فضاء الرأي

بَوادِر انْهزام إسرائيل تلوح في الأفق؟

محاولات إطفاء حريق خلفه قصف من الأراضي اللبنانية باتجاه شمال إسرائيل
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تقوم إسرائيل، وبمساعدة الولايات المتحدة الأميركية وغالبية الدول الغربية، بإبادةٍ جماعية للشعب الفلسطيني في غزة، حيث يسقط قتلى وجرحى بالآلاف من صفوف المدنيين العزل الآمنين في بيوتهم، ومعظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، في حين يقف "المجتمع الدولي" متفرجاً على أبشع الجرائم الإنسانية في تاريخ البشرية.

إن المقاومة الفلسطينية في غزة، مثل كتائب القسام وسرايا القدس وغيرها من الفصائل، تواجه جيشاً مدججاً بأحدث الأسلحة، من طائرات ودبابات وصواريخ وغيرها من الأسلحة الأمريكية. ولكن المقاومة الفلسطينية استطاعت ببسالتها وحِنْكتها في القتال أن تُكبِّدَ "الجيش الذي لا يُقهَر" خسائرَ فادحةً في الأرواح والعتاد الحربي، ولا تزال تُكبدُه خسائر جسيمة إلى أقصى الحدود. ففي كل يوم تُصرّح فصائل المقاومة عن استهدافها لدبّابات وجرّافات وحاملات جنود إسرائيلية استهدافاً مباشراً يؤدي إلى تدمير هذه الآليات وقتل وجرح مَن بداخلها، مستعملة في ذلك مجموعة متنوعة من الأسلحة المتوفرة لديها، مثل قذائف الياسين وقذائف الهاون الشواظ والسهم الأحمر وما إلى ذلك. ولكنّ إسرائيل تقوم بالتكتم على خسائرها ولا تُصرّح إلّا بالقليل منها، حتى لا ينتفض المجتمع الإسرائيليّ ويثور على المسؤولين السياسيين والعسكريين الذين كانوا السبب في الدخول في حرب لا تُعرَف نهايتُها. هؤلاء يدركون تماماً أنهم لا يستطيعون القضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة الأخرى، ولو استمرت الحرب لسنوات. وللإشارة، فإن حركة حماس قد نشرت فيديو يُبيّن مصنعاً لصناعة العبوات والقذائف وأسلحة أخرى، مما يدل على استعدادها لخوض حرب طويلة المدى، الشيء الذي يدحض مزاعم إسرائيل بأنّ المقاومة تقوم بتهريب الأسلحة من خارج القطاع.

إقرأ أيضاً: دَعمُ المَغرب لأهالي القُدس نموذجٌ يجب الاقتداءُ به

لقد بدأت بوادر انهزام إسرائيل أمام حماس تظهر للعيان، حيث أصبح العديد من جنودها يمتنعون عن دخول غزة ضمن مقاتليها، كما أخذت عائلات الجنود تُنادي بوقف الحرب في غزة، لأن أبناءهم يموتون دون تحقيق أيّ هدف من أهداف الحرب التي أعلنها السياسيون عند بدء توغل الجيش في القطاع. كما أخذت أعداد الشباب الصهيوني الذين يرفضون التجنيد في ازدياد مستمر، بالإضافة إلى قيام مظاهرات صاخبة للجمهور الإسرائيلي الرافض لاستمرار الحرب في غزة والداعين إلى الذهاب إلى مفاوضات مع حماس من أجل إبرام صفقة تبادل الأسرى.

رغم كل التصريحات والتحليلات السياسية والعسكرية التي تأتي من أميركا وإسرائيل حول الانتقال من مرحلةٍ حربية إلى مرحلة أخرى، وتحقيق النصر في هذا المكان وذاك، فإنها كلها زيف وأكاذيب وافتراءات لا يُمكن تصديقُها من عاقل، ذلك أن المقاومة لا تزال قويةً ومتماسكة وتحت قيادة واحدة تُدير المعركة بكل حزم في جميع أرجاء قطاع غزة. ذلك أن المقاومة تُظهِر يوماً بعد يومٍ نوعاً جديداً من الأسلحة تُفاجئُ بها الجيش الإسرائيلي، علاوة على أساليب وتكتيكات جديدة في القتال، الشيء الذي أرعب وأهلع المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين.

إنّ هدف إسرائيل وأميركا والدول الغربية من هذه الحرب هو الإبادة الجماعية للفلسطينيين والقضاء عليهم وتشريد ما بقي منهم على قيد الحياة خارج وطنهم فلسطين، من أجل ترسيخ أركان "الدولة اليهودية" بالاستيلاء على كل أرض فلسطين. ولكن في ظل الأوضاع المزرية الحالية التي يعيشها الجيش الإسرائيلي في غزة، جرّاء بسالة رجال المقاومة وأساليبهم ومنهجيتهم في القتال، باتباعهم حرب العصابات وسط ركام البيوت المهدمة وفي المنازل الخالية، ومعرفتهم الكاملة لتكتيكات ونهج الجيش الإسرائيلي في الحرب، جعلهم يتفوّقون في ساحة المعركة ويحصدون كل يومٍ العشرات من الجنود الإسرائيليين الذين يجهلون تمام الجهل كل ما يجري في غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة، التي تقوم بإدارة مُتقنة للعمليات الفدائية في كل المناطق وعلى جميع الجبهات. ومن هنا وجب القول إنّه من المستحيل أن تُحقق إسرائيل وأميركا والغرب هدفها الذي خططت له وأعدت له كل الإمكانيات العسكرية واللوجستية والاستخباراتية وغيرها.

يصعب على إسرائيل وأميركا والغرب الخروج من وَحَل غزة إلّا بالرضوخ لشروط حركة حماس، بوقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة وفتح جميع المعابر لإدخال المساعدات للأهالي وإعادة إعمار ما دمرته الآلة الحربية الإسرائيلية. وما يقلق إسرائيل وأمريكا في هذا الشأن هو خشيتها، في حالة إيقاف الحرب، أن تبسط حركة حماس سيطرتها الكاملة على قطاع غزة والضفة الغربية، ويتضح لها ذلك أثناء نقل شرارة المقاومة من غزة إلى الضفة، والتي تبدو بوادرها من خلال ما تقوم به المقاومة فيها من تفجيرات للآليات الحربية الإسرائيلية عند توغلها في المدن والبلدات والمخيمات، مستنسخة أساليب التفخيخ وزرع العبوات الناسفة من فصائل المقاومة في غزة.

إقرأ أيضاً: الانقسام لا يخدُم القضية الفلسطينيّة

بعد انتهاء الحرب على غزة، فإن حركة حماس هي مَن ستدير الأمور في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، نظراً لانهيار السلطة الفلسطينية الكامل بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، التي كان الكيان الإسرائيلي يرتكز عليها في لجم أيّ حركة مقاومة في الضفة عبر التنسيق الأمني المبرم بين الطرفين.

ختاماً، إن تولّي حركة حماس لزمام الأمور في القطاع والضفة يُشكل تهديداً حقيقياً للوجود الإسرائيلي، الشيء الذي جعل أمريكا تستمرّ في حربها على القطاع لأنها تُدركُ جيداً أن إنهاء الحرب هو انتصار لحماس، وهذا هو الهاجس الكبير الذي يُراودها. انتصار حماس يعني أخذها بزمام الأمور في كل من الضفة والقطاع، مما سيُنذر بزوال شُرطيها الأمين في المنطقة، الشيء الذي سينتج عنه تهديد مصالح أميركا في منطقة الشرق الأوسط.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف