فضاء الرأي

الملالي بين التصعيد والسقوط

الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان والمرشد الأعلى علي خامنئي
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يواجه النظام الإيراني اليوم تحديات غير مسبوقة على الصعيدين الداخلي والخارجي. فمن جهة، يتصاعد الغضب الشعبي بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وانتهاكات حقوق الإنسان، ومن جهة أخرى، تزداد الضغوط الدولية بسبب سياساته العدوانية في المنطقة وبرنامجه النووي المثير للجدل.

استراتيجية البقاء والتصعيد
يعتمد النظام الإيراني على مزيج من القمع الداخلي وتصدير الأزمات إلى الخارج كوسيلة للبقاء. فمن خلال خلق أزمات خارجية، يسعى النظام إلى تحويل انتباه الشعب عن المشاكل الداخلية وترسيخ فكرة أن البلاد في حالة حرب دائمة مع أعداء خارجيين. هذا النهج يبرر القمع الداخلي ويعزز موقف النظام بين مؤيديه.

ومع ذلك، فإنَّ هذه الاستراتيجية تحمل مخاطر كبيرة. فتصعيد التوترات الإقليمية قد يؤدي إلى حرب شاملة تتجاوز قدرات إيران العسكرية والاقتصادية. كما أن زيادة العزلة الدولية وتشديد العقوبات يفاقمان الأزمة الاقتصادية الداخلية، مما يزيد من احتمالات حدوث انفجار اجتماعي.

التحديات الداخلية والخارجية
في محاولة للتعامل مع هذه التحديات، قدم الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، تشكيلة وزارية تجمع بين ما يسمى بالإصلاحيين والمتشددين. لكن هذه التركيبة، التي تمت الموافقة عليها من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي، لا تعدو كونها محاولة للحفاظ على التوازن بين العصابات المتنافسة داخل النظام. وهي بالتأكيد غير قادرة على معالجة الأزمات العميقة التي تواجهها البلاد.

على الصعيد الخارجي، يواصل النظام الإيراني دعمه غير مسبوق للميليشيات التابعة له في المنطقة من لبنان إلى فلسطين والعراق والحوثيين في اليمن. هذا الدعم، رغم أنه يستنزف موارد إيران الشحيحة، يعتبر ضرورياً لاستراتيجية النظام في توسيع نفوذه الإقليمي والضغط على الغرب لإبعاد الخطر عنه. والأهم من ذلك، يهدف هذا الدعم إلى صرف الأنظار في الداخل عن الأزمات المتفاقمة والوضع الاقتصادي والاجتماعي المتفجر، وتحويل الانتباه نحو حرب خارجية للحيلولة دون وقوع انتفاضة شعبية.

دور وحدات المقاومة
في السنوات الأخيرة، برزت ظاهرة جديدة أثرت بشكل كبير على الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران. فقد لعبت "وحدات المقاومة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية" دورًا متزايد الأهمية في تنظيم وتوجيه الحركة الاحتجاجية.

تتميز هذه الوحدات بتنوعها ونطاقها الواسع، حيث تضم ناشطين من مختلف شرائح المجتمع الإيراني، من الطلاب والعمال إلى المهنيين وحتى بعض المنشقين عن النظام. ما يوحد هذه المجموعات المتنوعة هو رؤية مشتركة لإسقاط النظام الثيوقراطي وإقامة جمهورية ديمقراطية علمانية تحترم حقوق الإنسان والحريات الفردية.

إنَّ وجود هذه الوحدات المنظمة والمحفزة يمثل تهديدًا حقيقيًا للنظام الإيراني. وقد أثار هذا الأمر مخاوف كبيرة لدى النظام، خاصة مع تزايد انضمام الشباب الإيراني إلى هذه الوحدات. فعلى الرغم من عقود من الدعاية المضادة، لم يتمكن النظام من تشويه صورة مجاهدي خلق في أذهان الأجيال الجديدة.

يعود سر جاذبية منظمة مجاهدي خلق للشباب الإيراني إلى عدة عوامل جوهرية، أبرزها أن هذه المنظمة ولدت من رحم المجتمع الإيراني وأعضاؤها هم أبناء الشعب الإيراني نفسه. هذا الارتباط العميق بالهوية والثقافة الإيرانية يجعل الشباب يرون في المنظمة انعكاساً لتطلعاتهم وآمالهم. بالإضافة إلى ذلك، تتميز المنظمة بعدة خصائص تجذب الشباب، منها:

1. الوفاء بالالتزامات النضالية والثورية.

2. الصمود في وجه القمع والاضطهاد.

3. تقديم نموذج عملي للمقاومة من خلال وحدات المقاومة.

4. الحفاظ على الهوية الوطنية والثقافية الإيرانية.

5. التضحية الكبيرة في سبيل حرية الشعب الإيراني، حيث قدمت المنظمة 120 ألف شهيد، منهم 30 ألف في مجزرة عام 1988. هؤلاء الشهداء، الذين كان أغلبهم من مجاهدي خلق، وقفوا بشكل ملحمي على مواقفهم ولم يتنازلوا عن كلمة الحق قيد أنملة، مما يشكل نموذجاً ملهماً للأجيال الجديدة.

يبدو أن النظام الإيراني قد وصل إلى طريق مسدود. فهو لا يملك خيارًا للتراجع دون المخاطرة بانهيار سلطته، ولا يستطيع المضي قدمًا في سياساته العدوانية دون مواجهة عواقب وخيمة. في ظل هذه الظروف، يزداد دور وحدات المقاومة أهمية كقوة منظمة قادرة على توجيه الغضب الشعبي نحو تغيير جذري في إيران وإسقاط النظام. هذا الدور المتنامي لوحدات المقاومة يعكس قدرة منظمة مجاهدي خلق على التواصل مع الشباب الإيراني وتمثيل تطلعاتهم نحو مستقبل أفضل، خالٍ من القمع والاستبداد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف