فضاء الرأي

وشهد شاهد من أهلها

اضمحلت الطبقة الوسطى في إيران بشكل شبه كامل في أربعين سنة من عمر النظام، وبات الرغيف أمنية الكثير من الفقراء
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الموارد الهائلة التي تمتلكها إيران، ولا سيما في مجالات النفط والغاز والمعادن الأخرى، إلى جانب الإمكانيات الزراعية، تؤهلها لأن تكون واحدة من الدول الغنية التي ينعم شعبها برغد العيش والرخاء. ولكن، لو أمعنا النظر في الأوضاع المعيشية للشعب الإيراني، التي تسوء بشكل كبير حيث تعيش الأغلبية تحت خط الفقر، وتشير العديد من الدراسات إلى اختفاء الطبقة الوسطى في المجتمع الإيراني، يتضح أن الشعب الإيراني، منذ سقوط نظام الشاه وتأسيس نظام ولاية الفقيه، يعيش أوضاعًا معيشية سيئة تتفاقم عامًا بعد عام.

يحرص النظام الإيراني باستمرار، خصوصًا بعد كل انتخابات رئاسية وتنصيب رئيس جديد، على نشر الأمل والتفاؤل والإيحاء بأن عهد هذا الرئيس سيكون العهد الفارق الذي سيحقق ما عجز عنه غيره. ولكن، الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن الرئيس ليس سوى موظف لدى الولي الفقيه، وأن السلطة الحقيقية بيد الأخير.

تراكم المشاكل والأزمات في النظام الإيراني واستمرار تدهور الأوضاع المعيشية للشعب، بالإضافة إلى تعمق أزمة النظام حتى وصلت إلى مستوى يهدد مستقبله، هي حقيقة لا يمكن إخفاؤها. ولذلك، عندما نرى تأكيدًا لهذه الحقيقة من قبل مسؤولين داخل النظام ممن ساهموا في تأسيس الفساد المستشري، تصبح الصورة أكثر وضوحًا.

مصطفى هاشمي طبا، أحد مسؤولي النظام الإيراني ومرشح سابق للرئاسة، كان قد رسم صورة قاتمة للاقتصاد الإيراني في مقال نشرته صحيفة "شرق" في 11 من الشهر الجاري. قال: "كل المظاهر، وبالطبع الدواخل، تشير إلى أننا أصبحنا عنيدين. هذا لا يتعلق بهذه الحكومة أو تلك، والجميع يعرف أننا في حالة جمود، لكنهم يتجاهلون الوضع ويتسترون على الواقع".

إقرأ أيضاً: عن قتل السجناء السياسيين في إيران

ويبدأ المقال بتسليط الضوء على حقيقة لا يمكن إنكارها: إيران في حالة أزمة خطيرة. يشير هاشمي طبا إلى أن هذه الأزمة لا تقتصر على الحكومة الحالية، بل تمتد إلى الحكومات السابقة. وعلى الرغم من إدراكهم لهذه الحالة، يواصل المسؤولون تجاهلها وادعاء أن المشكلة غير موجودة. ويعزو سبب محنة إيران إلى عدم كفاءة المسؤولين الذين يتولون السلطة، رافضًا فكرة أن العقوبات الأميركية أو الأوروبية هي السبب الرئيسي.

يرى هاشمي طبا أن حتى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة أو الامتثال لشروط الهيئات الدولية مثل مجموعة العمل المالي (FATF) لن يحل المشاكل الأساسية. هذه الخطوات قد توفر راحة مؤقتة، لكنها لن تقدم حلًا شاملًا.

إقرأ أيضاً:

يؤكد أن الحفاظ على مستويات الإنتاج في قطاعات رئيسية، مثل الغاز والكهرباء، يتطلب استثمارات ضخمة تصل إلى مئات المليارات من الدولارات. ومع ذلك، حتى لو تم ضخ هذا المبلغ، فإن الأموال ستذهب إلى القطاعات الأكثر احتياجًا دون معالجة المشاكل الهيكلية الأساسية.

وفي الختام، يحذر هاشمي طبا من أن استمرار السياسات الحالية سيؤدي إلى تفاقم الأزمات، وأن البلاد على شفا انهيار اقتصادي واجتماعي ما لم يحدث تغيير جذري في أسلوب الإدارة وصنع القرار.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف