا في تلك المظاهرة لا يعرفون ما هو قانون "الأحوال الشخصية" وما الهدف منه. اما الـ 30% الباقون، فاغلبهم لم يقرؤون القانون لمعرفة ايجابياته وسلبياته، فقط خرجوا دعما لرجال الدين المعارضين للقانون الذي يحد من صلاحياتهم وتعسف بعضهم. لا زال القانون معلقا والكثير من النساء يعانون ويصرخون ولكن ما من مجيب.&

العقل هو سر عظمة الله في خلقه، والسير على هدى العقل المستنير يهيء لصاحبه مستقبلا كبيرا في مستوى التفكير والتدبر في شؤون الكون. ليس المطلوب من العقل ان يسَلم بلا اساس، بل ان يشك في كل شيء لأن الشك طريق العقل الى الصواب. على الانسان الذي انعم الله عليه بنعمة العقل عدم تقديس الغير مقدس سواء اكان شخصا ام شعارا ام فكرة، والاعتماد على النفس لا على الغير في البحث عن الحقيقة.&

يقول "الشيخ محمد الغزالي" رحمه الله: "انا لا اخشى على الانسان الذي يفكر وإن ضل، لأنه سيعود الى الحق. ولكني اخشى على الانسان الذي لا يفكر وإن اهتدى، لأنه سيكون كالقشة في مهب الريح".&

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
نعم العقل نعمة
فول على طول -

سيدنا الكاتب وبعد التحية : ونحن نسألكم وبكل صدق وأمانة هل ظلم الاسلام للمرأة نابع من الشيوخ أم النصوص نفسها ؟ وهل الارهاب الاسلامى نابع من الشيوخ أم الشباب الذى لا يقرأ بنفسة وسلم عقلة للشيوخ كما تقول أم النصوص نفسها ؟ وهل الشاب لو قرأ بنفسة أو سمع كلام الشيخ أو أهل العلم الثقاة ...هل ستتغير النتائج وخاصة أن الجميع ينهلون من نفس النبع ؟ كيق تقرأ مثنى وثلاث ورباع وملكات يمين ؟ أو اهجروهن فى المضاجع واضربوهن ؟ أو المرأة كالكلب والحمار والشاة ؟ هل لها معانى أخرى غير ما تعنية ؟ وبكل الصدق : ما الذى يفعلة داعش ولم يفعلة السلف الصالح أو لا يوجد فى النصوص اياها ؟ هل سبى الأزيديات وغيرهن وبيعهن واغتصابهن بعيد عن النصوص أم فهم خاطئ للاسلام ...؟ وهل تعتقد أن الذى يتعامل مع الأزيدية أو أى امراة غيرها بنفس التعامل سوف يحترم المرأة المؤمنة ؟ وهل تعتقد فعلا أن الاسلام كرم المرأة وحفظ حقوقها أم مجرد كلام انشائى تم برمجتكم علية ؟ ينقصكم الصراحة والشجاعة . أؤكد لكم أننا لا نهاجم الاسلام ولا المسلمين وكل مانبغية هو التعايش الانسانى بين كل البشر ونحن نقرأ لكم نصوصكم بصوت مسموع وصراحة ...أعيدوا قراءة نصوصكم بحياد بعيدا عن هذا كلام اللة أو رسولة وبعدها فقط سوف تحكمون بالحياد . تحياتى .

الجهل رأسمال الاستبداد
أبو جمال -

لعل الأداة الأكثر ارتباطا بالعقل سلبا أو إيجابا هي المنظومة التعليمية، والتي أصبحت في العصر الحديث من مسؤوليات الدولة، سواء التعليم العمومي الذي تشرف عليه بشكل كامل من بناء المؤسسات التعليمية وتجهيزها وتوفير الأطر التربوية ووضع البرامج والمناهج الدراسية، أو التعليم الخاص الذي تقوم بمراقبته خاصة على مستوى البرامج الدراسية. وتبعا لذلك فإن وضعية العقل داخل مجتمع مّا تقع مسؤوليته على النظام الحاكم، و فيما يتعلق بالعالم العربي فإن جميع أنظمته وبدرجات متفاوتة عملت بشكل منهجي على إفساد المنظومة التربوية و التعليمية باعتماد ماسمّاه المفكر الراحل محمد أركون ب"الجهل المؤسس"، كما استعانت تلك الأنظمة بتجار الدين لنشر الخرافة. إن أنظمة الاستبداد ليس من مصلحتها سيادة العقل داخل المجتمع لأن حدوث ذلك معناه انتشار الوعي وتقوية فصائل المعارضة وبالتالي تهديد الامتيازات غير المشروعة للتحالفات الحاكمة.

شر البلية
ما يضحك! -

عقل فول بعد أكل الفول!

تنقيح القرآن
2242 -

الحل الوحيد للقضاء على الإرهاب و العنصرية و التخلف يبدأ و ينتهي بتنقيح القرآن.

ما رأي السيد الكاتب بِ ...
Almouhajer -

من يقدمون النقل على العقل وهم بالتأكيد ٩٠٪‏ من المسلمين، إن لم تمون النسبة ١٠٠٪‏ . ياليتنا نسمع جواباً !!!

شوفي مشكلة مع النشر يا إيلاف؟!
Almouhajer -

سأعيد ما كتبته منذ ٢٤ ساعة وهو سؤال برسم الإجابة موجه للسيد الكاتب . كيف يكون العقل زينة أو نعمة ، في حين أن المسلم يقدِّم النقل على العقل ؟ بمعنى آخر ، عندما يقرأ شيئاً من القرآن قد لايتناسب مع العقل، يقول أنه يصدق القرآن لأنه كلام الله أي النقل ، إذا كان النقل صحيحاً ؟ أرجو التوضيح ولكم الشكر وللمحرر الشكر أيضاً على النشر