الإسرائيليون يتهمون حركة حماس بتسببها في كثرة القتلى والمصابين في صفوف المدنيين الفلسطينيين لأنها اختارت أن تكون داخل البنية التحتية المدنية، غير مبالية بمصير كبار السن والنساء والأطفال ودمار المنازل والبنية التحتية من ماء وكهرباء وتعليم وصحة. وذلك لأن أرض قطاع غزة مكشوفة، ولا توجد فيها عوارض طبيعية للاحتماء بها من عدو غاشم وخداعه والتمويه عليه، ولا عوارض صناعية سوى الأنفاق.

وأشار المغرضون، وفقًا لهذه الرواية، إلى أنَّ الأعداد الهائلة من الفلسطينيين الذين قتلوا، وغالبيتهم نساء ورجال، برصاص وقنابل إسرائيل وغارات سلاح طيرانها لم يكونوا ضحايا إسرائيل. وبدلاً من ذلك، كانوا دروعًا بشرية لحماس التي تختبئ بينهم معرضةً إياهم للخطر.

ونفس التهمة وُجهت من قبل إسرائيل منذ زمن لحزب الله، فضلاً عن اتهامه بتصفية المكون السني في لبنان، بما في ذلك اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، علمًا بأن حزب الله له موقف مشهود، إقليمياً وعالمياً، في تحرير الأرض اللبنانية في عام 2000 من احتلال إسرائيل للأراضي اللبنانية الذي دام 18 عاماً. كما تصدى ببطولة لمحاولة الغزو البري الإسرائيلي للأرض اللبنانية في عام 2006، مكبداً العدو خسائر كبيرة في المعدات والأرواح.

هذا ما اضطر الجيش الإسرائيلي إلى التراجع، كما هو الحال اليوم، إذ تشن إسرائيل الآن هجمات برية محدودة على لبنان. ويبدو أن الهدف منها هو فحص واختبار قوة وإمكانيات حزب الله، وتحديد النقاط الضعيفة في قوته، وفحص متانة السواتر ومناعة الخنادق والمواضع التابعة للحزب، فتهاجم ما كان منها أكثر ضعفاً وركاكة في إطلاق النار، وذلك تمهيداً لشن هجوم واسع النطاق الذي أعلنت عنه إسرائيل مرارًا وتكرارًا بهدف إعادة مستوطني الشمال إلى منازلهم.

إقرأ أيضاً: من صور عجز الحكومة العراقية

تلك الأمنية أو الرغبة للدولة العبرية لطالما أكد السيد حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله قبل اغتياله، عكسها مرارًا وتكرارًا، مؤكدًا أنه لن يسمح لإسرائيل بتحقيقها مهما كلف الثمن ومهما كانت التضحيات، إلا في حالة إيقاف إسرائيل لحرب الإبادة على قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، وأخيرًا باقي المناطق الفلسطينية مع الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي منها.

إن التحريض الإسرائيلي للمواطنين الفلسطينيين على حماس، وتحريض الحكومة والشعب اللبناني على حزب الله، معروف ومرصود، والهدف منه زرع الفتنة بين محور المقاومة الإسلامية وبين بعض الحكومات والشعوب العربية. لكنه لن يؤثر فيهم، فالشعوب العربية من المحيط إلى الخليج كلها ملتفة وبقوة حول المقاومة. أما الحكومات الوطنية العربية الخارجة عن دائرة التبعية، مثل الحكومة المؤقتة اللبنانية، فلا يقل موقفها الداعم والمساند للمقاومة الإسلامية اصطفافًا عن موقف شعوبها الأصيلة تجاه قضايا العرب المحورية.