فضاء الرأي

فشل سياسة المسايرة

امرأة تسير في شارع في طهران
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لسنوات طويلة، اتبع الغرب سياسة المسايرة تجاه النظام الإيراني. واستندت هذه السياسة إلى عوامل عدَّة، كان لكل منها تأثير بدرجات متفاوتة. بالنسبة إلى الدول الأوروبية على وجه الخصوص، كانت المصالح الاقتصادية عاملًا حاسمًا، لأنَّ إيران تُعتبر سوقًا كبيراً لها. عامل آخر هو الثقافة السائدة في هذه البلدان، حيث تُعد المسايرة جزءًا من طبيعتها؛ إذ إنها تتعارض مع الثورات والتغيرات الجذرية. هذه الدول لا ترغب في حدوث اضطرابات لأنَّ مصالحها غالبًا مرتبطة بالحفاظ على الوضع الراهن. عامل آخر هو عدم وجود بديل مثالي بالنسبة إليهم، والمقصود هنا هو بديل يكون أداة لتحقيق مصالحهم.

بالإضافة إلى ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار دور النظام الإيراني نفسه، حيث يلعب دورًا نشطًا للغاية في الساحة. بدءًا من حملات التضليل الإعلامي ضد المقاومة الإيرانية إلى توظيف وإطلاق متخصصين وهميين تحت مسميات فضفاضة مثل باحثين وخبراء، وصولًا إلى عقد الصفقات مع الحكومات المختلفة وحتى استخدام الإرهاب واحتجاز الرهائن كأدوات لتحقيق أهدافه. نتيجة كل هذه العوامل كانت سياسة المسايرة، التي يتمثل أحد أركانها الرئيسية في تضخيم قوة النظام وتجاهل عنصر الشعب والمقاومة في المعادلة الإيرانية.

الآن، هذه السياسة أثبتت فشلها، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنها أُهملت بالكامل. لا تزال هناك جهات لها مصالح كبيرة في سياسة المسايرة، أو أطراف لا ترغب في رؤية ثورة يقودها تيار ثوري وديموقراطي. لذلك، بالرغم من أنَّ الظروف قد تغيرت وبدأت مرحلة جديدة، إلا أن الطريق ليس سهلًا ومفتوحًا. لا يزال النظام الإيراني ومؤيدو سياسة المسايرة يسعون بكل قواهم لدفع خططهم وسياساتهم إلى الأمام.

في ما يتعلق بالدول الغربية، فإنَّ نقطة الانطلاق لسياساتهم لا تزال تتمحور حول مصالحهم وثقافتهم السائدة، وهي المسايرة والحفاظ على الوضع الراهن. ولكن الأمر المهم والأساسي هو أن الظروف على أرض الواقع قد تغيرت، لأنَّ استمرار سياسات النظام الإيراني الحالية بات يهدد مصالحهم الخاصة. لذلك، عليهم إما السيطرة على النظام لمحاولة إصلاحه أو دفعه إلى تغيير سلوكه على الأقل. كما أنهم يدركون أن التنازلات السابقة لم تكن فعالة.

من ناحية أخرى، النظام الإيراني أضعف من أي وقت مضى، وبغض النظر عن سياساتهم، فإنهم يرون بوضوح احتمالية سقوط النظام، حتى وإن لم يعلنوا ذلك بشكل صريح.

المؤشرات المادية لتغير الظروف
يمكن ملاحظة هذا التغيير بسهولة. في المؤتمر الذي عُقد في البرلمان الأوروبي بتاريخ 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024 تحت عنوان "سياسة جديدة تجاه إيران - التركيز على الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية"، بحضور مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية، كانت خطابات النواب ومواقفهم مختلفة تمامًا عن الماضي. كانوا يبحثون بجدية عن حلول ولم يعد أحد يتحدث عن إمكانية الإصلاح داخل النظام.

كان السؤال الرئيسي للجميع: ما هو الحل؟ كيف يمكن تحقيق هذا التغيير؟ وماذا يمكننا أن نفعل بصفتنا نوابًا في البرلمان الأوروبي؟

ردًا على بعض النواب، أكَّدت رجوي أن المقاومة الإيرانية تمتلك القدرة على إسقاط النظام الإيراني، وكل ما تحتاجه هو الدعم السياسي من خلال الاعتراف بحق المقاومة ضد الحرس الثوري وقوات النظام القمعية. وأضافت أنه يجب على الحكومات الأوروبية تغيير سياساتها وعدم دعم النظام الإيراني بسياسات المسايرة، بالإضافة إلى فرض عقوبات شاملة والاعتراف بحق المقاومة في دعم معاقل الانتفاضة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف