أخبار

تجهيل القاتل يستهدف سيادة الدولة اللبنانية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

من مروان حماده الى جبران تويني
تجهيل القاتل يستهدف سيادة الدولة اللبنانية

إقرأ أيضا

في بيان تلقته "ايلاف" بالفاكس عن الجماعة
منظمة مجهولة تدعي مسؤوليتها عن اغتيال تويني

لبنان منذ اغتيال رفيق الحريري

مقتل النائب جبران تويني في انفجار في المكلس
غسان تويني يعود اليوم من باريس

صحيفة النهار المعارضة تفقد ثاني صحافي لها خلال ستة اشهر


اعتصام لاهالي الموقوفين في سوريا امام الاسكوا
ساحة ساسين تغص بالمتظاهرين المستنكرين

كلمات قتلت... جبران التويني

لبنان ينعي التويني

ردود فعل عربية ودولية تدين اغتيال تويني

الانفجارالـ15 وتداعياته على الاقتصاد اللبناني

دخل الله : التدخل الأجنبي في لبنان زعزع السلام فيه
سوريا "تدين بشدة " مقتل تويني

الاعتداءات التي شهدها لبنان منذ اغتيال رفيق الحريري

جبران تويني : صحافي وسياسي جريء وصاحب منبر كبير

في الإنفجار رقم 15 الذي هز المكلس:
مقتل النائب جبران التويني و3 من مرافقيه

آخر مقال قرأه تويني الابن

جبران: فليفسر لنا الشرع

جبران تويني: صحافي وسياسي جريء وصاحب منبر كبير

الاسد يتعهد بمعاقبة اي سوري يثبت تورطه ويحذر من الزعزعة
تقرير ميليس من عهدة أنان إلى مجلس المناقشة غدا

فرنسا وأميركا وبريطانيا تبحث في إجراءات عقابية
ميليس سلم تقريره إلى أنان: سورية متورطة

ميليس سلم أنان التقرير عن التحقيق في اغتيال الحريري

الأسد: العقوبات ستزعزع المنطقة

بري..كشف الحقيقة ضمانة لعلاقة مميزة مع سوريا

جنبلاط يتوقع بداية التغيير في العالم العربي

بلال خبيز: جبران تويني شهيداً. رغم كل التحذيرات والتهديدات والتوقعات، إلا ان الموت يفاجئ. بين التهديد بالقتل والقتل ثمة مسافة يصعب على العقل ان يعبرها بسهولة. لذلك يفاجئنا الموت، ولا نملك علاجاً لآلامه. جبران تويني شهيداً. لقد حاز باستشهاده ارفع الرتب. وليس في وسع الأحياء من اللبنانيين إلا اعلان الحزن ومشاركة عائلته واهله ومحبيه ألمهم في هذا المصاب المفجع.
جبران تويني شهيداً. مرة أخرى ليس ثمة احد يعلن مسؤوليته عن الجريمة. يسير مسلسل الجرائم في لبنان بدفع ذاتي. لا جهة تعلن مسؤوليتها عن القتل، ولا قوة تجاهر بالإعلان، وهذا يحدث فرقاً كبيراً. الفارق بين ان يعامل البلد كدولة سيدة تملك التقرير في ما تراه مناسباً، وان تدفع ثمن مواقفها وقراراتها جهاراً نهاراً وعلى رؤوس الاشهاد، وبين ان يتم التعامل مع البلد كما لو انه ساحة لتصفية الحسابات. من مروان حمادة إلى جبران تويني مروراً بكامل مسلسل الاغتيالات يمر لبنان مرة اخرى في مطهر حاسم ودقيق. المطهر الذي اما يخرج من مفاعيله دولة سيدة وإما يعود ساحة لتصفية الحسابات.
هذا الاغتيال، مثله مثل الاغتيالات الاخرى، يبدو في جانب من جوانبه الجوهرية استمراراً لحشر لبنان في هذه الزاوية. حيث تجري الجرائم في هذا البلد منذ زمن طويل من دون ان يتم كشف الجناة ومعاقبتهم. على مذبح الاتجاهات الكبرى في الشرق الاوسط يذبح بعض اللبنانيين من دون ان يعاقب المسؤولين عن الجرائم، او يتمكن اللبنانيون من اعلان حرب مفتوحة على الأطراف التي تستهدف البلد والكيان.
لا يملك لبنان ان يرد بالحرب، لأسباب داخلية وخارجية متشابكة. ذلك ان استهداف البلد منذ نشوئه كان يصيبه في حقه في ان يكون مستقلاً وسيداً، بالمعنى الدقيق لكلمتي السيادة والاستقلال. لا يملك لبنان ايضاً ان يرد بوحدة داخلية تمنع القاتل من تحقيق اهدافه. بهذا المعنى تبدو الجريمة المغفلة التوقيع سياسياً تهدف اولاً وأساساً، إلى رد كافة الجرائم إلى الحيز القانوني والقضائي، بمعنى ان يتحول القاتل والمقتول فردين وُينزع عنهما الصفة المعنوية. على هذه الارضية اطلقت شائعات حول اسباب اغتيال سمير قصير، الصحافي البارز في حزيران الماضي، تهدف إلى جعل الجريمة شخصية وتقع خارج الميدان السياسي. وعلى النحو نفسه يمكن قراءة تصريح وزير الإعلام السوري الدكتور مهدي دخل الله ثر اغتيال جبران تويني بوصفه يقع في الخانة نفسها. فحين يشير الوزير السوري إلى ان الجريمة قد لا تكون جريمة سياسية، فليس هذا اقل من إعلان واضح وصريح بأن العلاقة السورية مع لبنان لا تزال تدار من الأرشيف السابق للنظام السوري، يوم كان وكيلاً دولياً مكلفاً بإدارة لبنان مطلق اليد.
لا شك ان الجريمة التي طاولت النائب جبران تويني هي جريمة سياسية من الدرجة الاولى. لكن امكانية ان نصنع من تداعياتها درعاً من الحماية السياسية للذين ما زالوا احياء، افراداً وجهات في لبنان، تبدو عسيرة وبالغة الصعوبة. فما ان اعلن نبأ الأغتيال حتى بادر الوزير السابق وئام وهاب إلى الدعوة إلى عدم استبعاد اسرائيل من قائمة المشتبه فيهم في هذه الجريمة، فيما ذهب النائب والزعيم المسيحي ميشال عون إلى ضرورة انتظار نتائج التحقيق. والحق ان تاريخ اسرائيل في موضوع الاغتيالات والتدخلات في لبنان حافل ومثقل، لكن افتراض ان اتهام اسرائيل يمكن ان يكون مقبولاً سياسياً فيما يبدو اتهام سوريا غير مقبول سياسياً وينبغي لإطلاق مثل هذا الحكم انتظار نتئج التحقيق، فهذا يشير من دون شك على تاريخ من العلاقات اللبنانية العربية قامت على نجاة النظام السوري من الجرائم التي ارتكبها في لبنان، بوصف المتهم الآخر والمتمثل بالعدو الإسرائيلي على المستوى السياسي دائم الحضور ويمكن نسبة أي جريمة إليه. والحال، لن يشفى لبنان من علاقاته المتوترة مع سوريا من دون ان يتم كشف كافة هذه الجرائم ومنفذيها سياسياً وقضائياً وسياسياً في الدرجة الاولى.
من جهة ثانية، وفي السياق نفسه ارتفعت اصوات تعترض على التقصير الحكومي في موضوع الاغتيالات والاداء الأمني، وفي وقت يعيش لبنان منذ الانسحاب السوري من لبنان ازمة حكم مستفحلة، تتيح لكل طرف من الأطراف الكبرى المتصارعة في لبنان بأن يعطل أي قرار سياسي او حتى قضائي، مثلما جرى في موضوع المحكمة الدولية مؤخراً، فإن اتهام الحكومة بالتقصير واطلاق الدعوات لاستقالتها او الانسحاب منها، تبدو كما لو انها تطلق رصاصة الرحمة على البقية الباقية من المشهد السياسي اللبناني عموماً.
يمكن ان يتفهم المرء الغضب والحزن الذي يصيب اللبنانيين مسؤولين ومواطنين وأفراد، لكن حال الشلل التي تصيب اللبنانيين هي حال شلل سياسي وينبغي التصدي لها في السياسة اولاً واخيراً.
لا يبدو الخروج من هذه الحال متيسراً وسهلاً على كل حال، وفي الانتظار يخسر اللبنانيون من لحمهم الحي نتيجة الشلل السياسي الذي يصيب البلد عموماً. لا مفر امام اللبنانيين من انتظار الجريمة المقبلة، عد الأيام التي تفصل بين شهيد وآخر. يكتبون ويعلنون مواقفهم، ويدبرون شؤون عيشهم على حد النطع. لا مفر امامهم من الصمود عزلاً من كل سلاح يمكن ان يحميهم. لكن المسألة الأهم من هذا كله ربما تكون ان يبادر اللبنانيون وقواهم السياسية والطائفية إلى الحسم في رعاية المشترك والعام وبناء الدولة على نحو يراعي مصالح الجميع في طبيعة الحال، إنما وأساساً ان تكون مصلحة البلد فوق مصالح الطوائف. وهذا امر لم تعودنا عليه الطوائف وقواها في لبنان طوال تاريخ علاقتها بالبلد.
جبران تويني في ذمة الله. اللبنانيون خسروا كثيراً طوال عقود. تعودوا العيش مع الخسارات. ماتوا كثيراً وطويلاً، ودائماً كان موتهم يشبه القضاء والقدر. لم يعاقب مجرم ولا حوكم نظام. قتلى ولم ينصف دماءنا احد. اليوم ينضم قتيل جديد إلى القافلة الطويلة والمريرة. الوطن يستحق ان تبذل الدماء من أجله. فليكن دم الشهيد الجديد فداء لهذا الوطن المرير. هذا الوطن الذي يدمي ومن حقه ان يستبيح دماءنا، لكننا نريده منذ اليوم ان يعالج الجروح ايضاً.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف