الانتخابات الإيرانية وشرارة الانتفاضة الرابعة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حتى 28 كانون الأول (ديسمبر) 2017، تاريخ اندلاع الانتفاضة الشعبية الإيرانية التي ألزمت علي خامنئي بالاحتجاب والامتناع عن الظهور لنحو 13 يوماً، لم يکن ثمة من تصور أو اقتناع لدى المجتمع الدولي عموماً والبلدان الغربية خصوصاً بأن الشعب الايراني يميل فعلاً إلى إسقاط النظام الحاكم، لا سيما أنَّ هذا الأخير، ومن خلال تصريحات ومواقف قادته التي دأبوا فيها على تبادل الأدوار وکذلك من خلال وسائل إعلامه المضللة، كان يصور النظام بصفته قوة قاهرة تمسك بزمام الأمور بصورة محکمة، وليس هناك أي احتمال لحدوث تغيير نوعي في البلاد.
إنَّ الرهان الدولي على الجناح المسمى بالإصلاحي، والسعي من خلاله إلى فتح ثغرة في جدار النظام، کان إلى جانب العقوبات الدولية وسياسة مسايرة النظام واسترضائه من قبل البلدان الغربية، بصيص الأمل الوحيد من أجل تحقيق إحداث تغيير في النظام يلزمه بالتخفيف من نهجه المتشدد.
إقرأ أيضاً: الأصح ضرب رأس الأفعى
لقد تبين أن هذا الرهان لم يكن خاطئاً فحسب، بل مدعاة للسخرية أيضاً، ذلك أنَّ النظام أفاد إلى أبعد حد من هذا الرهان، لا سيما لجهة سياسة المسايرة والاسترضاء الغربية، والتي استمرت بالرغم من کل الانتقادات اللاذعة التي وجهت إليها من قبل أوساط وشخصيات سياسية وازنة في البلدان الغربية نفسها، لکن هذه السياسة ظلت مستمرة وظل الرهان ـ الحلم الغربي بإمکانية تحقيق تغيير إيجابي في نهج النظام وسلوکه وليس إسقاطه، قائماً ومستمراً.
حاول النظام الإيراني جاهداً التغطية على الصفعة الشعبية القوية التي تلقاها في 28 كانون الأول (ديسمبر) 2017، ساعياً إلى لفلفلتها بمختلف الطرق، حتى بلغ به الأمر حد قتل أعداد كبيرة من المتظاهرين المعتقلين، قضوا بفعل التعذيب القاسي الذي تعرضوا له. والمثير للاستغراب أن النظام زعم بأن هؤلاء قد انتحروا، ما يشكل بحد ذاته تصرفاً غريباً وغير مسبوق، إذ لم يسبق أن قام نظام بمثل هذه الفعلة حتى ذلك التأريخ. وما يفسر هذا التصرف الإجرامي، وکذلك غياب خامنئي الملفت للنظر لمدة 13 يوماً، رفع الشعب الصوت عالياً بشعارات مناهضة للنظام وتطالب بإسقاطه!
إقرأ أيضاً: رأس أخطبوط الفتنة والأزمات
في خضم المساعي الحثيثة التي کان يبذلها النظام بعد انتفاضة 28 كانون الأول (ديسمبر) 2017 من أجل جعلها طي النسيان، جاءت الصفعة الثانية المؤلمة في انتفاضة 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، والتي شهدت أيضاً تطوراً ملفتاً للنظر وهو قيام النظام بقتل وإبادة 1500 من المتظاهرين في سبيل التغطية أيضاً على هذا التطور النوعي، لا سيما أنه رافقه ترديد الشعارات ذاتها، والمطالبة بإسقاط النظام. ولاغرو أنَّ ما أزعج النظام وأربکه کثيراً أنَّ المجتمع الدولي عموماً والبلدان الغربية خصوصاً طفقت تسعى للنظر إلى الاوضاع في إيران بنظرة أخرى تختلف عن نظرتها السابقة. لکن وکما صعق النظام في 16 أيلول (سبتمبر) 2022، بالانتفاضة النوعية غير المسبوقة التي اندلعت في وجهه، فإنَّ البلدان الغربية فوجئت هي الأخرى عندما وجدت أنَّ ثمة شعباً حياً يقف في وجه الممارسات القمعية المفرطة في قسوتها لأشهر عديدة، ويريد فعلاً إسقاط النظام، والعامل الذي ربط بين هذه الانتفاضات الثلاث ومنح الأولوية للمطالبة بإسقاط النظام، لم يکن سوى الخصم والغريم الأشهر من نار على علم، أي منظمة مجاهدي خلق، التي جعلت من إسقاط النظام شعارها المرکزي.
إقرأ أيضاً: قرع الطبول الفارغة
ماذا يحدث في إيران؟ ما بال النظام يواجه ثلاث انتفاضات تزداد قوة كل مرة، ولماذا صارت التصريحات الرسمية لقادة النظام تشير وبصراحة إلى أنَّ هناك من يريد إسقاط النظام؟ الإجابة أن النظام قد بلغ أضعف حالاته، ويواجه شعباً رافضاً له، ويريد إسقاطه مهما کلف الأمر، وهناك أيضاً معارضة سياسية طرحت وتطرح کبديل للنظام، تقود النشاطات المضادة له، والأهم من ذلك کله، أنَّ قادة النظام أنفسهم يحذرون من احتمال اندلاع انتفاضة رابعة قد تجعل من النظام أثراً بعد عين!
یتکهن البعض بأنَّ الشرارة التي ستوقد الانتفاضة الرابعة قد تأتي مباشرة بعد ظهور نتائج الانتخابات النیابیة ومجلس الخبراء بعد أسبوعین تقریباً من الآن، لأنَّ مسرحیة الانتخابات التابعة للملالي مرشحة أن تقدم أکبر صورة فاضحة لشعبیتهم المفقودة، وتقدم أوضح عنوان عن مقاطعة كامل الشعب الإیراني لحکم الملالي جملة وتفصیلاً.