فضاء الرأي

خليجي 26 وغياب المجلات الرياضية المتخصصة

لاعب الأخضر محمد القحطاني
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مع كل دورة من دورات كأس الخليج العربي لكرة القدم، تعود الذكريات الجميلة لعشاق الرياضة إلى مجلات رياضية كانت بمثابة الفاكهة اللذيذة لهذه البطولة. تلك المجلات، مثل "الصقر" و"العربي الرياضي" و"عالم الرياضة" و"الوطن الرياضي" و"سوبر" و"عيناوي"، والقائمة تطول، كانت تحمل في طياتها مقالات متميزة وتحليلات عميقة، فضلًا عن تغطية شاملة لأدق تفاصيل المباريات والنجوم.

غياب تلك المجلات يعكس تحولًا كبيرًا في كيفية استهلاك المحتوى الرياضي، حيث انتقل الاهتمام بشكل متزايد إلى التغطية الرقمية والإلكترونية. ورغم الفوائد العديدة للتكنولوجيا، إلا أن هناك شعورًا بالحزن والحنين لتلك الأوقات التي كانت فيها المجلات تشكل جزءًا أساسيًا من تجربة البطولة.

كانت المجلات الرياضية توفر تجربة فريدة لا تُنسى، حيث كان المشجعون ينتظرون صدورها بشغف لمتابعة التحليلات الدقيقة، والقصص الإنسانية، والمقابلات الحصرية مع اللاعبين والمدربين. تلك اللحظات التي تجمع بين رائحة الورق والمعلومات الغنية كانت تعزز من متعة البطولة وتضيف لها لمسة من الحميمية والتواصل الشخصي.

الافتقاد لتلك المجلات يشبه فقدان جزء من الهوية الرياضية الثقافية التي كنا نتبادلها مع الأصدقاء والعائلة. ومع غيابها، نجد أنفسنا نتساءل عن المستقبل وكيفية إعادة هذا الجانب الجميل من التراث الرياضي إلى حياتنا.

إذاً، بينما نتطلع إلى المستقبل ونعانق التكنولوجيا الحديثة، يبقى لنا دائمًا أن نتذكر بحب وشغف تلك المجلات التي كانت تملأ قلوبنا حماسًا وفخرًا ببطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم.

ولكن لماذا توقفت معظم المجلات الرياضية العربية عن الصدور؟

هذا السؤال يطرح نفسه على عشاق الرياضة في الوطن العربي، الذين اعتادوا على متابعة أخبار وتحليلات ومقالات ومقابلات حول مختلف الألعاب والبطولات المحلية والإقليمية والدولية. إلا أنه في السنوات الأخيرة، شهدنا تراجعًا كبيرًا في عدد وجودة هذه المجلات، التي كانت تمثل مصدرًا مهمًا للمعلومة والثقافة الرياضية لدى الجمهور. فما هي أسباب هذا التوقف؟ وهل من أمل في عودة المجلات الرياضية العربية إلى سابق عهدها؟

إقرأ أيضاً: رسائل إلى خليجي 26

الأسباب متعددة ومتشابكة، وتتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والإعلامية.

من ناحية سياسية، تأثرت المجلات الرياضية بالأوضاع الأمنية والسياسية المضطربة في بعض الدول العربية، التي شهدت حروبًا وثورات وانقلابات وتدخلات خارجية. هذه الأوضاع أثرت سلبًا على استقرار وحرية الصحافة، وعلى قدرة المجلات على تغطية الأحداث الرياضية بشكل مستقل وموضوعي. كما أثرت على توفير الموارد المادية والبشرية لإنتاج المجلات بشكل جيد.

من ناحية اقتصادية، تعاني المجلات الرياضية انخفاضاً في مبيعاتها وإيراداتها، نتيجة لانخفاض قوة الشراء لدى الجمهور، وزيادة التكاليف المتعلقة بالطباعة والتوزيع والضرائب. كما تواجه المجلات منافسة شديدة من قبل المنصات الإعلامية الأخرى، مثل التلفزيون والإنترنت والهواتف الذكية، التي تقدم خدمات إخبارية رياضية سريعة ومجانية أو رخيصة. هذه المنصات تستقطب جزءًا كبيرًا من اهتمام وزمن الجمهور، وتقلص من فرص المجلات في جذب قرائها.

إقرأ أيضاً: بعد الأسد: هل تشرق شمس الرياضة السورية؟

ومن ناحية تكنولوجية، تفتقر المجلات الرياضية إلى التحديث والابتكار في استخدام التكنولوجيا لخدمة رسالتها. فبينما تستفيد المنصات الإعلامية الأخرى من التطورات التكنولوجية في تحسين جودة صورتها وصوتها وإنتاجيتها وتفاعلها مع الجمهور، تبقى المجلات الرياضية مقتصرة على النص والصورة الثابتة، دون استغلال إمكانيات التكنولوجيا في تقديم محتوى رياضي متنوع ومبتكر ومشوق.

من ناحية إعلامية، تعكس المجلات الرياضية نقصًا في المهنية والمصداقية والتنوع في تقديم المحتوى الرياضي. فبدلاً من أن تكون مجلات رياضية مستقلة وموضوعية ومحايدة، تتحول بعضها إلى أدوات للدعاية والترويج لبعض الأندية أو اللاعبين أو الرعاة أو السياسيين. كما تقع بعض المجلات في فخ التحيز والانحياز والتشهير والإساءة لبعض الأطراف الرياضية. وبدلاً من أن تكون المجلات رياضية شاملة ومتنوعة، تركز بعضها على بعض الألعاب أو البطولات أو الفئات الرياضية، دون اهتمام بالأخرى.

إقرأ أيضاً: فخر واعتزاز بتنظيم المغرب لكأس العالم 2030

هذه هي بعض من الأسباب التي أدت إلى توقف معظم المجلات الرياضية العربية عن الصدور. ولكن هل هذا يعني نهاية هذه المجلات؟ أم هناك أمل في عودتها؟

الإجابة على هذا السؤال تتطلب تحليلًا موضوعيًا للواقع والتحديات التي تواجه المجلات الرياضية، وإيجاد حلول عملية وإبداعية لتجاوزها. فالمجلات الرياضية لها قيمة ودور مهم في نشر الثقافة والوعي الرياضي، وفي تشجيع ودعم المواهب والإنجازات الرياضية، وفي تحقيق التفاعل والحوار بين مختلف فئات المجتمع حول قضايا رياضية هامة. لذلك، يجب على المسؤولين والصحفيين والباحثين والخبراء والجمهور، أن يسعوا إلى إحياء المجلات الرياضية، بما يخدم مصالح الرياضة والإعلام في الوطن العربي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف