ميلاد مسيحيي العراق.. غصة وأمل بالمستقبل

لم يحتفل المسيحيون بثلاثة أعياد ميلاد متتالية، بسبب تزامنها مع ذكرى عاشوراء، وفي هذا العام لا يجدون طعمًا للاحتفال، لكنهم سيذهبون الى الكنائس لترديد "المجد لله في العلا وعلى الارض السلام". &&بغداد: يرى العراقيون المسيحيون أن احتفالاتهم الحقيقية مؤجلة إلى حين، بعد الذي جرى في الموصل من تهجير قسري وتشريد وقتل وترهيب وسرقة لبيوت المسيحيين هناك. لكنهم يأملون في عودة سريعة للمهجرين بعد تحرير الموصل، وتجدد اواصر الاخوة بين الجميع.ففي العديد من مناطق بغداد انتشرت بشكل لافت مستلزمات اعياد الميلاد، ابتداءً من الاشجار الخضراء المزدانة بالنشرات الضوئية الملونة، فضلًا عن دمى مختلفة الاحجام لبابا نويل والزينة التي تتألق بوضوح داخل المحال التجارية والاسواق. وهذه المظاهر لا تقتصر على المسيحيين بل هناك مسلمون اكدوا مشاركتهم اخوانهم المسيحيين بهجة العيد.&ترتيل ودعاءاعرب سامر صفاء، صاحب محل تجاري في منطقة الكرادة، عن امله أن يحتفل المسيحيون بالاعياد لإعادة البهجة للنفوس. وقال: "كانت احتفالات السنوات الماضية تتزامن مع عاشوراء التي يحترمها المسيحيون فيؤجلون احتفالاتهم الكبيرة بسببها، وتحتفل الاسر بهدوء، لكن في هذه السنة يشعر المسيحيون بالحزن، وخصوصًا &اهل الموصل الذين طردتهم عصابات داعش الاجرامية من بيوتهم".أضاف: "لا اعتقد أن الظروف الاقتصادية لمسيحيي بغداد تمنعهم من الاحتفال، فهناك من جاء واشترى ما يريد من مستلزمات الاحتفال، وأتمنى أن تضاء الكنائس وتقرع اجراسها ويرتل فيها الانجيل المقدس، مع دعاء أن يحفظ الله العراق ويعيد النازحين إلى بيوتهم سالمين".&مشاعر حزينةوأكدت المواطنة شذى فرج خمو أن في المشاعر حزنًا، "فعندما يقترب ميلاد السيد المسيح وبدء السنة الميلادية الجديدة تحضرني بقايا ذكريات كلدانية وسومرية وعشق للحب والحياة لا ينتهي فيها، فكنا نحتفل بتلك المناسبة العظيمة في عراق كان أجمل ما فيه تعدد أطيافه، واليوم يغمرنا الحزن ونحن نتذكر مسيحيين شردهم الارهاب وعانوا من عذابات النزوح، مشاعرنا بقدر ما فيها من ابتهاج بقدر ما فيها من حزن".وقالت زكية مصرف، معلمة متقاعدة كانت تعمل في مدرسة الحكمة في الكرادة، وهي من مواليد ١٩٢٤: "لم يشعر المسيحيون في العراق بالاضطهاد، خصوصًا في بغداد، أما في بقية الاماكن فكنا نسمع عن ما يحدث، والعراق بعد ٢٠٠٦ كان فيه بعض المشاكل التي واجهت المسيحيين من قبل القاعدة، ما سبب هجرتهم خارج الوطن، ففقدنا معهم بهجة العيد".&رجاء وأملاكد القس مارتن هرمز داود، رئيس لجنة إغاثة النازحين في بغداد، أن معظم الكنائس ستشهد إقامة الطقوس الدينية، وقال: "احتفالات هذا العام تأتي مع استمرار الأوضاع السيئة للنازحين ممن تركوا بيوتهم وأموالهم وديارهم بسبب هجمة داعش الإرهابية، لذلك فالاحتفال لا يعبر عن الفرحة بقدر ما يعبر عن الرجاء والأمل أن تنتهي المعاناة ويعود العيد أبهى مثلما كان بالأمس.أضاف: "احتفالاتنا الدينية وطقوسنا ستتواصل خلال الأيام المقبلة، حيث ستشهد معظم الكنائس في بغداد يومي 25 &و26 كانون الأول (ديسمبر) الحالي إقامة الطقوس الدينية، فيما يشهد يوم 27 أوسع احتفال للأطفال النازحين في بغداد، من أبناء الطوائف المسيحية والصابئة والإيزدية والتركمان وحتى الأطفال المسلمين، حيث أحصينا وجود نحو 500 طفل نازح في بغداد، وذلك في نادي العلوية بمساعدة الكثير من المنظمات المدنية وبعض المؤسسات الحكومية".تابع: "هناك حفل آخر سينظم في أحد مراكز إيواء النازحين، وسيخصص أيضا للأطفال، وسنقدم لهم الهدايا والألعاب، لإدخال الفرحة لقلوبهم وكي لا يشعروا بالغربة وهم بعيدون عن ديارهم الأولى".&700 اسرة نازحة في بغداد&كان ديوان الأوقاف المسيحية والإيزيدية والصابئية أعلن في وقت سابق عن وجود 700 عائلة مسيحية نازحة في بغداد. وطالب الديوان الجهات المحلية والدولية المعنية زيادة المساعدات لأجل تأمين احتياجاتهم، وفي حين طالب نازحون الحكومة بإيجاد فرص عمل لهم، والأمم المتحدة بفتح باب الهجرة أمامهم نتيجة الأوضاع المأساوية التي تعرضوا لها ومصادرة داعش أموالهم وممتلكاتهم.يعيش النازحون المسيحيون أوضاعًا صعبة حيث تم إسكانهم في المدارس ومقار الأحزاب المسيحية والكنائس فضلًا عن سكن البعض منهم في دور أقاربهم أو تلك التي استأجروها بمبالغ مرتفعة بعد زيادة الطلب على الدور السكنية في العاصمة بغداد منذ بدء أزمة داعش.
أوضاع مأساوية&اعتبر بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس روفائيل ساكو الأول أن أوضاع اللاجئين المسيحيين في البلاد مأساوية وحرجة، مؤكدًا عدم وجود حل سريع في الأفق.وقال ساكو الأول في بيان أن أوضاع اللاجئين المسيحيين في العراق ما تزال مأساوية وحرجة، ولا يبدو أن هناك حلًا سريعًا في الأفق، مشيرًا إلى أن "المسيحيين يعيشون في غرف صغيرة أو كرافانات اعدتها لهم الكنيسة ومن الطيبين.وأضاف أن أوضاع اللاجئين صعبة نفسيًا، "وأطلب من جميع اخواتنا واخواننا أن يصلوا من اجلهم لكي يحافظوا على الشجاعة والأمل والثقة بالله أبيهم، وإنني أردت أن احتفل بقداس عيد الميلاد معهم في خيمة وسط مخيمهم لأعرب لهم عن قرب الكنيسة منهم واستعدادها لخدمتهم ومساعدتهم، ونحن ممتنون جدًا لجهود الصداقة والتقارب والتضامن العديدة من الداخل والخارج، فهم بحاجة إلى قلوب وأبواب مفتوحة تدعمهم في محنتهم"، مؤكدًا أن المسيحية ينبغي أن تبقى في هذه الأرض المباركة رسالة محبة وتسامح كما أرادها المسيح.وختم ساكو الاول: "نتمنى أن يقوم في العراق نظام سياسي يؤمن حقوق جميع العراقيين ويصون كرامتهم ويحقق العدالة التي هي أساس السلام".&لا احتفالات في اربيلوكانت حكومة اقليم كردستان اعلنت عن تعطيل الدوام الرسمي يوم الخامس والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) بمناسبة اعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، فيما منعت الاحتفالات الرسمية تضامنًا مع المسيحيين النازحين.وعلمت "ايلاف" أن مدينة عنكاوا ستغلق النوادي الاجتماعية والجمعيات في الاعياد، ومحلات بيع المشروبات الكحولية طيلة ايام الاعياد، لأن النازحين يسكنون هياكل الابنية والعمارات متخذين من البطانيات سترًا لعوائلهم، فيما القسم الاخر يسكن الخيم في ساحات الكنائس وفي قاعات المناسبات بعد استئجارها من قبل المطرانية، مع تأكيدات أن جميع النازحين عاطلون عن العمل الا من افترش الارض ليبيع الفاكهة والخضر.&توعدهم بالقتلوبدأ المسيحيون في مدينة الموصل بحركة نزوح جماعي غير مسبوقة في 31 تموز (يوليو) 2014 من مناطقهم الأصلية، عقب انتهاء مهلة 24 ساعة حددها داعش لهم وتوعدهم بالقتل أن لم يعلنوا إسلامهم أو يدفعوا الجزية.يذكر أن أعداد المسيحيين في العراق انخفضت بعد حرب العام 2003 بحسب إحصاءات غير رسمية، من 1,5 مليون إلى نصف المليون، بسبب هجرة عدد كبير منهم.&وكان المسيحيون يشكلون 3,1 بالمئة من سكان العراق وفق إحصاء أجري في العام 1947، وبلغ عددهم في الثمانينيات بين مليون ومليوني نسمة، وانخفضت هذه النسبة بسبب الهجرة خلال فترة التسعينيات وما أعقبها من حروب وأوضاع اقتصادية وسياسية متردية، كما هاجرت أعداد كبيرة منهم إلى الخارج بعد عام 2003.&&&