لا يمكن تغيير العقليات القديمة المهترئة داخل المجتمعات التقليدية إلا بمحاولة تغيير نظرتها تجاه السياسات الرائجة والمكشوفة والتي تدور في الكواليس. فمن خلال تغيير تقاليدها التي تقدس الأشخاص الذين يديرون أمورها، ستصل، لا محالة، إلى الهدف المنشود وهو اقتلاع الحكم التقليدي الذي تربت في كنفه العديد من الأجيال، ودَمَقْرَطة الحكم الجديد كي تتربى أجيال أخرى على الديمقراطية وتقطع مع العقليات القديمة التي تعودت على العبودية والاسترقاق وتقديس الحاكم. وبذلك يمكن أن تنشأ مجتمعات حديثة متطورة ذات عقليات نيرة تصنع لنفسها الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. والثورة الفرنسية نموذج على ذلك.

من الأسباب الرئيسية في إطالة عمر الحكم التقليدي الشمولي:

1. تشبث الحكام بكراسيهم والرغبة في البقاء على العروش إلى الأبد، يتوارثها أبناؤهم وأحفادهم. ومن أجل تحقيق ذلك، يعمدون إلى تفقير الشعوب وتجهيلها وقمع كل من تسول له نفسه المساس بالنظام القائم، الذي تعتبره النخبة الحاكمة مقدساً، لا يحق لأحد انتقاده أو الطعن في مصداقيته.

2. صمت الشعوب المطبق وعدم إدراكها لحقوقها وعدم تحركها نحو رفض الواقع المزري الذي تعيشه، مما ينتج عنه إطالة عمر هذه الأنظمة التقليدية البالية المتجاوزة التي تتحكم في شؤون البلدان حسب هواها ودون النظر إلى التخلف الذي ترزح تحته المجتمعات المغلوبة على أمرها.

إقرأ أيضاً: صفقة القرن واتفاقية أبراهام إلى الفشل

وبدون قيام الشعوب بثورات عارمة ضد هذه الأنظمة، لا يمكن أن تستقيم الأمور ولا يمكن للديمقراطية وتداول السلطة بين أفراد الشعوب أن تجد سبيلها إلى التنفيذ في هذه البلدان. وستبقى الأمور على حالها إلى أن تستيقظ هذه الشعوب من سباتها العميق.