فضاء الرأي

سوريا والمصائب الكثيرة القادمة

لاجئون سوريون مقيمون في لبنان يعبرون الحدود التي تعرّضت للقصف بين البلدين في العريضة في 9 كانون الأول (ديسمبر) 2024 للعودة إلى وطنهم
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بتخطيط وتسليح متطور أميركي إسرائيلي تركي، وبالاشتراك والمساهمة الفعالة من حلف شمال الأطلسي، وبتواطؤ روسي مفضوح دفعت روسيا إليه أميركا من خلف الكواليس مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها أوروبيًا وأميركيًا بسبب حربها على أوكرانيا، فضلاً عن منع أوكرانيا أو عدم تزويدها بالصواريخ بعيدة المدى لضرب العمق الروسي؛ شنت الأربعاء 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024 المعارضة السورية متمثلة في هيئة تحرير الشام وفصائل مسلحة أخرى تجحفلت معها، وهي بمجموعها مصنفة على أنها جماعات إرهابية مسلحة من قبل هيئة الأمم المتحدة ومن قبل الدول الأوروبية وأميركا؛ شنت هجومًا سريعًا ومباغتًا باستخدام أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة متطورة جدًا، من دبابات وآليات عسكرية أخرى وذخيرة فتاكة، وأسقطت النظام السوري. غادر رئيسه بشار الأسد، بإيعاز من أميركا التي أمرته بعدم القتال وأن دوره قد انتهى، إلى روسيا التي منحته حق اللجوء مع أفراد أسرته.

وقالت فصائل المعارضة، في رسائل نشرتها عبر تطبيق تلغرام: "الطاغية بشار الأسد هرب"، و"نعلن مدينة دمشق حرة"، مضيفة: "بعد 50 عامًا من القهر تحت حكم البعث، و13 عامًا من الإجرام والطغيان والتهجير، نعلن اليوم عن نهاية هذه الحقبة المظلمة وبداية عهد جديد لسوريا".

أي حقبة مظلمة انتهت؟ وأي عهد جديد بدأ في سوريا على يد عصابات إرهابية لا تعرف غير لغة سفك الدم وإزهاق الأرواح؟ انتظروا، ما هي إلا أيام وسيسود الظلام الحالك الدامس كل أرجاء سوريا، وسينتشر القتل الطائفي الشنيع والانتقامي. ستبرز وتيرة التصفية الجسدية على الهوية، وستعم الفوضى سوريا، وسينتشر الاضطراب، وسيبدأ التناحر بين عناصر الفصائل الإرهابية المتحالفة اليوم، وسيدب بينها الخلاف والطمع في الجاه والمال والموقع الوظيفي وغير ذلك.

إقرأ أيضاً: إلى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر

سينتظر السوريون مصيرًا أسود على أيدي عصابات ليس لديها خبرة في سياسة أهل البلد وإدارة شؤونه على الوجه الصحيح. ستمر سوريا في أزمات خانقة على مستوى الأمن والاستقرار وعلى مستوى البنية الاقتصادية، التي أصدر البنك الدولي بشأنها تقريرًا سلبيًا بسبب حالتها المزرية، فضلاً عن فقدان العملة السورية الكثير من قيمة صرفها، علاوة على عجز كبير في الموازنة وتقلص في دخل الفرد والأسرة.

سينهار السلم الأهلي على يد العصابات السلفية التي ترفض أي خط عبادي أيديولوجي يتقاطع مع خطها وفكرها المسموم المتخلف. ستدخل سوريا في أزمة عارمة من الفوضى والاضطراب في كل شيء، وفي كل ميدان من ميادين الحياة، وسيعيش أهل سوريا في بؤس وشقاء وقتل ودمار أسوأ بكثير مما يعاني منه أهل غزة.

إقرأ أيضاً: إسرائيل والتحريض على حماس وحزب الله

الطريقة أو الخطة العسكرية التي جرت على ضوئها ومن خلالها أحداث الهجوم وسرعته العالية وتنفيذه المباغت لا يمكن أن تكون من تخطيط وتفكير أبو محمد الجولاني أو غيره من قادة الفصائل الإرهابية. فهم ليس لديهم عقول تفكر وتبدع وتخطط، إنما هم مجموعة من قطاع الطرق يسعون للحصول على المال والشهرة. الجولاني، الذي طُرد من القاعدة بسبب سرقته أموالها، يقود هذه الفصائل التي تهدف إلى تحقيق غايات منحرفة على حساب تخريب البلد وتحييد أهله.

انتقال الجولاني إلى أسلوب دبلوماسي بدلاً من لغة العنف والتشدد هدفه تحسين صورته من غول إرهاب إلى رجل سياسة وإدارة. لكن هيهات؛ فمن شبّ على شيء شاب عليه.

إقرأ أيضاً: لذلك أقترح...

وأول الغيث من الكوارث هو إعلان الجيش الإسرائيلي أن سوريا جبهة قتال، وأمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جيشه بالسيطرة على المنطقة العازلة بين الأراضي المحتلة وسوريا. الجيش الإسرائيلي وجه تحذيرًا إلى سكان الجنوب السوري لأغراض عسكرية تدميرية كما فعل في لبنان.

عدد الغارات الجوية الإسرائيلية التي تجاوزت المئة غارة منذ سقوط النظام على الأراضي السورية هدفها تدمير القدرات العسكرية السورية. عندما أغار الطيران الإسرائيلي على مصانع الأسلحة الكيميائية ودمرها، صرح المسؤولون الإسرائيليون أنَّ الهدف هو منع استخدامها من قبل المعارضة ضد إسرائيل.

الظروف الراهنة في سوريا تكشف عن مستقبل مظلم تحت هيمنة الفصائل الإرهابية التي لا تهدف إلا إلى مصالحها الخاصة، مما ينذر بكوارث أشد حدة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف