لقد مرّ عام كامل على حرب إسرائيل على قطاع غزة، ولم يستطع الكيان الصهيوني تحقيق الأهداف التي سطَّرها من وراء هذه الحرب الشعواء والهمجيّة على الشعب الفلسطيني في القطاع. كان الكيان المُحتلّ يتذرّع بأنّ من بين أهدافه تحرير أسراه المُحتجَزين لدى حركة حماس بالقوة العسكريّة والقضاء على المُقاوَمة.

والجميع يعلم أنّ الهدف الذي تُضمِره إسرائيل هو إعادة احتلال قطاع غزة والضفة الغربيّة وضمّهما إلى ما يُسمّى أراضي 48، أعني احتلال جميع ربوع فلسطين وطمس القضية الفلسطينية والسّطو على حق الشعب الفلسطيني في إنشاء دولته على أراضيه المُحتلّة منذ عام 1948.

وقفت جميع دول العالم إلى جانب إسرائيل إثر طوفان الأقصى، مُعتبِرةً أن الهجمة التي قامت بها كتائب القسّام على مُستعمَرات غلاف غزة هي اعتداءٌ على إسرائيل، متناسية أن هذه البلدات المُستهدَفة هي أراضٍ فلسطينية مُحتلَّة، ويحقّ للفلسطينيّين الدفاع عن أرضهم باعتبارهم مُقاوِمين للمُحتلّ الغاصب الذي استعمر أرضهم بالقوة لما يزيد عن سبعةِ عقود. كما غضّت دول العالم في مُعظمها الطرف عَمداً عن القرارات الدولية التي أصدرها مجلس الأمن، قراراً تلْو الآخر، تتضمن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته على أرضه، مُتغافِلةً عن أن شعب فلسطين هو المجتمع الوحيد الذي لا يزال يعيش تحت الاحتلال في القرن الواحد والعشرين.

في مساء يوم 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتوغُّل برّي داخل قطاع غزة، مُعلناً حربه الشاملة على القطاع، والذي أطلقت عليه إسرائيل اسم "السيوف الحديدية"، وذلك بهدف الاشتباك مع مقاتلي حماس وتحديد موقع الأسرى الإسرائيليين المختطفين وإنقاذهم، كما ادّعت إسرائيل، ومنذ ذلك اليوم وهي تقوم بمجازرَ ومذابحَ في حقّ المدنيّين وتدمير شامل للبنى التحتيّة.

معظم الدول الأوروبية تدعم الكيان الصهيوني بالمال والعتاد متذرعة في ذلك بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، فأيّ "دفاع عن النفس" وهي المُحتلَّة للأرض والمُغتصِبة لها؟

إقرأ أيضاً: الشعوب هي التي تصنع الديمقراطية

والجميع يعلم أن الولايات المتحدة الأميركية هي المُخطِّطة لهذه الحرب القذِرة والمُنفِّذة لها من خلال منحها إسرائيل الضوء الأخضر لإبادة الشعب الفلسطيني الأعزل، بإمدادها الكيان بأموال طائلة وبأسلحة مُدمِّرة وفتّاكة، لا لِمواجهة حماس، وإنما للإبادة الجماعية للأطفال والنساء والعجزة والتدمير الشامل لقطاع غزة.

يعتقد البعض أن المُجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة عاجز عن إيقاف هذه الحرب الهمجيّة، ولكن الحقيقة تقول إن أميركا والغرب عموماً هي المُسيطرة والمُهيمنة على هذه المنظمة الدولية والمُتحكمة في قراراتها، فهي تأتَمِر بأوامرها وتنتهي بنواهيها، وميثاقُها غير قابل للتطبيق ما دامت تحت إمرة أميركا والغرب وما دام الأمر يتعلّق بإسرائيل، ولا أحد يستطيع أن يُجادل في هذا الأمر. وما تهجُّم رئيس وزراء الكيان على هذه المنظمة وإذلالِها في عُقر دارِها إلا دليل على أنها عبارة عن عَبدٍ مأمور ولا دورَ لها في إرساء السلم العالمي، كما جاء في "ميثاقها" المُعطَّل الذي لا يُساوي شيئاً أمام الغطرسة الأميركية وعَنجهيّتها، لكون أميركا حريصة على عدم المَساس بطفلها المُدلَّل.

إقرأ أيضاً: ماذا ينتظر حزب الله؟

ورغم كلّ ما يُحاك ضد الفلسطينيّين وقضيتِهم العادلة من قبل أميركا وأوروبا، فإنّ المقاومة وعلى رأسها حركة حماس مُتمسِّكة بحقّها في الدفاع عن أرضها ووطنها دون هوادة وبكلّ ما أُوتيَت من قوة. فقد أربكت إسرائيل وأميركا والغرب بصمودها وبسالة رجالها، ولا تزال تُكبِّد الكيان الغاشم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، بالرغم من تكالُب "المجتمع الدولي" عليها، ورغم مُحاوَلة إسرائيل الفصل بينها وبين حاضنتها الشعبية الصّامدة والمتشبثة بأرضها رغم كلّ ما تُعانيه من ويلات الكيان الغاشم، الذي يُعاقِبها كلّ يوم عن صمودها بارتكاب مجازره ومذابحه في حقّها وتجويعها من خلال فرض الحصار المُطبق عليها.