السعودية بثقلها تواجه البابا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مسؤولون على رأسهم الملك في غاية الضيق إزاء تصريحاته:
السعودية تضع "ثقلها الروحي" في مواجهة البابا
مسؤولون سعوديون في تمام الغضب بسبب البابا
الفيصل يترجم استياء السعودية في رسالة للفاتيكان
الاخوان المسلمون: توضيح البابا ليس اعتذارا
رجل دين صومالي يدعو الى الانتقام من البابا
تصريحات البابا قد تعرقل الحوار المسيحي الاسلامي
رجال دين ومفكرون يتحدثون لـإيلاف عن محاضرة البابا
تصريحات بنديكت السادس عشر: أول معركة يخوضهانائب البابا
الفاتيكان لم يفلح في تهدئة خواطر المسلمين
مسيحيو العراق يدعون لضبط النفس ومسلموه لطرد سفراء البابا
سلطان القحطاني من لندن: على مدار يومين أثنين وضعت الحكومة السعودية كامل ثقلها الروحي كمكان انطلقت منه رسالة الإسلام، آخر الأديان السماوية، في مواجهة البابا بينديكت السادس عشر الذي أثارت تصريحاته في إحدى الجامعات الألمانية عن طريقة انتشار الإسلام "العنيفة"، كما وصفها، غضب مسؤولين سعوديين كبار على رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. وعلى الرغم من "الغضب الملكي" السعودي الذي علمت عنه "إيلاف" من مصادرها، فإن رد الرياض الرسمي ظهر على هيئة رسالة كتبها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إلى نظيره في الخارجية البابوية عبر فيها عن أسف حكومة بلاده واستياءها لما ظهر في تصريحات البابا من مبررات خفية لشن حرب صليبية جديدة على الإسلام، في الوقت الذي رأى الفيصل فيه أن المسلمين يحاولون إقامة حوار بناء مع المسيحية.ورفضت مصادر في الخارجية السعودية أن توضح لـ"إيلاف" طبيعة الخطوات المنتظرة التي ستتخذها حكومة البلاد إزاء الفاتيكان، خصوصاً أن الرياض لا يوجد لديها سفير هناك، وذلك في ثاني "مطب ديني" بين الرياض والفاتيكان بعد أن كانت العلاقات قطعت بينهما في إحدى فترات حكم العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز، رغم أن جولات الحوار الديني قد بدأت بينهما قبل ذلك بعقود في عهد ثالث الملوك السعوديين فيصل بن عبد العزيز.
وبعد أكثر من أربعين عاماً من جولات الحوار بين رجال الدين السعوديين وبابوات الفاتيكان في عهد الملك فيصل، يأتي أحد أبرز أبنائه الأمير سعود ليكتب رسالة مليئة بالاستياء من موقف الفاتيكان إزاء أحد أكثر الشخصيات أهمية في الدين الإسلامي، وهو النبي محمد حامل رسالة آخر الأديان السماوية، مما يوضح حجم التفاوت في الحوار بين الديانتين بعد مضي سنوات طوال.
ومنذ الأمس توقعت مصادر سعودية مطلعة خلال حديث لها مع "إيلاف" أن يصدر بيان "قوى اللهجة" من قبل حكومة الرياض ردا على ما جاء في محاضرة البابا التي ألقاها في جامعة (ريجينسبورج ) في ولاية بافريا في ألمانيا يوم الثلاثاء الماضي، والتي اعتبرتها الأوساط السعودية العليا تهجما واضحا على الإسلام وعلى النبي محمد. وأبدت هذه المصادر "صدمتها" من توقيت هذه التصريحات وطبيعتها معتبرة إياها هدية من البابا للمتطرفين من الجانبين المسيحي والاسلامى في تأجيج العداء والصراع والقضاء على عقود من التقارب بين الأديان.
ولم يسبق للملك عبد الله أن زار الفاتيكان لكن مسؤولين سعوديين زاروها في فترات سابقة منهم ولي العهد الحالي الأمير سلطان بن عبد العزيز وحاكم منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبد العزيز، وهي زيارات تأتي في إطار محاولات تعميق الحوار بين السعودية ذات الثقل الديني الإسلامي والفاتيكان ذات الثقل الديني المسيحي. وتخشى الأوساط السعودية أن هذه التصريحات تمثل بداية دور بابوي جديد لتوجيه الجهود ضد الإسلام والضغط عليه بتنسيق من الحكومات الغربية ورفض أي توجه لمصالحته أو الحوار معه.
وفي موازاة ذلك فقد ندد مفتي عام السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ اليوم السبت بتصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر مؤكدا ان مثل هذه التصريحات "كذب" ويمكن ان تسمم العلاقة بين الديانتين. وقال في تصريحات لصحيفة "الرياض" السعودية اليوم تعليقا على تصريحات البابا بشأن علاقة الاسلام بالعنف "هذا كله كذب. فالاسلام بعيد عن الارهاب".
واضاف ان "ديننا الاسلامي دين سماحة لا يرضى العنف والارهاب (..) الاسلام بعيد عن الارهاب ولم ينتشر الا بقناعة من الشعوب الذين تبصروا ورأوا خير الاسلام وعدالته وحسن نظمه". وتابع "اذا كان اولئك يهاجمون الاسلام ويكذبونه ورسول الاسلام (..) فكيف يظنون ان هناك توافقا وتقاربا وهم على الباطل ومن سب واستهزأ بالدين الاسلامي ومحمد". وكان وزير الاوقاف الاسلامية السعودي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ طلب من البابا الاعتذار عن تصريحاته.
كما دعا مجمع الفقه الاسلامي باسم علماء الدول الاسلامية وعامة المسلمين بابا الفاتيكان ان يقدم اعتذارا. و جاء ذلك في بيان أصدره مجمع الفقه الاسلامي اليوم دعا خلاله بابا الفاتيكان ان يتحرى في اصدار الاحكام على الاسلام ورسوله واتباعه المؤمنين ولا يجري مع الاهواء وخلف مغالطات المتعصبين من اعداء الاسلام والانسانية فإن أي كلام غير محرر يثير الفتنة والغضب وينشر الكراهية والعداء ويحمل على الصراع والتناحر . واكد المجمع ان تصريحات البابا اثارت غضبا شديدا لدى عامة المسلمين وذلك لاشتمالها على اخطاء ومغالطات كان يقصد منها مهاجمة الاسلام ونبي الاسلام والمسلمين عامة .
وشدد المجمع على فقرتين أساسيتين اولاهما "ادعاؤه ان العقيدة المسيحية تقوم على المنطق والعقيدة الاسلامية تقوم على اساس ان إرادة الله لاتخضع لمحاكمة العقل او المنطق وهذا كلام رد فإن حظ المسلمين من اعتماد العقل ومعالجة القضايا عن طريقه امر قائم لا ينكره إلا معاند وقد امر الله تعالى باستخدام العقل واعتماده في غير ما آية كقوله تعالي:" ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات للأولي الالباب"وقوله تعالى "فاتقوا الله يا أولي الالباب لعلكم تفلحون"وقوله عز و جل " أولئك الذين هداهم الله واولئك هم أولوا الالباب".
وأشار المجمع إلى ان سند النظر الشرعي والتصرف الاسلامي الوحي وهو صدق مقطوع به والعقل نور قذفه الله في قلب الانسان ليكون عونا على إدراك الحقائق والتصرف السديد فيها فالعمل بهذين مكلف به غير ان العقل لايجول في كل شيئ بل يقف في أشياء وينفذ في أشياء. وأضاف المجمع في بيانه ان مدارك العلوم في الدين هي العقل والمرشد إلى ثبوت كلام صدق وأدلة السمعيات المحضة وهذه هي الكتاب والسنة والاجماع فهي لايتطرق إليها الخطأ ومتى اجتمع طريقان شرعي وعقلي اخذ بهما مع تقديم الشرعي الثابت على العقلي المحتمل.
من جهة اخرى انتقدت صحيفة "الرياض" المقربة من الحكومة في افتتاحيتها اليوم بشدة تصريحات البابا التي اعتبرتها "مرفوضة شكلا وموضوعا". وتحت عنوان "البابا يشعلها حرب اديان" كتبت الصحيفة ان "بابا الفاتيكان اعتمد لغة الحرب الصليبية لانه لم يملك منطق الحكمة وتعايش الشعوب واحترام عقائدها وتقاليدها وادراك ان التقول على الدين الاسلامي من اعلى رتبة دينية مسيحية لا يعني فقط الوقوع بخطأ وانما افتعال حرب كبرى". واشارت الى امتزاج "روح النازية التي يمثلها البابا الجديد بمتعصبي الكنيسة الكاتوليكية" معتبرة ان "البابا اختلطت عليه المشاعر فهو حاول استجلاب حروب الماضي باطار سياسي تغلفه الكنيسة".
وقالت الصحيفة ان "البابا فتح المعارك وسواء اعتذر او كلف مرجعياته الاخرى بالاعتذار (..) فالعالم الاسلامي ووجه بموقف لا يقبل التحريف اذ ما قاله البابا مخطط له ومحسوب بردات فعله ومبيت الغاية والهدف". واضافت انه بذلك "يجازف بعلاقات لا ترسمها الحكومات او تحركها الدبلوماسيات انما تغذي عداءها مراجع دينية عليا تحسب عليها كل كلمة وسلوك". وختمت "الرياض" بتأكيدها انه "بغض النظر عن الاتجاه الذي يريده البابا، فقد وضع اقدامه على النار وقد يجر المسيحيين والمسلمين باتجاه لا توقفه النوايا الحسنة امام السيئات الكبرى التي جلبها رأس الكنيسة". واضافت "مع تأكيدنا على احترام الديانات التوحيدية فان زلات البابا غير مقبولة ومرفوضة شكلا وموضوعا".