بيئة المعلومات الرقمية المهدورة في العمل الأمني والاستخباري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في عصر الثورة الرقمية، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي مصدراً غنياً للمعلومات التي يمكن أن تلعب دورًا حيويًا في العمل الاستخباري. توفر هذه المنصات كمية هائلة من البيانات حول الأنشطة البشرية، والتي يمكن تحليلها لاستخلاص رؤى استخبارية تعزز من قدرة الأجهزة الأمنية على التصدي للتهديدات. مع ذلك، تعاني العديد من الأجهزة الأمنية والاستخبارية من تحديات تتعلق باستغلال هذه المعلومات، مما يؤدي إلى إهدار فرصة كبيرة لتعزيز الأمن الوطني.
تتمتع منصات التواصل الاجتماعي بأهمية بالغة في العمل الأمني والاستخباري، كونها مصدراً غير محدود للمعلومات من خلال تنوع البيانات التي تشمل بيانات نصية، وصوراً، فيديوهات، ومعلومات جغرافية. إضافة إلى الوصول إلى الجمهور العام، حيث يشارك المستخدمون معلوماتهم الشخصية والعامة، مما يتيح للأجهزة الأمنية والاستخبارية تتبع الأنشطة والسلوكيات دون أدنى تكاليف.
تعد هذه المنصات أدوات مساعدة للكشف عن التهديدات المحتملة من خلال مراقبة الأنشطة المشبوهة وتتبع المنشورات التي تشير إلى أنشطة إرهابية أو تخريبية قد تهدد الأمن الوطني. كما تساعد في رصد التحركات الإرهابية التي تستخدم منصات التواصل الاجتماعي لنشر الدعاية، والتجنيد، والتنسيق.
تتميز تلك المنصات بسهولة تحليل العلاقات الاجتماعية ومتابعة رسم الشبكات، مما يساعد على تحليل البيانات ورسم شبكات العلاقات بين الأفراد. يساعد ذلك في تحديد الروابط بين الأعضاء في الجماعات المشبوهة وتحديد الشخصيات المؤثرة والعناصر الأكثر تأثيرًا. يمكن أن تكون تلك الشبكات مفتاحاً لفهم ديناميكيات الجماعات والحد من مخاطر تواجدها.
تعد عملية جمع المعلومات من الأدوار الرئيسية لمنصات التواصل الاجتماعي في العمل الأمني والاستخباري. توفر المعلومات المفتوحة المصدر بيانات علنية يمكن جمعها وتحليلها دون الحاجة إلى تقنيات معقدة، مع سهولة تحديد المعلومات الجغرافية من خلال تحليل الصور والفيديوهات التي يتم تحميلها، كونها تحتوي غالباً على بيانات جغرافية يمكن استخدامها لتحديد المواقع.
التحليل التنبؤي أداة مهمة للتنبؤ بالأحداث، حيث يساعد تحليل البيانات في التنبؤ بوقوع أحداث معينة، مثل الاحتجاجات أو الهجمات الإرهابية. يشمل ذلك تحليل المشاعر ودراسة التفاعلات والمشاركات لفهم المزاج العام والتوجهات المجتمعية.
تساهم المنصات أيضًا في دعم العمليات الاستخبارية من خلال تحديد الأهداف وتتبع الأفراد أو الجماعات المشتبه بها. كما تسهم في رصد الحملات الدعائية والكشف عن محاولات التضليل أو نشر الشائعات التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار.
إقرأ أيضاً: الفلسفة التواصلية للجرائم الإلكترونية
إلا أنَّ التحديات المرتبطة باستخدام منصات التواصل الاجتماعي في العمل الأمني الاستخباري يتركز على حجم البيانات الهائل، ويتطلب تحليل البيانات الضخمة تقنيات متقدمة وموارد بشرية مدربة، تواجهها صعوبة التمييز بين المعلومات المهمة وغير المهمة في بحر من البيانات.
ويعد التلاعب بالمعلومات أمراً خطراً، من خلال الأخبار المزيفة والتي تحمل مضامين ومعلومات كاذبة تعيق القدرة على استخلاص رؤى دقيقة، في حين أن صناعة محتوى بالاعتماد على التزييف العميق بات يمثل تهديداً، حيث يصعب تمييزه عن الحقيقي، ليشكل عائقاً أمام تحديد المعلومات الدقيقة والمزيفة.
أما في ما يخص قضايا الخصوصية والأخلاقيات، فإنَّ جمع البيانات من مواقع التواصل يمكن أن يثير مخاوف تتعلق بانتهاك الخصوصية الشخصية للمستخدمين.
في ما يتعلق بالتشفير وتقنيات الإخفاء، تستخدم الجماعات الإرهابية تقنيات متقدمة لتشفير اتصالاتها، مما يجعل من الصعب على الأجهزة الاستخبارية تتبع أنشطتها وتحديد مواقع تواجدهم.
إقرأ أيضاً: الحروب السيبرانية وانعكاساتها على الأمن الوطني
ويمكن خلق استراتيجيات مقترحة تحسين الاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي من خلال الاستثمار في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات واستخدام خوارزميات متقدمة لتحليل البيانات الضخمة بشكل سريع ودقيق، وابتكار أدوات رصد تلقائية تساهم بتطوير أنظمة تستطيع رصد الأنشطة المشبوهة بشكل آلي ومتابعتها.
بالاضافة الى تطوير الكوادر البشرية وتوفير التدريب اللازم لفهم وتحليل البيانات الاجتماعية، والاستفادة من خبرات شركات التكنولوجيا في تحسين تقنيات الرصد والتحليل، وتكثيف التعاون الدولي وتبادل المعلومات حول التهديدات المشتركة، وإقامة شراكات مع شركات التواصل الاجتماعي، للتنسيق ولتسهيل الوصول إلى المعلومات التي يمكن أن تكون حيوية للأمن القومي.
مع ضرورة وضع إطار قانوني وأخلاقي لتنظيم استخدام البيانات ووضع سياسات واضحة تضمن احترام الخصوصية مع تحقيق الأهداف الأمنية، وتعزيز الثقة مع الجمهور وتوعية المواطنين بأهمية الدور الامني والاستخباري في الحفاظ على الأمن، مع ضمان عدم استخدام البيانات بطرق غير أخلاقية.
إقرأ أيضاً: سوريا الجديدة
ومن الأمثلة العملية على استخدام منصات التواصل الاجتماعي في العمل الأمني والاستخباري استخدام الأجهزة الأمنية في العراق مواقع التواصل الاجتماعي لتحديد مواقع خلايا نائمة تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، وتم الكشف عن مخططات إرهابية من خلال تحليل المنشورات والتفاعلات على منصات مثل فيسبوك وتويتر.
بالاضافة الى تحليل الحركات الاحتجاجية خلال فترات الاحتجاجات، وتم استخدام منصات التواصل الاجتماعي لفهم مطالب المحتجين.
أما في ما يخص مكافحة الجريمة المنظمة، فقد تم الكشف عن شبكات تهريب البشر من خلال تحليل المحادثات والمنشورات المشبوهة.
وتلعب منصات التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في العمل الأمني والاستخباري الحديث، حيث توفر كمًا هائلًا من المعلومات التي يمكن استغلالها لتعزيز الأمن الوطني، وتمكين الأجهزة الامنية والاستخبارية الاستفادة بشكل كامل من إمكانيات منصات التواصل الاجتماعي في التصدي للتهديدات الأمنية وضمان استقرار الافراد الدولة.