فضاء الرأي

نابُ كلب في جلد خنزير

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فاز مسعود بزشكيان اليوم (السبت) في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة الإيرانيّة أمام سعيد جليلي وفقاً لرويترز. وفي أول تصريح له منذ إعلان فوزه، أكد بزشكيان اليوم أنه &"سيمد يد الصداقة للجميع&".

كتبت صحيفة الشرق الاوسط اللندنية عن ذلك أن تأثير نتيجة الانتخابات سيكون محدوداً على توجّه البلاد لأنّ للرئيس في إيران صلاحيات محدودة. وتقع المسؤولية الأولى في الحكم في البلاد على عاتق المرشد الأعلى الذي يُعتبر رأس الدولة، أما الرئيس فهو مسؤول على رأس حكومته عن تطبيق الخطوط السياسية العريضة التي يضعها المرشد الأعلى علي خامنئي.

منذ توليه منصب الولي الفقيه، تدخل خامنئي في أغلب الانتخابات وسعى من أجل هندستها حتى تکون في خدمة أهدافه ومخططاته ولا تتقاطع معها قيد أنملة، لکنه لم يتدخل ويهندس أي انتخابات کما حدث مع الانتخابات الرئاسية التي جاءت بإبراهيم رئيسي، وتلك التي جعلته يبقى لولاية ثانية، کما انه وفي الوقت لم يعول على أي من قادة ومسؤولي النظام مثلما عول على رئيسي وراهن عليه، ولذلك لا يجب أبداً اعتبار مصرع رئيسي مجرد حادثة عرضية ستمر على خامنئي مرور الکرام، بل هي ضربة موجعة في الصميم، حتى إن توقيت حدوثها کان في وقت صعب وحرج على حد سواء.

الانتخابات لاختيار خلف لرئيسي، معضلة أخرى بالغة الصعوبة والتعقيد، حيث يجد خامنئي نفسه في موقف ووضع لا يحسد عليهما أبداً، ولا سيما أنَّ معظم المساعي الحثيثة المبذولة من قبله ومن قبل نظامه لحث الشعب الايراني على المشارکة في الانتخابات وليس مقاطعتها، قد باءت بالفشل، والدليل العيني على ذلك أنَّ المقاطعة أکبر من تلك التي حدثت خلال انتخابات مجلس الشورى وخبراء القيادة، وهو دليل واضح على أنَّ الرفض الشعبي للنظام يتنامى ويتزايد وليس يقل ويذبل کما يتمنى ويرجو خامنئي والنظام.

إقرأ أيضاً: بانتظار التفعيل الدولي لملف حقوق الإنسان في إيران

هناك أمر يجب أخذه بنظر الاعتبار والأهمية البالغة، وهو أنَّ خامنئي عندما قام بهندسة الانتخابات الرئاسية للمرحلتين التي أوصلتا رئيسي للجلوس على کرسي الرئاسة، فإنه قام بذلك لعلمه بأن النظام يواجه مرحلة يشهد فيها تحديات وتهديدات غير مسبوقة يبدو خلالها واضحاً بأنَّ الشعب وصل إلى قناعة کاملة برفض هذا النظام تماماً والسعي من أجل الاطاحة به، حيث الانتفاضات الثلاث الأخيرة كانت ذات طابع سياسي، وظهرت عليها آثار وبصمات منظمة مجاهدي خلق بکل وضوح، وقد أجبر خامنئي فيما أجبر على العمل على اتباع نهج يسعى لتقليص دائرة السلطة والنفوذ في النظام وجلب العناصر الأکثر ثقة واعتداداً للسلطة، وجلب رئيسي کان لهذا السبب، ولکن مصرعه الذي جاء ليس مفاجئاً وإنما صادماً لخامنئي، جعله في حيرة من أمره، خصوصاً أنَّ مشاعر رفض وکراهية النظام في تزايد مستمر، في حين أن قوة النظام وتماسکه في تراجع ملفت للنظر، بحيث أن هناك فارق کبير لصالح مشاعر رفض وکراهية النظام، ولذلك فإنَّ خامنئي قد أيقن تماماً أنَّ المواجهة ومنذ انتفاضة 28 كانون الأول (ديسمبر) 2017 قد تطورت إلى مواجهة الوجود والعدم مع النظام، ولأجل ذلك وجد خامنئي نفسه مضطراً لوضع حد للعبة الاعتدال والسعي من أجل انکماش مفرط في النظام لخوض مواجهة الوجود والعدم التي تنتظر النظام بفارغ الصبر.

إقرأ أيضاً: كندا تُدرج الحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب وسط مظاهرات برلين

خامنئي لم يتجرع لحد الآن كامل الکأس المر لمصرع رئيسي، والذي يزيد من مرارته يجعل منه حنظلاً بحق، أنَّ هذه الانتخابات قد تزامنت مع تجمع إيران الحرة 2024، والذي يعتبر مناسبة من أجل شحذ همم الشعب الإيراني وتحفيزه أکثر من أجل مواصلة صراعه ومواجهته ضد النظام وأثر ويؤثر کثيراً على نبض الشارع الإيراني، وقد ركز هذا التجمع أکثر من أي وقت مضى على ضرورة تفعيل وإذکاء الصراع والمواجهة القائمة بين الشعب وبين النظام، من أجل حسم الأمور وعدم السماح للنظام بالبقاء أکثر من ذلك!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف