الانتخابات طريقنا لإصلاح الواقع
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لليوم أتذكر تلك اللحظات عند أول مرة أشارك بالانتخابات، حيث كنت أشعر أنني أقوم بفعل عظيم؛ الروح الثورية تقودني نحو صناديق الانتخابات لأختار من يمثلني بكل حرية. لست وحدي من شملني هذا الإحساس، بل كانت الفرحة على وجوه كل الناس، فهم يرسمون مستقبل العراق، ويمكن أن نطلق عليها ثورة البنفسج. رجال ونساء، شيوخ وشباب، حتى الأطفال كانوا يسعون مع ذويهم لصبغ أصابعهم باللون البنفسجي، صرخة إعلان عن المشاركة في ثورة يكون الصوت فيها هو الذي يبني العراق.
في يوم الانتخابات تفتح الأرض أبوابها أمام صوتٍ ينمو في عمق الصدور، يبدأ صغيراً ثم يزدهر ويدوي في آفاق الكون، فهي ليست المشاركة مجرد خطوة خشنة على باب المكتب، بل هي همسة اجتماعية تقود القلوب إلى حضن المدينة، حيث يتقاطع الحلم بالحقيقة وتتلاقى الأصوات في نسيج واحد.
همس الناخبين
أحاديث الساعين لإصلاح حال البلد كثيرة ومتعددة وجميلة، عندما ننصت لها تجعلنا نفخر بهذا الشعب الغيور على بلده... دعوني أحدثكم عن تلك اللحظات.
أتذكر جيداً كلمة قالها لي جاري أبو علاء عندما سألته ذات مرة عن يوم الانتخابات فقال: صدّقني يا أخي إن صوتي لا يغير العالم فجأة، لكنه يبدد ظلال اليأس من حوله، وكل صندوق اقتراع يحمل وعداً بسيطاً وفرصة أن تكون خطوتك نحو الصندوق زهرة في خريطة المستقبل، وأن نرى أن مشاكلنا الحالية تزول بفعل إصرارنا على المشاركة بالتغيير، حين أشارك أشبه بمقاتل يخرج ليزيح الفساد بصوته ويجعل الحياة أجمل.
كانت كلماته كلام شاعر يعشق بلده حد الجنون، ويشعر بأنه سيغير الكون عبر المشاركة برسم مستقبل البلد بواسطة الاختيار الحر الواعي.
أمَّا كلمات حجي جبر الذي قارب الثمانين فما زالت مدوية في ذاكرتي حين قال: نعم، إنَّ المشاركة هي آلية الإصلاح الأفضل، فعبر الاختيار الواعي لمن يمثلنا في الدورة النيابية القادمة، سيكون تعديل هنا وتغيير هناك للقوانين، إصلاح هنا وكشف المستور هناك، المشاركة هي من تجعل الإصلاح متاحاً للشعب. إني أعترف بأن صوت الجماعة يكون أقوى من صوت الفرد، وأن بيننا ميثاقاً غير مكتوب يحثنا على المساءلة والاحترام والتضامن.
ما يقوله حجي جبر يعبر عما ينبض به قلب كل عراقي يحلم بمستقبل ساحر للأجيال القادمة.
صباح يوم الانتخابات كفجر العيد
في صباح يوم الانتخاب يتداخل الضوء مع وجوه الناس في الطرقات، الكل فرح وسعيد ومستبشر، تنظر للعيون وتترجم إلى كلماتٍ يسري صداها في المقاهي والمدارس والدوائر الحكومية، يفيض الحيّ بالحياة، يوم لا يشبه ما قبله، حين يخرج الجميع إلى المحطة الانتخابية لا بحثاً عن مكسبٍ شخصي فوري، بل عن درسٍ جماعي بأن الأمل لا يموت حين نقابله بمسؤوليةٍ حضارية ونتحرك بتصميم حر للانتخاب.
صباح الانتخاب يشبه تماماً صباح العيد، حيث الكل في سعادة ونشاط، الكل يتبادلون التهاني والتبريكات، والتفاؤل سمة الجميع.
فما أجمل أن ندرك أن كل بطاقةٍ انتخابية ندخلها في صندوق الاقتراع تشبه قلماً يلامس صفحةً من كتب المستقبل، صفحة تُسجل فيها القيم التي نريدها، والعدالة التي نسعى إليها، والكرامة التي نمنحها لبعضنا بعضاً.
فليكن صوتنا سفينةً صغيرة في بحرٍ واسع، تقودنا إلى شاطئ الأمان حيث نستطيع أن نعيش كما نحلم.
لنحقق حلم الأجيال السابقة
من ذلك الزمن القبيح تسبح الأمنيات في السماء، هي أمنيات لا تموت بل خالدة، حيث كانت الأجيال الراحلة تحلم بأن تصنع الواقع عبر صناديق الاقتراع وليس بواسطة "كلاشنكوف" الطاغية وزبانيته "الرفاق العفالقة العابثون بالحياة"، الذين حولوا البلاد إلى سجن كبير. ما زال صدى الأزقة وهمس الشباب بأن هناك يوماً سيأتي ويصبح الانتخاب حراً نزيهاً، وعندها يسقط كل طاغية عبر صناديق الانتخاب وليس بعمليات عسكرية وتدخل دولي. كنا نحلم بانتخابات حرة تجري ويتحرك الشعب ضد صدام لنركله خارج أسوار البلاد ونصفعه بأصواتنا الانتخابية، كي يرتاح العراق وشعبه من شيطنته، لكن لم يتحقق حلم الانتخابات الحرة في زمن ولد تكريت الأحمق.
كان الأجداد يزرعون في الأرض تقاويم من حبرٍ ونجوم، ويزرعون في القلوب أملاً أن يأتي يومٌ يؤتي فيه كل صوتٍ سليمٍ، صوت كل من يملك فكرةً ومسؤوليةً تجاه الغد.
إنَّ الانتخابات هي حوار طويل مع الذات ومع الآخرين، مع تاريخٍ عطرٍ ومع أفقٍ لم يتوقف عن التوهج. تصل الأصوات فيقال إن التعدد هو سيد الحقيقة، وإن الاختلاف ليس عداءً، بل تكامل يهدينا إلى صورة أوسع من أقوال الشخص الواحد.
فدعونا نحقق حلم تلك الأجيال المحرومة التي رحلت عن الدنيا وهي تحلم بالفرصة المتاحة لنا.
بصوتك تبني المستقبل
الأجيال تبحث عن العدل والخلاص من الفساد، وهذا الحلم يلمع مثل ضوء في بداية فجر جديد، وهو ممكن أن يصبح حقيقة بهمة الشعب المتوحد، إرادة تجتمع للتغيير عبر صناديق الانتخاب. نشارك بحثاً عن رد المظالم، نشارك بصوتنا ونبني المستقبل، صوت الناخبين الهادر ليس مجرد اهتزازات في الهواء، بل ثورة تربط الحاضر بالمستقبل، وحركة انقلاب سلمية ضد الفاسدين عبر حق دستوري، نافذة تفتح على الغد لتجعل كل أحلامنا حقيقة. نشارك بالانتخابات كي لا يعود لنا أمثال صدام وزبانيته بالزي الزيتوني ليتحكموا في حياتنا، يجب أن نشارك كي نحافظ على العدل والأمل.
ثبات المستقبل يقاس بقدرتنا على استغلال صوتنا في تغيير الواقع، فلا نفرط بالفرصة التي أعطاها لنا الدستور، ونذهب مبكرين لنكون أول من يضع خطوة للمستقبل.
فليكن صوتكم يا شركاء الوطن وأحباء الحياة شهادة حياة تتحد في كلماتٍ قليلة، ولكنها عمر كامل من المسؤولية والوعي. فالصوت الانتخابي ليس مجرد حركة ورقة توضع في صندوق، بل هو عمل واعٍ للتمسك بالأمل، ويصنع من الحاضر جسراً يصل ما بين ما كان وما يُراد أن يكون كما نحلم ليكون واقعاً، حيث المستقبل الذي ينبض بالعدل وكرامة تتسع للجميع، وكل هذا يكون واقعاً عبر الصوت الواعي... فصوتك يبني المستقبل.