فضاء الرأي

جسد من دون رأس

النظام الإيراني ورأسه متهم باغتيال عشرات آلاف الناشطين المعارضين السياسيين
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

من المستحيل أن يصدق الإنسان أن هناك جسد يعيش من دون رأس لأکثر من 44 عاماً، فهذا ما لا يمکن أن يحدث إطلاقاً، لأنه يخالف العلم ويجافي المنطق والحقيقة جملة وتفصيلاً! لکن زعماً مماثلاً، وبهذا المعنى أو ما يمکن أن يشابهه، جرى ويجري إطلاقه في إيران على لسان القادة والمسؤولين في النظام الإيراني، وقد تم التأکيد عليه بصورة ملفتة للنظر خلال الأعوام الأخيرة!

في عالم يتسم بالمتغيرات والتحولات والتقدم غير العادي وسهولة الحصول على المعلومات وحتى التدقيق فيها والتأکد من صحتها، يصرّ النظام الإيراني، وبصورة ملفتة للنظر، على عدم الاقرار بکل ما تقدم، ويتبنى قاعدة أساسها "النعامة التي تخفي رأسها في الرمال" لکي تخفي نفسها عن أعدائها والمتربصين بها شراً.

إقرأ أيضاً: سر بقاء النظام الإيراني

لا نسعى إلى مبالغة أو تهويل، وسنکون واقعيين وعقلانيين فيما نطرح، وإنطلاقاً من ذلك نقول: أهناك من بلد في المنطقة شهد انتفاضات ونشاطات وتحرکات احتجاجية مستمرة کما حصل ويحصل في إيران؟ قد يسعى البعض للمحاججة بما جرى ويجري في سوريا، لکننا نعترض على هذه المحاججة بأمرين: الأول أنَّ الثورة ضد النظام السوري حدثت في 2011، وأن النظام الإيراني بنفسه قد شارك في قمع هذه الثورة وعمل على تحريفها وتشويهها وإجهاضها. في حين أنَّ النشاط المعادي للنظام الإيراني مستمر منذ قيامه أي منذ 44 عاماً، بل إن مشارکته في قمع الثورة السورية لم يکن حباً بالنظام السوري، وإنما خوفاً من آثارها وتداعياتها التي کانت ستصل إليه من خلال الآثار السلبية لتلك الثورة على حزب حسن نصرالله في لبنان فيما لو نجحت.

إقرأ أيضاً: الشاه ومصير النظام الإيراني

قادة النظام الإيراني ووسائل إعلامه من ورائهم يريدون من العالم أن يصدق أنَّ کل ما حدث ويحدث من انتفاضات ونشاطات معادية للنظام، هي أمور عبثية قائمة على الصدفة، ومؤامرات إقليمية ودولية، نافين أن يكون داخل إيران مَن يرفض النظام ويسعى إلى إسقاطه، أي أنَّ النظام يٶکد على أنَّ کل هذه الانتفاضات والنشاطات، وبشکل خاص جداً انتفاضة 16 أيلول (سبتمبر) 2022 التي استمرت لأشهر عديدة، هي من دون قيادة ولا يوجد هناك من تنظيم معارض يقف خلفها، وأن الاشتباك والمواجهة مع عناصر أجهزة النظام القمعية إنما تحدث لأنَّ الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى قامت بدفع أموال للمنتفضين لکي يرتکبوا هکذا جرم يحاکمه النظام بموجب قانون "المحاربة"، أي محاربة الله، بالموت!

إقرأ أيضاً: ما وراء استبعاد روحاني

عجباً من نظام يرأسه رجل کان بالأمس عضواً في لجنة قامت بتنفيذ أحکام الإعدام بحق آلاف السجناء السياسيين الذين کان قرابة 90 بالمئة منهم ينتمون إلى منظمة مجاهدي خلق، والذي واجه ويواجه حملة في داخل إيران وخارجها بسبب من ذلك، ومن مرشد النظام الذي غاب عن الأنظار خلال انتفاضة كانون الأول (ديسمبر) 2017، لثلاثة عشر يوماً، ثم أطل ليتهم مجاهدي خلق بالوقوف خلف هذه الانتفاضة، بل والأعجب من ذلك عندما طالب المرشد بنفسه ومن قبله وزير الأمن الأسبق للنظام شباب إيران بعدم الانضمام لمنظمة مجاهدي خلق والحذر منها، واشتكى من أن الشباب طفقوا ينأون بأنفسهم عن مبادئ وأفکار نظرية ولاية الفقيه، وبعد کل أحکام السجون والاعدامات التي تم تنفيذها بأعضاء في وحدات المقاومة (الخلايا الداخلية لمجاهدي خلق وقوامها الشبان والشابات)، يريدون منا ومن العالم أن نصدق أن ما يحدث مجرد نشاطات غوغائية وعبثية حدثت وتحدث من تلقاء نفسها أو من قبل أعداء النظام ليشارك فيها الشعب الايراني بمختلف مکوناته ويطالب بإسقاط النظام!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف