كشف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن خطته لتحقيق السلام في فلسطين، والتي تُعرف بـ "صفقة القرن".

وتتضمن خطة الإدارة الأميركية استمرار إسرائيل في السيطرة على معظم أراضي الضفة الغربية التي احتلتها عام 1967، مع ضمّ المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية، وإبقاء القدس تحت سيادتها.

وقد التزمت إسرائيل بإيقاف نشاطها الاستيطاني في الضفة الغربية لمدة أربع سنوات، وهي الفترة الممنوحة للفلسطينيين لبدء مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لتنفيذ الخطة.

وجاءت اتفاقية "أبراهام"، التي وقّعتها مجموعة من الدول العربية مع الكيان الإسرائيلي، والتي تهدف إلى التطبيع العلني مع إسرائيل وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية وغيرها، مما يعكس التخلّي عن القضية الفلسطينية التي كانت تُعدّ "القضية الأولى" للدول العربية.

إن الهدف الرئيسي لأميركا والغرب من الحرب على الشعب في غزة هو القضاء على حركة حماس وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية أو إلى دول عربية مجاورة، لإنشاء دولة لهم بعيداً عن أرضهم التاريخية. ولتحقيق هذا الهدف، عملت أميركا جاهدةً قبل "طوفان الأقصى" على إنشاء حلف عربي يسير وفق سياستها في المنطقة، وذلك عبر توطيد العلاقات بين هذا الحلف والكيان الإسرائيلي وفق اتفاقية "أبراهام" التي حاولت نزع فتيل العداء التقليدي بين العرب وإسرائيل. وقد نجحت أميركا والغرب في كسب ولاء الدول العربية وتأيدها، والغرض من ذلك هو تنفيذ خطة "صفقة القرن" التي تهدف أساساً إلى طمس القضية الفلسطينية ووضع آخر مسمار في نعشها. ولكن الشعب الفلسطيني أدرك خطورة ما تسعى إليه أميركا من وراء خطة ترامب، لذلك قامت المقاومة في الضفة والقطاع بتصعيد جهودها لكسر هذه الخطة الجهنمية وإفشالها، وكان "طوفان الأقصى" دليلاً على اعتماد الفلسطينيين على أنفسهم في الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم، وعدم الاعتماد على بني جلدتهم الذين اكتفوا بالتنديد والشجب دون اتخاذ أي إجراء عملي.

إقرأ أيضاً: نتنياهو يُعرقل مسار المفاوضات

للتذكير، فإن الشعب الفلسطيني، ومنذ النكبة، يتعرض لأبشع جرائم الاحتلال، من تقتيل واعتقالات يومية لشبابه، والزج بهم في السجون وتعذيبهم، وقد مرّ على هذه الحالة أكثر من سبعة عقود، ولم يستسلم هذا الشعب الصامد أو يفرط في قضيته العادلة. إنه شعب مُعجِزٌ لا يُقارن بالشعوب الأخرى، وقد قطع عهداً بالصمود على أرضه ومقاومة الكيان الغاصب حتى تحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

إقرأ أيضاً: ما صحّة فرضيات المُحلِّلين حول صفقة تبادُل الأسرى؟

فرغم مكائد الأعداء ومكر الماكرين، فإن المقاومة الفلسطينية الباسلة في غزة والضفة وفي كل الأراضي المحتلة ستبقى شوكة في حلق إسرائيل حتى تحقيق أهدافها في تقرير مصيرها واستقلالها. والدليل على ذلك هو ما تكبّده الجيش الصهيوني من خسائر فادحة في الأرواح والعتاد الحربي، رغم الدعم الأميركي والغربي بالمال وأحدث الأسلحة. وقد اعترف المسؤولون العسكريون الإسرائيليون أنفسهم باستحالة القضاء على فصائل المقاومة في غزة، وقد تأكد ذلك لهم من خلال خوضهم لهذه الحرب القذرة لمدة تفوق عشرة أشهر دون تحقيق أي من أهدافها التي سطّرت قبل الاجتياح البري لغزة.