فضاء الرأي

زيارة شولتز وتوريد الأسلحة

دور التعاون العسكري الألماني التركي في تفاقم القضية الكردستانية

المستشار الألماني أولاف شولتز مصافحاً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يُعد تصريح المستشار الألماني أولاف شولتز، خلال زيارته إلى تركيا يوم السبت 19 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، حول كون "تركيا شريكًا مهمًا" لألمانيا، نقطة حاسمة في فهم طبيعة العلاقات الثنائية بين البلدين. هذه العلاقات تتجاوز الجوانب الاقتصادية لتشمل الأبعاد العسكرية والسياسية، نظرًا للأهمية المتزايدة لتركيا على المستويين العسكري والجيوسياسي، خاصة في ظل اضطرابات المنطقة، وهو ما قد يبرر استمرار التعاون العسكري بين البلدين. بالرغم من الانتقادات المتزايدة بشأن صفقات الأسلحة بينهما، تبقى العلاقات الألمانية التركية قوية، وهذا يدل على الأهمية الاستراتيجية لتركيا بالنسبة لألمانيا، خصوصًا في ظل التحولات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.

التعاون العسكري بين تركيا وألمانيا، خاصة فيما يتعلق بتوريد الأسلحة، له تأثيرات كبيرة على القضية الكردستانية. توريد الأسلحة الألمانية يعزز من قدرات تركيا العسكرية، ويُمكّنها من مواصلة حملاتها ضد الجماعات الكردية المسلحة، سواء داخل تركيا (شمال كردستان) أو في المناطق الحدودية (روجافا كردستان وإقليم كردستان). هذا التعاون العسكري لا يثير الجدل فقط، بل يحمل تداعيات إنسانية وسياسية خطيرة، حيث يُسهم في تأجيج الصراعات ضد الشعب الكردستاني، ما يؤدي إلى مزيد من المعاناة والتهجير.

مبيعات الأسلحة التركية الألمانية
أثناء زيارة شولتز الأخيرة، تم التطرق إلى العديد من القضايا، وكان من أبرزها صفقات الأسلحة، إذ تم إعطاء أنقرة الضوء الأخضر لشراء 100 صاروخ موجه و28 طوربيدًا بقيمة إجمالية بلغت 332 مليون يورو. تمت الإشارة إلى أن هناك أيضًا مناقشات حول إمكانية تطوير التعاون بخصوص طائرات "يورو فايتر"، وهو أمر لم يتم الاتفاق عليه بعد. على الرغم من أن ألمانيا تتجنب بيع الأسلحة للدول التي تمر بأزمات، إلا أن استمرار تصدير الأسلحة لتركيا يعكس الحاجة الجيوسياسية الملحة.

الأبعاد السياسية للزيارة
لا يمكن اعتبار زيارة شولتز إلى تركيا مجرد زيارة روتينية، فهي تمثل دعمًا واضحًا من ألمانيا لسياسات الحرب التركية من خلال السماح بمبيعات الأسلحة. يُنظر إلى هذه الزيارة على أنها علامة على استمرار وتعميق التعاون العسكري، ومن المحتمل أن تشهد الفترة المقبلة اتفاقيات جديدة تصب في مصلحة الحكومة التركية، التي تستخدم هذه الصفقات لتعزيز قدراتها العسكرية.

الخطاب المتناقض
رغم أن تركيا تمر بمرحلة صعبة اقتصاديًا وزيادة القمع والعنف اليومي، تحاول حكومة حزب العدالة والتنمية (AKP) تقديم نفسها على أنها تسعى للسلام مع الكرد. الفرق بين هذا الخطاب والممارسات على الأرض يثير قلقًا كبيرًا بين المواطنين نتيجة ازدواجيتها. تحاول تهدئة الجمهور بخطاب السلام بينما تستثمر أكثر في الحرب.

الانتقادات الدولية والمخاوف الأخلاقية
ورغم أن تركيا تعاني من أزمة اقتصادية وأمنية عميقة، إلا أن استثماراتها في قطاع الدفاع والحرب في تزايد رغم ادعاءاتها السعي للسلام مع الكرد. هذه الاستثمارات تعمق الأزمة الاقتصادية وتزيد من التوترات السياسية الداخلية. تواجه الحكومة الألمانية انتقادات مستمرة من قبل منظمات حقوق الإنسان بسبب استمرار مبيعات الأسلحة لتركيا، إذ يُنظر إلى تلك المبيعات على أنها مساهمة غير مباشرة في الانتهاكات ضد المدنيين الكرد، مثل التهجير القسري وتدمير القرى. ورغم ضغوط دولية، قامت ألمانيا بوقف تصدير الأسلحة إلى تركيا لفترات قصيرة في الماضي، إلا أن العلاقات الجيوسياسية، خصوصًا في إطار عضوية البلدين في حلف الناتو، حالت دون فرض حظر دائم على تلك المبيعات.

التداعيات السياسية والعلاقات الكردستانية الألمانية
أدى التعاون العسكري بين تركيا وألمانيا إلى خلق توترات بين الحكومة الألمانية والجالية الكردستانية الكبيرة في ألمانيا. يشعر الكثير من الكردستانيين بأن تصدير الأسلحة إلى تركيا يقوض حقوقهم ويعزز من الحملات العسكرية ضدهم. وقد وجهت الجماعات السياسية الكردستانية انتقادات للحكومة الألمانية، متهمة إياها بتغليب المصالح الاقتصادية والجيوسياسية على الاعتبارات الإنسانية وحقوق الإنسان.

الخلاصة
يظهر جليًا أن التعاون العسكري بين تركيا وألمانيا له تداعيات سلبية على الشعب الكردستاني. وبينما تستمر ألمانيا في تصدير الأسلحة إلى تركيا لأسباب جيوسياسية، فإن هذه السياسة تعزز من العنف ضد الكرد وتؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. تظل هناك مطالب متزايدة من قبل النشطاء ومنظمات حقوق الإنسان بضرورة وقف مبيعات الأسلحة، لكن المصالح الجيوسياسية تبدو غالبًا أكثر أهمية من الاعتبارات الأخلاقية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف