فضاء الرأي

المهمة الأميركية في العراق بين محاربة داعش والاستثمار في الدولة

الوجود العسكري للتحالف الدولي يوفر مبررًا للهجمات التي تقوم بها الفصائل المسلحة العراقية
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

منذ أكثر من عقدين من الزمان، وتحديدًا منذ أحداث عام 2003، لا يزال العراق يرزح تحت وطأة النفوذ الأميركي العسكري. وبالرغم من إعلان الولايات المتحدة الأميركية رسميًا إنهاء مهمتها القتالية هناك، فإن القوات القتالية ما زالت موجودة في العراق ولم تغادر. وبالرغم من بدء المباحثات الفعلية بين العراق وواشنطن بعد زيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى الولايات المتحدة، وإعلان البدء بالمباحثات الرسمية لخروج قوات التحالف الدولي رسميًا من العراق، والتحول من العلاقات العسكرية بين العراق والتحالف إلى العلاقات الثنائية، فإنَّ الحوارات ما زالت مستمرة بين الجانبين للوصول إلى صيغة تفاهم لإنهاء الوجود العسكري. وقد تم الاتفاق فعليًا على الخطوط العريضة، وتبقت القضايا الفرعية التي تتطلب الرجوع إلى أعضاء التحالف للبت فيها.

إنَّ الوجود العسكري للتحالف الدولي قد يوفر حجة وغطاءً ومبررًا للهجمات التي تقوم بها الفصائل المسلحة العراقية، وهذا بحد ذاته يُضعف دور الحكومة العراقية في أداء دورها السياسي والأمني، خاصة أن الوضع الراهن ينطوي على مخاطر كبيرة وجسيمة، ليس فقط على أمن العراق بل على واشنطن أيضًا، في ظل التصعيد العسكري الخطير على مختلف الجبهات في الشرق الأوسط.

إقرأ أيضاً: تقسيم العراق.. مديات التقسيم واللاعبون الأساسيون

تأخرت الولايات المتحدة الأميركية في سحب قواتها خلال الفترة الماضية ولم تتحدث عن هذا الأمر إلا بعد استهداف معسكرات الحشد الشعبي وقياداته، ما دفع الحكومة العراقية إلى ضرورة إيجاد اتفاق يحفظ هيبة الطرفين ويفتح الآفاق بينهما لبناء علاقات ثنائية بعيدًا عن الجانب الأمني. يجب العمل على تفعيل الاتفاقات الأخرى، خاصة في مجال المجتمع المدني وتنويع مصادر الاقتصاد العراقي، والعمل على استقرار البلاد وجعل ذلك الهدف الرئيسي للسياسة الأميركية، بدلاً من التعامل معها على اعتبارها مسرحًا للصراعات وساحة للتصعيد الإقليمي.

لقد أقرت الولايات المتحدة فعلاً بضرورة الخروج من العراق وإنهاء المهمة العسكرية، وظهر ذلك في تصريحات القيادات السياسية والعسكرية التي أكدت على أن مواجهة إيران ليست هي الأولوية، بل استقرار العراق ومساعدة قواته على حماية أمنه واستقراره. كما أن أساس أي سياسة مستقبلية تجاه العراق يجب أن يكون الحفاظ على أمن النظام السياسي واستقراره، باعتبار العراق دولة ذات سيادة وأحد أبرز الديمقراطيات الحديثة في الشرق الأوسط، ونموذجًا نوعيًا في التبادل السلمي للسلطة بعيدًا عن الانقلابات والصراعات الداخلية.

إقرأ أيضاً: إنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق: العراقيل والحلول

أفضل السبل لتطوير العلاقات بين العراق وواشنطن يبدأ بإعلان الخروج الرسمي من العراق وإنهاء التحالف الدولي ضد داعش، والبدء بسحب قوات التحالف الدولي، مع تعهد الحكومة العراقية بحماية البعثات الدبلوماسية، وفي مقدمتها سفارة الولايات المتحدة الأميركية في بغداد. على الحكومة العراقية إثبات قدرتها على حماية أمن العراق وشعبه دون الحاجة إلى قوات دولية، حيث يشكل ذلك مخاطر تتمثل في المزيد من عدم الاستقرار. يجب اتباع سياسة واضحة وشفافة تحافظ على سيادة العراق واستقلالية قراره السياسي، مما يكون منطلقًا للاستقرار في المنطقة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف