فضاء الرأي

الملف الكردستاني يُفجّر العلاقات بينهما:

هل يتصدع التحالف الاستراتيجي التركي الأميركي؟

نساء يبكين خلال تشييع منتسبة إلى "وحدات حماية المرأة" قُتلت جراء غارة جوية تركية في ريف كوباني في 22 كانون الأول (ديسمبر) 2024
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

شهدت العلاقات التركية - الأميركية توتراً متزايداً في السنوات الأخيرة، خاصة في سياق الصراع السوري وما يتعلق بغرب كردستان. تلعب علاقات الولايات المتحدة مع حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وقوات سوريا الديمقراطية (قسد - SDF) دوراً رئيسياً في هذا التوتر. تُعد تركيا وجود قسد، التي تشكل الأغلبية من (PYD)، تهديداً لأمنها القومي. وجاء تهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخراً لحزب العمال الكردستاني (PKK) ليعكس هذا القلق: "إما أن تُلقوا أسلحتكم أو سيتم دفنكم مع أسلحتكم". في المقابل، ترى الولايات المتحدة هذه القوات شريكاً أساسياً في الحرب ضد تنظيم داعش، مما أدى إلى تضارب المصالح بين البلدين.

الدعم الأميركي للأكراد: نقطة خلاف رئيسية
بدأت التوترات بين تركيا والولايات المتحدة في التصاعد منذ عام 2014، عندما دعمت واشنطن قوات سوريا الديمقراطية (SDF) في معركة كوباني ضد داعش. وفقاً لتقارير أميركية، قدمت الولايات المتحدة دعماً عسكرياً ولوجستياً لقسد بقيمة تتجاوز 2.2 مليار دولار منذ عام 2014. يشمل هذا الدعم تزويد قسد بأسلحة متوسطة وخفيفة، وآليات عسكرية مثل ناقلات الجنود والعربات المدرعة. في عام 2019، أفادت وزارة الدفاع الأميركية بأن القوات الأميركية دربت أكثر من 60 ألف مقاتل من قسد في إطار التحالف الدولي ضد داعش. من وجهة نظر أنقرة، يشكل هذا الدعم تهديداً مباشراً لسيادتها وأمنها القومي. وبالرغم من اعتراض تركيا، واصلت الولايات المتحدة مد قسد بالدعم العسكري واللوجستي، بل وحمت كوباني بقواتها الخاصة ورفعت العلم الأميركي فوق مواقعها. اعتبرت تركيا ذلك خيانة من شريك استراتيجي في حلف الناتو.

العمليات العسكرية التركية وإهمال حلفائها
لم تتردد تركيا في اتخاذ خطوات عسكرية لحماية حدودها الجنوبية، حيث شنت عدة عمليات عسكرية في شمال سوريا، أبرزها "درع الفرات" عام 2016، و"غصن الزيتون" عام 2018، و"نبع السلام" عام 2019. تهدف هذه العمليات إلى القضاء على ما تسميه تركيا “الممر الأمني” الذي تسعى قسد لتشكيله على طول الحدود.

تسببت عمليات تركيا في شمال سوريا، مثل "نبع السلام" عام 2019، في نزوح أكثر من 300 ألف مدني، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة. العمليات العسكرية أثرت على الخدمات الإنسانية في المنطقة، حيث عُلّقت مساعدات إنسانية في عدة مدن بسبب التصعيد العسكري. ورغم الإدانات الدولية، بما في ذلك من واشنطن، واصلت أنقرة سياساتها واعتبرت أمنها القومي مسألة غير قابلة للتفاوض.

الصراعات داخل الناتو
أدى هذا الصراع إلى توتر العلاقات بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو). ترى تركيا أن تجاهل واشنطن لمخاوفها الأمنية يعكس عدم احترام لشراكتها الاستراتيجية. في المقابل، أعربت واشنطن عن قلقها إزاء تقارب تركيا مع روسيا، خاصة بعد شراء أنقرة منظومة الدفاع الصاروخي "إس-400"، مما زاد من حدة التوتر بين الطرفين. شراء تركيا منظومة "إس-400" تسبب في استبعادها من برنامج تطوير مقاتلات "إف-35"، مما أدى إلى خسارة تُقدّر بتسعة مليارات دولار للصناعات العسكرية التركية.

انعكاسات التوترات على غرب كردستان
كان لتدهور العلاقات التركية - الأميركية تأثير مباشر على الوضع في غرب كردستان. فمن جهة، عزز الدعم الأميركي لقسد قدرتها على إدارة مناطق واسعة، بما في ذلك المناطق الغنية بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز. ومن جهة أخرى، دفعت السياسات التركية الأكراد إلى البحث عن شركاء جدد، مثل روسيا وإيران، مما أدى إلى تعقيد المشهد السوري وزيادة حالة عدم الاستقرار في المنطقة.

تساؤلات المستقبل
يبقى السؤال: هل تستطيع الولايات المتحدة وتركيا تجاوز خلافاتهما بشأن غرب كردستان، أم أن هذا الصراع سيؤدي إلى مزيد من الانقسامات بين الحليفين؟ في ظل الظروف الراهنة، يبدو أن الحل يتطلب تنازلات صعبة من كلا الجانبين، مما يجعل العلاقات الثنائية مرهونة بتطورات الصراع السوري والمصالح الجيوسياسية الأوسع.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف