التصعيد في جنين: أزمة إنسانية ومستقبل غامض
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أحدث توغل جيش الاحتلال الإسرائيلي الأخير في مدينة جنين دمارًا في عدد كبير من البنايات، واستشهد العشرات من المدنيين في أعمال القصف المسلح، إلى جانب تضرر القطاعات الحيوية، وانقطعت المياه والكهرباء عن مناطق عدة، وتتفاقم الأزمة يومًا تلو الآخر.
خلف العدوان الإسرائيلي على مدينة جنين ومخيمها أكثر من 25 شهيدًا وعشرات الإصابات، ودمارًا واسعًا في البنية التحتية والممتلكات. وأُجبر قرابة 20 ألف فلسطيني على النزوح، وسط دمار واسع وأزمة إنسانية خانقة تهدد حياة الفلسطينيين.
نقص الاحتياجات الأساسية
تعرض قرابة 470 منشأة ومنزلًا للدمار الكلي أو الجزئي جراء القصف المستمر، كما يعاني أهالي المخيم من نقص حاد في الطعام والاحتياجات الأساسية، خاصة للأطفال، إضافةً إلى توقف المدارس والخدمات الصحية تمامًا.
يبدو أن التصعيد العسكري يؤدي إلى خسائر كبيرة بين المدنيين، ليس فقط بسبب القصف، ولكن أيضًا نتيجة القيود المفروضة على وصول المياه والمستلزمات الطبية إلى المستشفيات الرئيسية. هذا الوضع يحرم نسبة كبيرة من أهالي مدينة جنين من المياه، مما يزيد من معاناتهم ويهدد بحدوث أزمة صحية.
تدمير البنية التحتية
لم يكتفِ الاحتلال بذلك، بل اعتقل أكثر من 120 فلسطينيًا من جنين ومخيمها، وأخضع العشرات للتحقيق الميداني، فيما نفذ 153 عملية مداهمة للمنازل و14 عملية قصف جوي، ما أدى إلى أضرار جسيمة في البنية التحتية والأحياء السكنية. كما اعتقل الاحتلال 380 فلسطينيًا على الأقل من محافظات جنين وطولكرم وطوباس منذ بداية العدوان الحالي.
ومع استمرار العمليات العسكرية في مخيم جنين، تتكشف الأضرار المتزايدة التي لحقت بالمنازل والممتلكات في أحياء المخيم وشوارعه. وفي الوقت نفسه، تواصل القوات الإسرائيلية إرسال تعزيزات عسكرية، بما في ذلك آليات وجرافات، إلى محيط المخيم، حيث تم رصد وصول صهاريج وقود قرب عمارة الريان القريبة من المخيم.
ويستمر تحليق طيران الاحتلال في سماء مدينة ومخيم جنين، ومنذ أيام يشهد المخيم إلقاء قنابل من طائرات مسيّرة في ساعات الفجر الأولى في منطقة الساحة وأحياء أخرى بداخله.
استهداف المنازل
الوضع الراهن في مخيم جنين يتطابق مع ما حدث في مدينتي خان يونس وطولكرم، عندما شنَّ الاحتلال سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت خيامًا ومنازل، ما أدى إلى استشهاد عدد كبير من الفلسطينيين، بينهم أطفال، وإصابة أكثر من 20 آخرين إثر غارة من مسيّرة إسرائيلية على خيمة تؤوي نازحين غربي مدينة خان يونس. ما يؤكد خطة إسرائيل الممنهجة لاستهداف المدن الفلسطينية تدريجيًا، الأمر الذي يزيد من تعقيد المشهد السياسي وتفاقم الأزمة الإنسانية.
وفي الوقت الذي بذلت فيه مصر وقطر جهودًا مضنية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لا تتوقف مساعي إسرائيل لخرق أي محاولة لوقف التصعيد، مستغلة حالة الانشغال بكارثة غزة لشن هجوم موسع على الضفة الغربية، بحجة ملاحقة الفصائل الفلسطينية المسلحة.
حشد المجتمع الدولي
ومع تفاقم الأوضاع في مدينة جنين، لم تتضح الرؤية حول إيجاد مسار سياسي لحل القضية الفلسطينية، رغم التوجهات الإقليمية والدولية التي أيدت حل الدولتين لإنهاء الصراع التاريخي وإحلال السلام الشامل في منطقة الشرق الأوسط. ولكن مع تصريح أحد المسؤولين الإسرائيليين البارزين برفض إقامة دولة فلسطينية، ستتفاقم الأوضاع السياسية، وقد تتزايد حدة الصراع خلال الفترة المقبلة.
من الواضح أن إسرائيل عازمة على المضي قدمًا في أعمال القصف والتدمير بمخيم جنين، وهو ما تسبب في حالة من القلق لدى الإدارة المحلية في جنين من تصاعد العدوان الإسرائيلي، خاصة مع انتشار قوات الاحتلال بشكل مكثف في الضفة الغربية. الأمر يتطلب تحركًا فوريًا وفعّالًا من جانب السُّلطة الفلسطينية، والعمل على شقين هامين:
الأول هو ضمان استتباب الأمن والسيطرة على السلاح وجعله بيد السلطة فقط.
الثاني هو حشد المجتمع الدولي والتحرك الأممي لوقف جرائم جيش الاحتلال، والتنسيق مع الأطراف الفاعلة لإجراء مباحثات مع الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل لوقف العدوان على الأراضي الفلسطينية المحتلة.