فضاء الرأي

الأزمة الداخلية للنظام الإيراني بعد الهزيمة في سوريا

تأملات في تصريحات خامنئي

النظام الإيراني تلقى بسقوط نظام بشار الأسد ضربة أخلّت بتوازنه
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أخيرًا، وبعد مرور أربعة أيام على سقوط بشار الأسد، خرج علي خامنئي عن صمته وتحدث في خطاب قال فيه إن الشباب السوري سيُعيد ترتيب الأمور في سوريا. لكن السؤال الحقيقي هو: لماذا فشل النظام الإيراني في إنقاذ بشار الأسد؟

في الواقع، كان نظام بشار الأسد قائمًا فقط على الجرائم والعنف والقتل والإعدامات. المشاهد التي تُعرض من سجون الأسد تُظهر صورًا مروّعة ومثيرة للعِبرة. السجن الشهير في صيدنايا، على سبيل المثال، هو نموذج استمده بشار الأسد من والده حافظ الأسد ومن مرشده علي خامنئي. والده الذي كان مجرمًا لا يقل عنه إجراماً، عندما قام أهالي مدينة حماة في عام 1982 بالانتفاض، قمع الانتفاضة بالقصف الوحشي. حينها، رفض بعض الطيارين تنفيذ القصف وتم اعتقالهم. أُعدم بعضهم، وقبع آخرون في السجون حتى سقوط بشار الأسد.

النقطة هنا أن النظام الإيراني نفسه لا يملك القدرة على البقاء. بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، والحرب التي اندلعت في المنطقة، صرّح مسعود رجوي، زعيم المقاومة الإيرانية، بوضوح أن النظام الإيراني كان يهدف من وراء ما سُمّي بالنصر إلى التغطية مؤقتًا على انتفاضة الشعب الإيراني. لكنه أكد أن هذه الحرب، رغم أنها كانت استعراضًا للقوة على المستوى التكتيكي، فإنَّ الخاسر الاستراتيجي هو خامنئي. ومع مرور الأيام، أصبح هذا الأمر أكثر وضوحًا.

هذه الأحداث مجتمعة أدت إلى انهيار الدعم الذي كان يشكل قاعدة دكتاتورية بشار الأسد، أي النظام الإيراني وحزب الله. لم يعد لديهما القدرة على الصمود، وانهار جيش الأسد. خامنئي كان مرتبكًا لدرجة أنه ظل صامتًا لمدة أربعة أيام. يمكن القول إن النظام الإيراني تلقى ضربة أخلّت بتوازنه، وهذا التوازن لن يعود أبدًا. يشبه الأمر جسدًا قُطِع نصفه.

تصريحات خامنئي نفسها كانت ملفتة وتعكس عدم توازنه. قال إنَّ أحداث سوريا كانت مؤامرة أميركية إسرائيلية بمشاركة دولة مجاورة. وأضاف: "في ظل هذه الظروف الصعبة، قمنا بتوفير كل ما تحتاجه سوريا، لكن إسرائيل وأميركا أغلقوا الأجواء والطرق، ولم نتمكن من إيصال المساعدات".

إقرأ أيضاً: الأجواء ملائمة لإيران أخرى

هذه التصريحات تُعد دليلًا واضحًا على أن النظام الإيراني يواجه أزمة حقيقية. خامنئي أضاف أن "المقاومة لا تضعف بالضغوط بل تزداد قوة. الشعب السوري يُقتل الآن، لكن هذا يزيد من دوافع المقاومة".

في الداخل الإيراني، النظام يواجه أزمة متفاقمة. البعض يتساءل: لماذا ذهبنا إلى سوريا وأنفقنا 50 مليار دولار بين عامي 2012 و2020؟ لكن خامنئي برر ذلك بقوله: "ذهبنا إلى سوريا لسببين: حماية الأماكن المقدسة ومواجهة عدم الاستقرار في سوريا والعراق، لأن استقرارهما يؤثر على أمن إيران”. وأضاف أن “عملنا كان استشاريًا، لكن الجيش السوري كان عليه أن يخوض الحرب، بمساعدة قوات الباسیج القادمة من أماكن أخرى. إذا أظهر الجيش ضعفًا، فلن تتمكن قوات الباسیج من فعل شيء، وهذا ما حدث".

إقرأ أيضاً: إيران والمواجهة المفتوحة.. تصعيد نووي يثير القلق الدولي

خامنئي أكد أيضًا على أهمية عدم الاستهانة بالعدو، وشدد على ضرورة استمرار المقاومة. وقال إن الأجهزة الاستخبارية الإيرانية حذرت المسؤولين السوريين قبل عدة أشهر، لكنهم لم يصغوا. ومع ذلك، قال إن "الشباب السوري سيحرر المناطق المحتلة، وإن جبهة المقاومة ستُخرج أميركا من المنطقة".

في نهاية حديثه، حذر خامنئي من أن "أي شخص يتحدث عن القضية السورية بشكل يثير الخوف بين الناس هو مجرم، ويجب أن تتعامل معه السلطة القضائية".

كل هذه الأمور تعكس حجم التوترات داخل النظام الإيراني، وهذه التوترات بلا شك ستزداد في المستقبل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف