كتَّاب إيلاف

الأمير صدّام حسين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فرّ البعثيون بعد سقوط نظام صدام حسين العام 2003، في الأصقاع، وفي ذات الوقت تفكّكت الأيديولوجية التي يعتقدون بها الى مكوناتها الفكرية في القومية والدين والمذهب، بعدما كانت تبدو فكراً خالصا قائما بذاته، ولذاته.

وشرعت بوادر التحلل الفكري الى الجذور الأصلية قبل العام 2003، حين أُخْضِعت الفكرة القومية التي كانت خالصة لدى ميشيل عفلق

الى تطبيقات سلفية، وكان من ثمارها الحملة الايمانية، ونضْج شخصية صدام حسين المتديّنة، التي كانت قبل ذلك التحول، علمانية محضة، حتى إن خطابها لم يكن يبدأ بالبسملة.

لكن البعث اشترط على أسلمة كوادره شروطا قاسية، وأنظمة لا يتعدونها وأبرزها ان "التدين" لا يتجاوز ممارسة الشعائر الدينية البحتة،

وهو "التدين البعثي"، مُثقِّفا كوادره على ايمان روحي، غير قابل للملاقحةبالعقيدة السياسية.

حتى اذا حَدَث الذي حدث في 2003، غادر اغلب البعثيين القفص الفكريوالتنظيمي، وطاروا مثل عصافير هائمة بين يسار إلى أقصى يمين، وبين يمين الى اقصى يسار، واستوعبوا بسرعة شديدة واستغراق عظيم، الأفكار الإسلامية المتطرفة، فالبعثي الشيعي، تحصّن بطائفته، وانزوى بعيدا عن أفكار البعث، والبعثي السني، اعتنق الفكر السلفي، ووجد في تنظيمات مثل القاعدة وداعش وغير ذلك من الجماعات المسلحة البديل التنظيمي المناسب،والاداة المناسبة للانتقام من فقدان السلطة، فيما راح البعثي الشيعي يجد نفسه في مؤسسات الدولة "الشيعية" التي قامت على انقاض مؤسسة الحكم البعثية السنية. 

وفي مثال صارخ على الواقع، التقى بعثيان - من الكادر المتقدم -، لاجئان في هولندا، فشرعا يتحدثان في انسجام عن الماضي، لكن هيهات من التفاعل الإيجابي في حاضر فرّقهما، فالأول سني، سلفي، "داعشي" مع وقف التنفيذ، والثاني، شيعي، متديّن، متحزّب، لا اثر للفكر البعثي والقومي على مواقفهما. وفي كليهما تبحث عن البعث ولن تجده غير أطلال. 


وهذا الحادث الواقعي، يفسّر كيف ان حزب البعث العربي الاشتراكي وجد نفسه لاحقا، في التنظيمات المتطرفة مثل القاعدة وداعش.

اما البعثيون الشيعة، فلم يخسروا كثيرا، فقد اندمج الكثير منهم في الجيش والشرطة والأحزاب الشيعية في العراق.

وعلى هذا النحو، اصبح البعثيون السنة – وللقاعدة شواذ – هم المعارضونالأشد فتكا في التنظيمات المسلحة.

وعلى هذا السبيل من التحول، مسخت الأحداثُ الانقلابية، العلمانيةَ البعثية والفكرة القومية، و تَحلّل العقل البعثي الى مكوناته الأصلية.

لقد كان صدام منذ توليه القيادة القُطرية لحزب البعث في بغداد العام 1979،علمانياً صارماً، وبمرور الزمن، تلاشت الكثير من الصرامة، وبدت علاقته بعزة الدوري المتديّن جدا، من علامات التحول في نهجه الفكري الذي انعكس على سياساته، فكانت "الحملة الإيمانية" الشهيرة، ولو أتيح لصدام البقاء اليوم،لصار إسلاميا عنفياّ يقرن بداعش والقاعدة، لكن على طريقته.

ومن علامات اسلاموية صدام والبعث قبيل الانهيار الكبير، تحالفه مع الإخوان المسلمين في سوريا، وعلاقات سرية مع الكثير من الجماعات الدينية في ذلك الوقت.

وظهر هذا التحول بشكل واضح في استقبال الآلاف من "الجهاديين" قبيل الاجتياح الأمريكي، الذين بدأوا يستوعبون بشكل تدريجي ان صدام هو المجاهد الأكبر، فيما هو وجد ذلك من ضرورات "البطل الإسلامي"، بعدما ضاق ذرعا بثوب "البطل القومي" الذي بات ضيقا عليه.

ولقد كان ذلك دافعا لان يقترب صدام الجديد، من المتدينين السنة، فعزّز من نفوذ الوقف السني، وغض النظر على بعض نشاطات الاخوان، وانعم على رجال دين بالهدايات والعطايا، وأقام الشعائر الدينية في العلن، وأغدق بالثمار على جماعات دينية مثل النقشبندية والدروشة التي كان يرعاها عزة الدوري،في فعاليات شبه علنية.

ولم يكن هدف صدام حسين سوى سحب البساط من الأبوة السعودية للسنة،والأبوة الإيرانية للشيعة في ظل مد ديني طغى على المنطقة شيئا فشيئا. 

ولعل صدام كان على حق، فلقد أدرك جبروت الوازع الديني لدى البعثيين،فسعى الى إرضاءه، ولهذا ارتدى العمامة وإنْ لم يلبسها، وجمع من حوله الجهاديين والمتطرفين الدينين، وإنْ لم ينتظموا في حزب البعث. 

نحن نعيش اليوم هذه المخاضات، فجلّ القياديين في القاعدة وداعشبعثيون، وينطبق الامر حتى على سوريا أيضا، ذلك ان التطرف المذهبي طمرَ،الأيدلوجية القومية، وتحوّل القومي المتطرف، الى طائفي ومذهبي.

واذا كانت داعش والقاعدة استوعبتا الحالة العنفية لكوادر البعث، فان دول الخليج السنية وايران الشيعية، استقبلت فيهم الطموح المذهبي، والطائفي.  

وفي الواقع، فليس ثمة حاجة اليوم حتى للتذكير بالبعث، فلقد انزوى الىالمتاحف بعدما أنجب تنظيمات هجينة، ظاهرها إسلاموي، لكن هويتها الحقيقية هلامية، تتبدل بحسب الظروف والأحوال، ولو كان صداّم بيننا الآن، لاتّخذ من نفسه أميرا لإحداها.

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تافه وليس له علاقة بالواقع
حارث البصري -

تفكير سطحي ولا يمت للواقع بشيء.فالواقع صحيح يؤكد اتجاه البعثيين للتنظيماتالاسلامية المتطرفة ولكن ليس كما ذكر الكاتب بسبب الحملة الإيمانية وإنما بسببالحملة الاجتثاثية وحملة التصفية الجسدية المعروفة للجميع والتهجير والتشريد وقطعالارزاق كل ذلك أدى الى اتجاه البعثيين الى تلك المنظمات وليس كما وصفها الكاتببأنها اداة مناسبة للانتقام من فقدان السلطة.وانما اداة وحيدة وممر وحيد رسمه لهم المقابل(ايران وأحزابها ).

...........
بهلول ٢١ -

نعم صدقتَ سيدي الكاتب، لم يكافئ الخليجيون والعرب صدّاماً على خدمته لهم خاصة في حرب الثمانية أعوام التي استطاع وبجدارة إيقاف المد الإيراني فانقلب رأساً على عقب أدار ظهره لمبادئه القومية التي لم تسعفه وارتدى رداء الدين ظنّاً منه أنه السلاح الوحيد للانتقام ممن أنكر جميله والدرع الأقوى لدرء الشرّ عنه. أما الشيعة وأخص منهم العراقيين تنكروا هم أيضاً لمبادئ الإمام علي الذي لم يطبّقوا منها في الواقع حرفاً واحداً وارتضوا أن يكونوا أدوات بيد إيران الخميني والغرب الصهيوني في آن واحد رغم معرفتهم بأنّ هدف إيران والغرب واحد وهو إسقاطهم في بئرالطائفية السحيق وهكذا فشل الطرفان وفشل معهما الغرب وجميع حلفائه!

بغثي نزق
كريم الكعبي -

هذا البغثي يقول صدام قومي وديني ومذهبي ، نسأل الكاتب البارون ؟ من احتل الكويت وهجر اهلها قتل الكثيرمنهم ولحد اليوم جثثهم في الغراق لم يغثر غليها،بصنمك هل ابقى للقوميةالغربيه شيءوهو اول من اسقطها من ادبيات حزبه المجرم، ماذا فغل بالمتدينيين وغير المتدينين من الشيغة والسنة والاكرا د والحصيلة النهائيه 5 مليون شهيد ، موسليني لم يفغل مافغله قدوته ، واذكرك بقول الرسول محمد ص من احب غمل أمرئ حشره الله مغه، اللهم احشرك مغ صدام والبغثيين المجرمين

إلى من يهمه الأمر
ن ف -

مقالة رائعة دون شك، لا بل هي أفضل ما كُتب عن صدام وحزبه الفاشي. على البعض قراءة المقال ثانية، وإن وجودوا صعوبة في فهمها فذلك يعني أنهم يعانون من عسرة في القراءة والفهم ومن تشوّه واضح في ثقافتهم.

تاريخ من تآمر
عبداللطيف البغدادي -

لو قرأنا تاريخ البعثيين سنلاحظ بأن النهج التآمر الانقلابي وسلوك العنف البلطجي جنبا إلى الجنب مع الانتهازية والحربائية الفكرية والسياسية كانت طاغية عليهم منذ البداية ، فعندهم السلطة والامتيازات فوق المبادئ والقيم التي يزعمون اعتناقها ، بهدف تحقيق ذلك فعندهم الاستعداد التحالف حتى مع الشيطان لهذه العاية وكان من الطبيعي بعد سقوط سلطاتهم أن يتحالفوا مع " القاعدة " أولا و من ثم مع داعش ثانيا مدفوعين بأمل العودة إلى السلطة مرة أخرى

البعث حزب سادي
علي البصري -

وصف الزعيم الوطني كامل الجادرجي البعث بانه حزب سادي يتلذذ بقتل خصومه ..فقد قتلوا مئات الالوف من خصومهم شر قتلة ففي عرسهم الدموي في 8 شباط 1963قتلوا انزه واشرف انسان في العراق وهو عبدالكريم قاسم ثم قتلوا 50 ألف انسان وطني وقتلوا المئات في قطار الموت الذي وضعوا فيه خصومهم واغلقوا الابواب فماتوا من الحر وفعلوا اشنع الجرائم بعد انقلابهم 1968 وكان عهدهم الخوف والموت والرعب والحروب الثلاث العبثية والحصار الجائر ل13 سنة فلم يسلم جار الا وغزوه دمروا مدن ايران وسلبوا الكويت وحرقوا نفطها وووو ثم سلموا العراق للامريكان وتحلوا الى دواعش !!!!

رحمك الله يا صدام
عرفت داءهم ودواءهم -

قرامطة العصر طائفيون بالوراثة يحملون أحقاد ما أنزل الله بها من سلطان، كل يوم نزداد قناعة بأن تسامح الأجيال السابقة معهم كان خطأً جسيماً دفعنا ثمنه غالياً، ففي أول فرصة سنحت لهم أمعنوا فينا قتلاً ونهباً وتشريداً وقهراً وإذلالاً ، لم يتركوا حتى بصيص أمل بالتسامح أو للمصالحة، إنهم يخوضون حرباً شمشونية إما قاتل أو مقتول، فليكن لهم ما أرادوا ، إنهم يهدمون المعبد على رؤوسهم قبل رؤوسنا، يتهمون أهل السنة بالدواعش وهم من أطلقوهم من سجونهم لينكلوا بأهل السنة ويحتلوا مدنهم وقراهم ويهدمونها بالتنسيق معهم. لم كل هذا الدجل يا اتباع المرجعيات الفارسية .... أخلاق الإسلام الحميدة انعدمت عند رجال ومرجعيات خانت الدين والامانة وقبلت ان تكون عبيدا للعداء ففسقت وفسدت وفرقت وزرعت الموت والفتن في كل مكان ....وهاهم العداء للبعث في العراق ولكنهم يناصرون البعث والمجرم السفاح بشار الاسد بكل السبل ....فياويلكم يوم الحساب فهل سيشفع لكم نبي الامة ام آل البيت حسب ادعاءكم ؟ بالأمس قتلتم آل البيت عليهم السلام وقتلتم حجاج بيت الله الحرام وسرقتم الحجر الأسود واليوم يطلب الكاتب بنقل الحج من مكة الى كربلاء وقم . عذراً يا صدام حسين ظلمناك وساهمنا مع أهل الحقد والغدر في قتلك وقد نلطم عليك كما قتلوا الحسين (ع) ولطموا عليه.

امراء جهنم
OMAR OMAR -

صدام الان امير من امراء جهنم ولكن المشكله الذين يحبونه ويبجلونه ينتظرون عاقبه السوء وهم لايشعرون

تقديس القوةا والعنف
وضاح -

غالبية العرب يحبون صدام حسين بالرغم من انه احتل الكويت وانتهك حرمةالكويتيين ونهب وسلب أموالهم ودمر مؤسساتهم ،ولم يكن " للروافض والمجوس " أيةعلاقة بهذا الغزو ، في الوقت الذي إن غالبية الكويتيين هم من أهل السنة، كما أنه و بفضل سياساته الطائشة والرعناء مهد الطريق ليصل العراق إلى هذا المصيرالمزري الحالي ، إذا فغالبيةالعرب يحبون صدام حسين و الدواعش فهل هي مصادفة؟ لا أبدا ، انما هي ميول جيناتية لتقديس القوة العمياء و العنف الهمجي

خطاب صدام
شوشو -

خطاب صدام حسين ايام كان علمانياً ليس كما يقول الكاتب: لم يبدأ بالبسملة، بل على العكس تماماً، كانت كل خطاباته دون استثناء تبدأ بآية قرآنية: بسم الله الرحمن الرحيم.. قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا... وغيرها من الآيات وكان يستهل بها خطبه بمناسبة عيد الجيش و ثورة 17 تموز و 7 نيسان وغيرها ودأب على ذلك حتى سقوط نظامه في التاسع من نيسان 2003. إقتضى التنويه وشكراً...