التحول الجنسي انحراف أم ثقافة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
موضوع التحول الجنسي الذي يتم تداوله إعلامياً بشكل كبير والمُرحَّب به في بعض المجتمعات، أي التحول من جنس إلى آخر، ذكر إلى أنثى أو أنثى إلى ذكر، موضوع شائك. فقد أبدى الدين وجهة نظره حول الموضوع، وكذلك أبدى العلم وجهة نظره، وفي بعض الدول، أبدى القانون وجهة نظره أيضاً. فالدين، بلا أدنى شك، يعلن اعتراضه على التحول الجنسي ويعتبره مخالفة لخلق الله، فالأنثى تبقى أنثى حتى وإن استرجلت، والذكر يبقى ذكراً حتى وإن تخنث، والتركيبة البيولوجية للإنسان لا يمكن تغييرها ولا يُسمح بتغييرها، ولذلك فهي عملية فيها فسوق وعصيان لأمر الله. أما العلم فقد اعتبر التحول حقاً طبيعياً للإنسان المتحول، لأنَّ الأساس ليس البناء البيولوجي للإنسان، بل البناء السيكولوجي والحسي، وبما أنَّ علم النفس قد تطور بشكل يفوق كل العلوم، فقد أعطى هذا العلم التحليل الباطني أو النفسي لجميع سلوكيات الإنسان. إذاً، جعل هذا العلم القرار سيكولوجياً أكثر مما هو بيولوجياً، بالرغم من أنَّ التركيبة البيولوجية لبعض الناس قد تكون فيها محفزات التحول الجنسي. أما القوانين في بعض البلدان، وخاصة البلدان المتقدمة، فقد أنهت الجدل الدائر حول موضوع التحول الجنسي، ووقفت إلى جانب العلم وشرَّعت القوانين الخاصة بموضوع الجندر أو التركيبة الجنسية وسمحت بالتحول الجنسي والدفاع عن المتحولين جنسياً.
الآن، وقد عرفنا رأي الدين، ورأي العلم، ورأي القانون، فلنسمع رأي المفكرين والفلاسفة. المفكرون يحاولون ألا يبدوا وجهة نظرهم في موضوع كالتحول الجنسي، ورغم ذلك، لاحظنا مواقف بعض الأحزاب السياسية حول العالم ذات المبادئ والأفكار التابعة لمدارس فلسفية معروفة، حيث انقسمت إلى رأيين: الأول مؤيد ومشجع للتحول الجنسي، والثاني غير مؤيد له. فالأحزاب اليسارية حول العالم اعتبرت التحول الجنسي سلوكاً مشروعاً للفرد ولا يحق لأحد الاعتراض عليه، فهو باب من أبواب الحرية الشخصية التي كفلتها الدساتير ولا يجوز معارضتها بل تشجيعها لدعم الحرية الشخصية ودعم الرأي العلمي الذي أيدها. أما الأحزاب اليمينية حول العالم، فقد اقتربت من الرأي الديني من ناحية، ومن ناحية ثانية من الرأي الدستوري، فاعتبرت التحول الجنسي قراراً شخصياً ومن حق الفرد أن يقرر جنسه، ولكن ليس من حق الدولة أو الدستور التشجيع عليه، بل يجب تثقيف المجتمع بعدم المضي في هذا السلوك المخالف لقيم المجتمع.
لذلك، وللأسف الشديد، تحولت هذه الظاهرة إلى مادة انتخابية عند الأحزاب اليسارية في المجتمعات الغربية لإظهار مدى اهتمامها بحق الإنسان في الحياة وحقه في اختيار هويته الجنسية، ولتقول للناس إنها تدافع عن الحرية والديمقراطية للفرد، ولتحث الناخب على الوقوف معها وانتخاب مرشحها.
مع كل ما يقوله العلم أو الدين أو المشرع القانوني، فإنَّ هناك حقيقة يجب الالتفات إليها، وهي أن ظاهرة التحول الجنسي لا تمثل ظاهرة شائعة، وإنما ظاهرة قليلة ونادرة بين الناس، ولا يمكن النظر إليها بأنها تمثل تهديداً للبشر كما يدعي رجال الدين، وكذلك لا يمكن التهويل بأنها تمثل الحرية ويجب تشجيعها. فكل شيء غير مقبول اجتماعياً يجب النظر إليه من باب المجتمع بغض النظر عن رأي العلم ورأي الدين ورأي الأحزاب ورأي القانون، وبالنهاية، المجتمع هو من يدفع ثمن السوء وهو من يستفيد من الفعل الحسن.
إقرأ أيضاً: قتال خلف المدنيين
التحول الجنسي لم يكن له وجود سابق فهو أمر مستحدث، ولكن الاستخناث واللواط والشذوذ كانت موجودة بشكل غير علني في معظم المجتمعات، ولا يكاد مجتمع يخلو من هذه الحالات. فالإشهار به وتشريع القوانين لأجله لا يعني أنَّ أعداد المتحولين سيطرأ عليها تغيير أو ستزيد عما كانت عليه من قبل، فهذه تصورات خاطئة، لأن هناك شيئاً يُسمى ثوابت الطبيعة. فمنذ أن وطئت أقدام الإنسان الأرض، رغم الحروب والكوارث، بقيت نسبة الإناث والذكور ثابتة في الأرض ولم تتغير. فمهما كثر المتحولون جنسياً والمثليون، ومهما تم الترويج لهم، فلن تتعدى نسبهم تلك الموجودة منذ القدم. فهذه الاستثمارات العقيمة لظاهرة التحول الجنسي من قبل بعض الجهات السياسية هي استثمارات غير صحيحة. حتى وإن أقام الدين ورجال الدين نظام حكم ديني إلهي يحكم جميع أركان الأرض، فلن ينهي المثلية أو الشذوذ أو التحول الجنسي، بل لا يستطيع الدين تقليل نسبتها، فكل ما يحدث هو أن تتحول هذه الظاهرة من العلن إلى الخفاء.
إقرأ أيضاً: لماذا الحرب العالمية الثالثة؟
حتى وإن أصبحت الحرية متاحة لجميع الناس، وتم وصف التحول الجنسي والمثلية بالخطوة الشجاعة والقرار الحكيم الجريء وتم التشجيع عليها، فلن تزيد نسبة المثليين في الأرض. فلا أدري لماذا هذا الهوس عند الجهات الدينية المعارضة للتحول الجنسي، ولماذا هذا الهوس عند المطبلين للتحول الجنسي؟ إذا كانت الحقيقة لا تحتاج إلى التضخيم والتهويل، بل الأفضل عدم الخوض فيها، والأفضل، حسب وجهة نظر العقلاء في المجتمعات التقليدية مثل مجتمعاتنا، ألا تُسن قوانين تشجع على التحول الجنسي أو المثلية الجنسية، وكذلك ألا يُسمح بالاعتداء عليهم أو ملاحقتهم قانونياً أو عشائرياً، فهم في النهاية بشر يجب أن يحميهم القانون حالهم حال بقية المواطنين. وإلا، سيعود هؤلاء المتحولون إلى ممارسة نشاطاتهم في الخفاء ويصبحون بعيدين عن أعين الناس والمجتمع، وهذا شيء خطير. ففي مجتمعاتنا هناك شيء يسمى الإجبار الاجتماعي، مثل الإجبار على الزواج والتستر على الحقيقة. فكم من امرأة تزوجت من رجل وتبين لها لاحقاً أنه مخنث، فصارت ضحية تستر المجتمع عليه لعدم معرفتها المسبقة أو معرفة عائلتها بحقيقته الشاذة، لأنَّ المجتمع ضغط عليه وأجبره وأجبرها على الزواج، وكذلك العكس بالنسبة إلى المرأة. فكانت النتيجة مصيبة تضاف إلى مصائب المجتمع. فلماذا نعيش هذه الازدواجية والنفاق الاجتماعي؟ عندما لا يكون الإنسان واضحاً في تركيبته الشخصية، سيسبب المتاعب لبقية أفراد المجتمع، فالكبت الاجتماعي هو بحدّ ذاته انحراف فكري أسوأ من الانحراف الجنسي، ويجب معالجته.
التعليقات
....
عدنان احسان- امريكا -مرضى بحاجه للعـــلاج ..
أوباما واسلامييه ومثلييه
كاميران محمود -الفريب في الامر ان الغرب الاوبامي الذي يمثل الطرف الغربي الاشد ضراوة في دفاعه عن المثليين والمتحولين هو الاشد ضراوة في اسناده لليمين الديني الاسلامي المتطرف(المسلمين الملتزمين بثوابت ظلم وظلام الامة والجماعات الاسلامية الداعية للحكم بالقران وظهيرهما المتمثل في المؤسسة الدينية)مع ان أهدافهم هي نفس اهداف جماعات الاسلام السياسي المتمثلة أولا في امتلاك مصير المرأة وقرارها المستقل(باستثناء الواعظات المتخصصات في تكفير التفكير والابداع) وثانيا في بناءالاسوار التي تطوق بها العقول المتنورة وثالثا في الحجر على الابداع الفني والفكري.