كتَّاب إيلاف

الرجل «الأبيض" في البيت "الأبيض"

عبدالله المساوي
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

 القومية هي الحرب" هكذا تكلم فرانسوا ميتران François Mitterrand من بلد كان هو رئيسه وخرج منه الإمبراطور نابليون الأول ليغزو الشرق والغرب، وغير بعيد عن فرنسا خرج الفوهرر في ألمانيا والدوتشي في إيطاليا وهكذا دواليك. لكن ألمانيا تظل مثالا ساطعا على الجانب الأسود من الديمقراطية عندما تجعل القوميين يصلون للحكم عن طريق صناديق الاقتراع، فبعد أن وضعت الحرب الكونية الأولى أوزارها كتب على برلين أن تتحمل ثمنها، فعلقت كل المآسي آنذاك على مشجب المواطن الألماني البسيط واضطر إلى الجنوح نحو التطرف ليصوت عقابيا لصالح الحزب القومي النازي، لأن المشروع الذي قدمه هتلر يتمثل في إعادة تأهيل اقتصاد البلاد، والانتقام ممن اعتدى عليها في الحرب العالمية الأولى. وصول هتلر إذن الى الحكم لم يكن نتيجة عملية سياسية بريئة بل تحصيل حاصل لاحتقان الشعب اقتصاديا وسياسيا وهذا ما انعكس ذلك على نفسية المجتمع... كل هؤلاء وآخرون غيرهم جنحوا نحو مداعبة الحس القومي لدى مواطنيهم، مغلبين في البداية السياسات الداخلية على حساب السياسات الخارجية. وكان لا بد أن يتولد الانطباع أن هناك شيئا ما يتوجب انتظار حدوثه إن آجلا أم عاجلا. ولنا في الحتمية التاريخية أمثلة كثيرة كانت وراء اندلاع حروب أتت بالدمار على الإنسانية. وصدق جورج برنادشو إذ قال: "لن يسود السلام العالم حتى تُستأصل الوطنية من الجنس البشري". لقد كانت إرهاصات فوز ترامب واضحة مع تصويت البريطانيين لصالح الطلاق البريطاني الأوربي، الآن لدينا مواطن بريطاني كان إلى حدود الستينيات والسبعينيات يعيش في بحبوحة مستعمرات التاج هونغ كونغ وغيرها...كان هذا المواطن يذهب الى دول مثل قطر والبحرين وعمان وغيرها كدول تابعة للتاج أما الأن فأصبحت هذه الدول تتحكم في اقتصاديات المملكة المتحدة ومما زاد الطين بلة هو خروج هونغ كونغ وزيمبابوي وغيرها عن السيطرة في تسعينيات القرن. بل وتجرأت دول كالأرجنتين مثلا للدخول في حرب على جزر الفوكلند...بريطانيا كانت تتحكم في الجزء الغربي لألمانيا وفجأة يصبح مواطنها في شبه عزلة تامة بعدما كان في الماضي مهووسا باستعمار الدول والسيطرة على مقدراتها واليوم يعامل هذا المواطن كشخص قادم من البوسنة والهرسك أو كرواتيا. بمعنى آخر أصبح البريطاني يعامل داخل الاتحاد الأوروبي بنفس القدر الذي يعامل به باقي مواطني الاتحاد الأوربي. أميركا، هي الأخرى في سنوات أوباما انسحبت من العديد من مناطق الصراع الدولي كأوكرانيا والشرق الأوسط وتخلت نوعا ما عن حلفاءها فتسبب ذلك في ظهور تنظيمات وجماعات مسلحة كداعش وغيرها.. هذا التخلي من جانب الديمقراطيين أضعف، في نظر الجمهوريين المناوئين لأوباما، القوة الأمريكية وهز سمعتها وهو ما جعل الروس يتعجرفون في مواقفهم من العديد من القضايا ولا سيما في الملف السوري أو الأوكراني. لقد اختار الأمريكيون ترامب لأنه يرمز للقوة ولأن لاشعور الشعب الأمريكي يحتاج دائما إلى جرعة من الجبروت تحصن البلد داخليا وتجعله يبعث برسائل إلى الخارج ليسيطر على دواليب السياسة الدولية ويتحكم في دهاليزها. قد يقول قائل إن هتلر جاء الى الحكم كي ينتقم من الحلفاء من الذل الذي فرض على بلده في اتفاقية قصر المرايا بفرساي، أما وضع ترامب فهو مختلف تماما فممن سينتقم الرجل؟...في حملته الانتخابية رفع الرجل شعارات لم يسبق أن رفعها رئيس أميركي في حملته الانتخابية فهمت على أنها عنصرية وفاشية،غير أنه وعلى ما يبدو فأمريكا في عهده ستعمل على تصدير الأزمات الداخلية إلى الخارج بشكل يبعد عنها أزمتها الاقتصادية وشبح الصراع الاثني الذي قد يعصف بها والذي بدأت بوادره إبان فترة أوباما مع الاغتيالات التي طالت السود والانفجارات الإرهابية. لقد علمنا التاريخ أن أمريكا تحتاج دائما وأبدا إلى راعي بقر cow boyعلى شاكلة جون واين، كريغان، وبوش...لكن السؤال الذي يطرح نفسه إلى من سيصوب ترامب مسدسه؟ وبمن سيبدأ بالداخل أم الخارج؟. لقد ساند الجمهوريون عبر التاريخ الملكيات عبر العالم ولم يتخلوا عنها،أما الديمقراطيون فقد تبث عليهم تنكرهم للعديد من الأنظمة بالرغم من كونهم لا يجنحون إلى الحروب لحل مشاكل العالم. بعض البلدان العربية،كباقي بلدان العالم، لاشك أنها تمني النفس لو أن ترامب صوب وجهة مسدسه نحو البلدان المارقة حتى يتلهى ويزيح عنها كابوس التفتت من الداخل. وبالمقابل هناك بلدان أخرى تمني النفس بأن يحافظ الرجل على ضبط أعصابه ويستمر في ما خطه سلفه أوباما ولا يتهور.. أميركا ترامب اليوم ستهتم بحسابات الربح والخسارة بما أنه تاجر في الأصل، وستعيد تقييم حضورها على الساحة الدولية بناء على ذلك. ترامب لن يترك كرسي الرئاسة حتى ينجز ما تعهد به لجمهوره وعلى هذا الأساس فمسألة ولايتين أصبحت واقعا محتوما، ما يؤكد ذلك أعضاء المحكمة الدستورية التسعة فاثنان منهم في أرذل العمر والثالث توفي، إذن ستكون سابقة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية لو عين رئيس أمريكي جمهوري ثلاثة قضاة يخدمون مصالحه بالأساس، خصوصا إذا عرفنا أن قضاة هذه المحكمة بالذات لهم من القوة التشريعية ما يعرفه كثيرون. ما يحير فعلا في السياسة الأمريكية الخارجية هو التناقض الصريح الذي ارتد بشكل عنيف على الديمقراطيين بالخصوص؛ نتذكر جميعا تصريحات كلنتون التي نادت بمنع الاسلاميين من الصعود الى الحكم حتى لو أتوا بواسطة صناديق الاقتراع لأن من شأن ذلك أن يدفعهم إلى التطرف في نظرها ما يهدد مصالح أمريكا، الآن نرى رجلا أبيض متطرفا يصعد إلى كرسي أكبر قوة بالعالم...فها هي كلنتون تجني في عقر دارها ما حرمته على الآخرين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اماراتيه ولي الفخر
اماراتيه ولي الفخر -

الرجل «الأبيض" في البيت "الأبيض")) <<< هممممممم على وزن الرجل الاسود في البيت الابيض مش عنصريه دي !!!!!!!!!!!!؟

هل ترامب متطرف ؟
فول على طول -

أتمنى من أى مسلم أن يضع نفسة مكان الطرف الاخر حتى يحكم على الأمور بمصداقية وعلي المسلم أن يعى تماما أن كل البشر متساوون والمسلم ليس على رأسة ريشة وليس لة أى حق أكثر من الاخر ...انتهى - الذين يتهمون ترامب بالعنصرية أو التطرف نطرح عليهم هذا السيناريو : لو أن بلدا اسلاميا بة مجموعة من الوافدين يدينون بالبوذية مثلا وقاموا بعدة أعمال ارهابية فى هذا البلد المسلم ...كيف يتصرف المسلمون فى هذا البلد ؟ وما الذى يطلبونة من رئيس هذا البلد ؟ ولو قام رئيس هذا البلد المسلم باجراءات - وليس كلمات - بحظر دخول البوذيين ...هل يلومة أحد ؟ أم تشجعونة وتقيمون المظاهرات احتفاءا بة ؟ مطلوب شجاعة وصدق حتى تستقيم الأمور ...ونحن نسأل الذين امنوا : ألا يوجد قاعدة بيانات للارهابيين المسلمين - أو أى مجرم - فى بلاد المؤمنين أنفسهم ؟ ألا يوجد فى أمن الدولة فى أى بلد مسلم قاعدة بيانات تضم كل المحرضين والمتطرفين - الارهابيين يعنى - وأقربائهم حتى الدرجة الثالثة ؟ اذن لماذا تلومون ترامب لو قام بمثل هذا العمل ؟ عليكم أن تلوموا أنفسكم وارهابكم وتصلحوا أحوالكم بدلا من أن تلوموا الأخرين ...أليس من مهام رئيس الدولة حماية الدولة وشعبة من أى ارهاب ؟ أليس الأمن هى أولى مهام أى رئيس ؟ أتمنى من ترامب أن ينفذ ما وعد بة ..أما اوباما فهو فاشل داخليا وخارجيا - المنصب كبير علية - ومنافق الى أبعد الحدود مع الارهاب الاسلامى ويبدو أن جذور اوباما تمنعة من الصراحة ..أما قضية فلسطين فهى ليست للحل لأنكم جعلتوها قضية دينية وتطالبون بالقاء اسرائيل فى المحيط - وليس البحر - وتكرهون اليهود والنصارى وكل البشر حسب تعاليمكم المقدسة ولن ترضوا عن أحد حسب تعاليمكم التى تطالبكم بأن يصير الدين كلة للة ولكن تسقطون ما عندكم على الأخرين . تحياتى - يتبع

افتراضات خاطئة
فول على طول -

مقال كلة خاطئ لأن الكاتب بناة على افتراضات كلها خاطئة ..اذ يبدأ الكاتب بالأتى : القومية هي الحرب" هكذا تكلم فرانسوا ميتران ..وللانصاف فان هذا الكلام خاطئ جملة وتفصيلا ولا يهم القائل هو من ؟ القومية هى أعلى درجات الانتماء للوطن ولا تعنى الحرب أو العدوان على أحد ..بالفعل أرى أغلب الحكام الأوربيون الان فقدوا انتماءهم لبلادهم لأنهم فقدوا قوميتهم وفتحوا بلادهم للارهابيين من أجل مصالحهم الشخصية فقط ..ولو كان لديهم أدنى انتماء - قومية يعنى - لبلدانهم ما فعلوا ذلك ببلادهم ..وفى بلادنا السعيدة نقول : حب الووطن من الايمان ...لكن ميتران أو غيرة يقول العكس ..انتهى - والكاتب يقول : "لن يسود السلام العالم حتى تُستأصل الوطنية من الجنس البشري" ..بالتأكيد هذا طكلام خاطئ تماما ...الوطنية لا تعنى الحرب اطلاقا وسبق أن شرحنا ذلك ..انتهى - ويقول الكاتب : وتخلت امريكا نوعا ما عن حلفاءها فتسبب ذلك في ظهور تنظيمات وجماعات مسلحة كداعش وغيرها. ..بالتأكيد هذا هو الكذب بعينة ...داعش دواعشكم وتعاليمكم وثقافتكم وفتاويكم وأبناؤكم واخوتكم ..انتهى - ويقول الكاتب : لقد علمنا التاريخ أن أمريكا تحتاج دائما وأبدا إلى راعي بقر cow boyعلى شاكلة جون واين، كريغان، وبوش...بالتأكيد هذا كلام غير لائق وخاطئ تماما ..امريكا صنعت حضارة فى أقل مدة زمنية فى التاريخ ..ورعاة البقر الذين تقصدهم لا يصنعون حضارات ..انتهى - ويقول الكاتب : لكن السؤال الذي يطرح نفسه إلى من سيصوب ترامب مسدسه؟ وبمن سيبدأ بالداخل أم الخارج ؟ ..لماذا هذا الافتراض أصلا ؟ برنامج ترامب هو التركيز على الداخل والرجل أكد ذلك عدة مرات ..انتهى - ويقول الكاتب : نتذكر جميعا تصريحات كلنتون التي نادت بمنع الاسلاميين من الصعود الى الحكم حتى لو أتوا بواسطة صناديق الاقتراع لأن من شأن ذلك أن يدفعهم إلى التطرف في نظرها ما يهدد مصالح أمريكا،..الحقيقة أن كلينتون فعلت عكس ما يقولة الكاتب وكل مستشاريها من الذين امنوا وزياراتها الى مصر كانت تذهب الى المقطم مقر جماعتك واخوانك المسلمين ووعدت أنها سترجعهم الى الحكم لو فازت - الحمداللة لم تفز - ..انتهى - ويقول الكاتب : الآن نرى رجلا أبيض متطرفا يصعد إلى كرسي أكبر قوة بالعالم. ..ونحن نسألك هل الذى يريد حماية بلدة من ارهابكم تعتبرونة متطرف ؟ متى تستحون ؟

the devil you do not know
Adel -

لم يكن لدى كلمن ترامب وهيلارى كلينتون المؤهلات لكى يصبح أى منهما رئيس لأمريكا, هيلارى أثبت أنها لا تمتلك الرؤية الصائبة عندما صوتت كسناتور لصالح غزو العراق وعندما دفعت لتدخل الناتو فى ليبيا عندما كاانت وزيرة للخارجية بالأضافة الى تدخلها فى شؤن مصر وسوريا, ترامب ليس لدية خبرة سياسية ولم تسجل علية مواقف من موقع المسؤلية, ولكن شخصيتة تثير القلق وشغفة بمسابقات ملكات الجمال والمصارعة الحرة وأسلوبة السوقى فى مهاجة بعض المشاهير مثل روزى أودالاند ومجان كيلى يثير الشكوك حول أخلاقياتة ومستواة الثقافى, لا تقلقنى عنصرية ترامب لو أفترضنا أنة عنصرى, ولكن مايقلقنى أن رؤيتة الأقتصادية وأن كانت تبدو منطقية من وجهه نظر المواطن الأمريكى قد تكون مبسطة أكثر من اللازم وتتسبب فى كساد عالمى غير مسبوق... كلينتون لو كانت أنتخبت لربما تكون أسؤ رئيس فى تاريخ أمريكا,, ترامب لا يمكن التنبؤ بما سيفعلة.