فضاء الرأي

ماذا بعد تصريحات وزير خارجية النظام الإيراني؟

مسؤولو النظام الإيراني منفتحون على الحوار مع الولايات المتحدة، لكنهم يشترطون رفع العقوبات المفروضة على نظامهم والعودة إلى الاتفاق النووي
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

اللعب على المكشوف دون حياء أو خجل علنًا وعلى عينك يا تاجر؛ هذا هو تصريح وزير خارجية النظام الإيراني حول عدم وجود خلاف من حيث المبدأ بين طهران وواشنطن، وأن الخلافات تدور حول حصة إيران في المنطقة. يعكس هذا التصريح المثير للجدل تعقيدات الموقف في الشرق الأوسط الواقع تحت وطأة أشد مرحلة من مراحل العلاقات الدولية قبحًا واستخفافًا. لقد أعادنا تصريح الوزير هذا إلى العودة إلى قرع الطبول من جديد. لم يعد هناك حاجة للتكهنات أو التحليلات بعد هذه الصراحة والوضوح المُعلن، مهما كانت دوافعه. لا نعرف كيف نسميه.. وقاحة أم صراحة أم حق إقليمي في تركة ليس لها أهل ولا ورثة. فهل تشير هذه التصريحات إلى بوادر نهضة عربية أمام تبجح الملالي ووقاحتهم في سعيهم لتحقيق المزيد من المكاسب؟ لفهم هذا التصريح وأبعاده، من الضروري استعراض السياق السياسي والجيوسياسي الذي يأتي فيه، وكذلك النظر في تداعياته المحتملة على المستويين الإقليمي والدولي.

السياق السياسي والتاريخي
سادت العلاقة بين نظام الملالي في إيران والولايات المتحدة الأميركية منذ ثورة 1979 حالة من التوتر والشد والجذب، لكن سرعان ما تكشفت الحقائق تارة على يد الأمريكان وتارة أخرى على يد الملالي، وتارة تفضحها وقائع الأحداث. خاصة عندما ترى الشعار المرفوع ليس أكثر من فقاعة منمقة، وترى البضائع الأميركية تملأ الموانئ والأسواق. لا تغرنكم الشعارات فتستهلك عقودًا من أعماركم، وبالنتيجة ستدركون الحقائق ولكن بعد فوات الأوان. أما الحرب الإيرانية العراقية، فقد كشفت وفضحت الكثير.

يصرح مسؤولو النظام الإيراني بأنهم منفتحون على الحوار مع الولايات المتحدة، لكنهم يشترطون رفع العقوبات المفروضة على نظامهم والعودة إلى الاتفاق النووي. تأتي تصريحات وزير الخارجية الأخيرة لتؤكد هذا الموقف، مع التركيز على قضية "حصة الملالي في المنطقة" كأحد أهم نقاط الخلاف. تأتيهم بين الحين والآخر رشقة من مليارات الدولارات لإرضائهم وتهدئتهم، لكن الخلاف لا يزال قائمًا بحسب اعترافهم على حجم الحصص فيما لا يملك أي من الطرفين. ينطبق عليهم منطق "وهب الأمير ما لا يملك". هذا هو منطق العربدة الجديد بالمنطقة ما لم تكن هناك عصا غليظة لسحق مقاعدهم ورؤوسهم بعد انتزاع أدوات المتاجرة بالدين.

تشير تصريحات وزير الخارجية الإيراني إلى وجود قبول ضمني بين طهران وواشنطن حول أطر معينة للعلاقات، لكن محور الخلاف هو حجم التمدد الإقليمي. هذا يعني أن ملالي إيران يسعون للحصول على اعتراف دولي بدورهم كقوة إقليمية وما يترتب على ذلك من استحقاقات في التمدد إقليميًا، وضمان حقهم في صياغة السياسات والمصالح في منطقة الشرق الأوسط. تلك رسالة واضحة تعبر عن الرغبة في الجلوس على طاولة المساومات من جديد. الكل يعشق المال وملالي إيران لديهم ما يهبونه من أموال الشعب الإيراني وخزائن الدول التي يحتلونها، وفي مقدمتها العراق الذي يعاني الفقر والبطالة وسوء حال البنية التحتية.

التداعيات المحتملة
أليست هذه فضيحة للإدارة الأميركية أمام شعوب المنطقة وحلفائها الإقليميين خاصة إذا استمرت الخلافات حول النفوذ الإقليمي للملالي دون حل؟ وبعيدًا عن التوترات العسكرية التي ليست سوى ذَرٍّ للرماد في العيون للضحك على البسطاء! هل تستطيع الإدارة الأميركية قلب الطاولة على رؤوس الملالي، أم ستستمر في مسار الاسترضاء والمهادنة والمناورة طالما في ذلك ترويض للموقف العربي؟ ولطالما في ذلك تعميق للانقسامات الطائفية والسياسية بالمنطقة مما يزيد من حجم الأزمات وحدة الصراعات الطائفية والسياسية في كافة دول المنطقة. يعتبر الملالي هذه الدول إما ضيعة من ضيعهم أو حديقة خلفية لهم أو امتدادًا لمصالحهم وحقوقهم التاريخية، بما أنهم يقولون إن قورش وصل بنا إلى البحر المتوسط وها هو حزب الله يوصلنا إلى البحر المتوسط، وهذا هو خطابهم الديني.

ما ينفقه الملالي على ميليشياتهم نقدًا من مليارات الدولارات وعينيًا بمليارات الدولارات يعود عليهم بالنفع على عدة مسارات، منها خلق الأزمات لتمديد عمر النظام، والقدرة على المضي قدمًا في سياسة المساومة على حقوقهم في التمدد إقليميًا. لذلك، فإن استمرار الدعم الإيراني للعصابات الشيعية المسلحة، سواء من المال العام الإيراني المنهوب أو من مال العراق المُباح، أمر استراتيجي بالنسبة للملالي، وعلى الأغلب يحظى بمباركة أمريكية، إذ تلتقي رؤى الطرفين الملالي والإدارة الأميركية في الكثير من التوجهات.

جاءت تصريحات وزير خارجية الملالي بالوكالة هدية ما بعدها هدية لمن تغافلوا ولكي تُسمع من كان به صمم. بات بالإمكان الجزم بنوايا ملالي إيران الحقيقية فيما يتعلق بالعرب، وتبقى التطورات القادمة، خاصةً في مسار مشروع الملالي النووي، هي التي ستُحدد حجم نكبة العرب. وهل ستقوم لهم قائمة إذا أصبحوا ذات يومٍ على أصوات احتفالات الملالي داخل العربية بالإعلان عن إنتاج السلاح الذري؟ لم يبقَ شيء سوى القول: هنيئًا لكم يا عرب، بات ملالي الجهل في إيران رقمًا! يريدون من ولي النعم في واشنطن حصصًا عادلة لهم في المنطقة. إلى أين أوصلنا الملالي على أكتافنا نحن العرب، وبالنتيجة يتقاسموننا كحصص مع الأمريكان والأوروبيين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف