أخبار

سعداء بالنجاة من نيران العنف لكن جيوبهم خاوية

عيد اللاجئين السوريين في أربيل خيم آمنة وذكريات ملابس جديدة

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يمر عيد الاضحى هذا العام على اللاجئين السوريين في اربيل بأمان ولوعة، فهم نجوا بحياتهم من نيران العنف في بلادهم لكنهم يعيشون ظروفا اقتصادية صعبة لم تمكنهم من شراء ملابس جديدة او صنع الحلويات.

كوروكوسك: عند مدخل خيمتها البيضاء في مخيم للاجئين السوريين الاكراد قرب اربيل، تتربع شقلاوة محمد رشيد (16 عاما) فوق سجادة رثة، والى جانبها والدتها برشان، تراقبان ابناء جارتهما وهم يلعبون امام خيمة مماثلة في الجهة المقابلة. تبتسم شقلاوة لوالدتها التي غطت نصف وجهها لاتقاء موجات الحر المجبول بالتراب وهي تذكرها باعياد الاضحى التي مرت عليهما في سنوات مضت، فتدير وجهها الصغير الابيض نحوها، وتفتح عينيها الزرقاوين على وسعهما، وتهمس لها بثقة "وضعنا هنا موقت". وعيد الاضحى الذي يصادف اليوم الثلاثاء، هو اول عيد يمر على 13975 لاجئا سوريا كرديا وهم يقيمون في خيم بعيدا عن منازلهم في سوريا، داخل مخيم كوروكوسك الذي يقع على بعد نحو 30 كلم غرب مدينة اربيل (350 كلم شمال بغداد)، عاصمة اقليم كردستان العراق. وقد شيد هذا المخيم عقب موجة النزوح الجماعي للاجئين السوريين التي شهدتها المنطقة في منتصف اب/اغسطس الماضي، حيث وصله في البداية نحو خمسة الاف شخص قبل ان يتضاعف عدد هؤلاء اللاجئين الذين اتى معظمهم من حلب والقامشلي ودمشق، وفقا لادارة المخيم. واعلنت مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة حينها ان اكثر من 30 الف سوري دخلوا العراق خلال ايام هربا من المعارك بين المسلحين الاكراد والمعارضين الموالين لتنظيم القاعدة، في احدى اكبر عمليات اللجوء السوري منذ بدء النزاع في هذا البلد المجاور. وبحسب ارقام الامم المتحدة، تستقبل محافظات اقليم كردستان الثلاث حاليا اكثر من 185 الف لاجئ سوري. وتقول شقلاوة التي ارتدت قميصا اخضر، وبنطالا اسود، ووضعت طلاء احمر واخضر على اظافرها "جئنا من المزة في الشام. تركناها بسبب الوضع هناك (...) حيث لم نكن نستطيع ان نذهب للمدرسة، او نخرج من منازلنا، وسط التهديد المستمر بالذبح والقتل والخطف". وتضيف لوكالة فرانس برس "هذا اول عيد لنا خارج سوريا. كنا في السابق نجهز الحلويات ونزور بعضنا البعض. كنت اشتري ملابس جديدة واخرج مع اصدقائي فنذهب الى الملاهي (...) او نلتقي في المطاعم". وتتابع بينما يراقبها من داخل الخيمة شقيقها الاصغر شركو (13 عاما) "الامور هنا مغايرة، فلا شيء من ذلك ابدا. لكن اخر عيد على كل حال كان ايضا مثل هذا العيد. صحيح انه كان في الشام، لكننا لم نكن نخرج من المنزل حينها. وبالعكس، هنا الوضع افضل حتى لان الامان موجود". وعلى مقربة من خيمة عائلة شقلاوة، تنهمك ناراس قاسم (16 عاما) في غسل ملابسها وملابس افراد عائلتها فوق وعاء حديدي، بينما يتمدد والدها داخل خيمة تتوسط المخيم الواقع تحت تلتين والذي تنتشر فيه الدكاكين الصغيرة، ومحلات الحلاقة، وباعة الملابس البالية. وتقول ناراس لفرانس برس "جئنا من الحسكة حيث كانت الانفجارات. تغيرت الاجواء علينا، لكننا فرحون رغم كل شيء لاننا في امان. في سوريا لم يكن هناك غذاء (...) لكن هنا كل شيء متوفر". وتروي انه "في الحسكة اصلا لا عيد، حتى عيد الاضحى الماضي لم يكن كالاعياد التي سبقته. هذا العيد افضل بسبب الامان وسيكون احلى من عيد سوريا"، قبل ان تستدرك "لكن امنية اخوتي الصغار ان يشتروا ملابس للعيد. لم نشتر اي شيء جديد، فنحن لا نملك المال لذلك". وفي احدى زوايا المخيم الذي يلفه سياج حديدي يمنع سكانه من مغادرته الا بعد حصولهم على اذن امني بذلك، او بعد استحصال اقامة، تناقش فرقة الفنان الكردي حسن يوسف اغاني ومسرحيات تنوي تأديتها في المخيم خلال ايام العيد. ويقول يوسف (44 عاما) وهو يتحدث ببطء وينظر الى الارض "في القامشلي، الناس ملت الموت"، قبل ان يؤكد بابتسامة "هنا لا نشعر باننا بعيدون عن وطننا. نحن نشعر باننا في وسط وطننا لان هذا وطننا فعلا". ويضيف "اقمنا فرقة للموسيقى والمسرح كي نسلي الاطفال والشباب والعائلات (...) حتى يفرحوا ويصفقوا. وما احلاهم حين يفعلون ذلك. نحن نقوم بواجبنا، نخفف الالم الذي يشعرون به، فهناك اناس تكون الغربة صعبة عليهم". وعلى وقع عبارات التشجيع، وخاصة من قبل رجل راح يقول لكل من يقف حوله بعينين دامعتين وابتسامة "هذا ابن خالتي"، يتوجه يوسف نحو كرسي بلاستيكي ازرق محاذ للسياج الحديدي، ويتناول الة الصاز، فيضعها في حضنه ويباشر بالعزف. تمر ثوانٍ قبل ان يبدأ الفنان الغناء باللغة الكردية، فيسود الصمت، ويستمع الحاضرون بشغف اليه وهو يروي في اغنيته ما كان يحدث في القامشلي، قبل ان يقول بصوت حزين على وقع لحن بطيء "الامان افضل هنا، كردستان وطننا".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف