أخبار

الأمم المتحدة تطالب القادة بمعالجة الإنقسام والتهميش

دعوة العراق لتحسين منظومة الحكم للخروج من دوامة العنف

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

دعت الأمم المتحدة العراق إلى تحسين منظومة الحكم للخروج من دائرة العنف وطالبت القادة السياسيين بمعالجة الأسباب الجذرية للإنقسام والتهميش والفقر وبناء مجتمع يشمل الجميع ولا يخاف التنوع العرقي والديني وإنما يحتفي به وحذرت من ان التحديات الكثيرة التي تعصف بالعراق وتتصاعد وتيرتها يوماً بعد يوم تعمق الفتنة الطائفية وتلقي بظلالها القاتمة على اوضاع البلاد.

لندن: دعا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف قادة العراق السياسيين إلى معالجة الأسباب الجذرية للإنقسام والتهميش والفقر وبناء مجتمع يشمل الجميع، مجتمع لا يخاف التنوع العرقي والديني وإنما يحتفي به.

وتحدث الممثل الخاص عن المجالات التي حقق فيها العراق مكاسب ملحوظة، غير أنه ركز أيضًا على التحديات الكثيرة التي لا تزال قائمة وقال "تعصف بالعراق اليوم موجة متواصلة من العنف تتصاعد وتيرتها يوماً بعد يوم، وتلقي احتمالات تعمق الفتنة الطائفية بظلالها القاتمة على البلاد".

وأشار ملادينوف في كلمة في احتفال في بغداد لمناسبة يوم الأمم المتحدة الذي دخل فيه ميثاق الأمم حيز التنفيذ، إلى أنّ التحديات الإجتماعية والأمنية "تهدد لحمة المجتمع العراقي وتضع الحفاظ على التماسك الإجتماعي في البلاد على المحك". وأكد أن الخروج من دائرة العنف يتطلب "تحسين منظومة الحكم على نحو يمنح جميع المواطنين فرصاً متساوية في الحصول على الأمن والعدالة والوظائف والخدمات الأساسية".

وأثنى الممثل الخاص على الحكومة لوضعها خطة للتنمية الوطنية وأضاف أن هذه الخطة "سوف تلعب دوراً هاماً في بناء اللحمة الوطنية وتحقيق شرعية الدولة إذا ما تم تنفيذها بفعالية". وأكد ملادينوف أن الأمم المتحدة من جانبها، تستعد للإستجابة للخطة وأنها ستقدم الدعم الفني والخبرات الأخرى للمساعدة في تنفيذها.

تحذير من فتنة وصراع

وأشار إلى أنّ هناك مفهوما يرسخه ميثاق الأمم المتحدة وهو انه يتعين على الدول العمل سويا لتحقيق النجاح. حيث اننا لن نتمكن من مواجهة تحديات النزاعات المسلحة والبيئة و العديد من القضايا الأخرى ما لم نعمل معا.

وأكد أنّ الحاجة في العراق إلى العمل المشترك تبدو اكثر وضوحا من اي مكان اخر. وقال "نرى في العراق كل يوم ما يدل على أنه إذا ما عملت مكوناته معا فستنجح في تحقيق الأمن والتنمية وإذا ما عملت ضد بعضها البعض فستكون النتيجة هي الفتنة والصراع.

مكاسب مهمة

وأشار ملادينوف إلى ان العراق رغم ذلك قد حقق بعض المكاسب المهمة ومنها :
bull; يعد العراق الآن في مصاف دول الدخل المتوسط المرتفع اعتمادا على عائدات النفط الكبيرة.
bull; انخفض معدل الفقر المدقع إلى النصف.
bull; انخفضت إلى حد كبير معدلات نقص التغذية عند الاطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات وكذا وفيات الرضع.
bull; انخفض معدل انعدام الأمن الغذائي.
bull; طرأ تحسن ملحوظ على مدى العقد الماضي بشأن الحصول على مياه الشرب.
bull; ازدادت نسبة الالتحاق بالمدارس في التعليم الابتدائي.
bull; طرأ تحسن ملحوظ بشأن المساواة بين الجنسين في المدارس وكذا مشاركة المرأة في البرلمان.
bull; تم القضاء على مرض الملاريا بالكامل تقريبا.
bull; جرت الانتخابات الوطنية وانتخابات مجالس المحافظات وانتخابات إقليم كردستان بنجاح كامل.

وأضاف ملادينوف أن كل ما تحقق كان نتيجة لعمل العراقيين معا وبدعم من المجتمع الدولي ومنظومة الأمم المتحدة لكنه مع ذلك تظل التحديات كبيرة فالفقر المدقع يسود المناطق الريفية وعددا من المحافظات والمشاركة في سوق العمل منخفضة للغاية خاصة بالنسبة للنساء ولا يزال حوالى مليون وتسعمائة الف عراقي يعانون انعدام الأمن الغذائي كما أن الأمية مرتفعة بشكل مروع.

واوضح انه على الرغم مما تحقق من مكاسب بشأن الحد من وفيات الرضع والأطفال دون سن الخامسة الا ان الطريق لا يزال طويلا لبلوغ الأهداف المنشودة على مستوى العراق. وقال إن العراق "قد اصبح
ممزقاً بسبب أعمال العنف المستمرة والآخذة بالتدهور كما وان مشهد الطائفية المتفاقم يلقي بظلاله القاتمة على البلاد.. محذرا من ان هذه التحديات - التنموية والامنية - تهدد مباشرة نسيج المجتمع العراقي وتمثل إختباراً لمدى قوة التماسك الاجتماعي لهذه الامة.

ارتباط الظلم والفقر بالعنف

وأضاف أنه غالبا ما يكون من الصعب الفصل بين مسببات العنف ونتائجه، ليس في العراق فحسب بل في مختلف أرجاء المعمورة حيث إن الفقر والظلم يرتبطان ارتباطاً قوياً بالصراعات السياسية، كما قد ثَبُتَ أن إنعدام فرص التعليم يفاقم الجهل ويزيد من مخاطر حالات التلاعب السياسي والاجتماعي وإزدياد اللامساواة في المجتمع. ان الإقصاء واللامساواة السياسيين اللذين يؤثران في الجماعات الاقليمية والدينية والعرقية يرتبطان بمخاطر اكبر فداحةً للحرب الاهلية.

وبين أن جميع هذه الدروس تنطبق إلى حد ما على العراق، بيد أنها لايشترط ان تأخذ هذا المنحى حيث ان العراق بلد غني بموارده الطبيعية والبشرية "فهو البلد الذي ما إن طوى صفحة الدكتاتورية في الماضي حتى بات يبني المؤسسات التي تضمن له عدم السماح مرة أخرى لرجل واحد ان يتحكم بمصير أمةٍ بأكملها إنه شعب خَبِرَ مرارة الصراع الطائفي ويريد العودة بخطاه من شفى حفرتها، وألا يسمح بنجاح مخططات الارهابيين".

يذكر ان العراق يشهد حاليا اعمال عنف متصاعدة بشكل غير مسبوق ادت إلى مقتل حوالى 600 شخص منذ بداية الشهر الحالي ما يرفع عدد ضحايا العنف منذ بداية العام الحالي 2013 إلى حوالى 5 الاف شخص.

معالجة الاسباب

وشدد بالقول "في الوقت الذي يبحث فيه قادة العراق حكومةً وشعباً وسياسيين ورجال دين عن سبل كبح جماح دوامة العنف، فإن هذا هو الوقت المناسب لنا جميعاً - عراقيين وممثلي المجتمع الدولي - ان نعمل معاً لنعالج الاسباب الاساسية للخلافات والإقصاء والفقر. إن هذا هو الوقت المناسب لنا كي نركز على كيفية دعم بناء مجتمع يشارك فيه الجميع، مجتمع لايخشى فيه من التنوع العرقي والديني، بل يحتفي به".

وأكد ملادينوف "إن هذه اللحظة هي اللحظة التاريخية بالنسبة للعراق فإذا كانت هناك لحظة تستوجب العمل الموحد فإنها هذه هي اللحظة، لاريب... إذا كان هناك تحدٍ يستحق إيجاد شراكة بين العراق حكومةً وشعباً والأمم المتحدة فمن دون شك إنه هذا هو التحدي". وأوضح انه لا توجد حلول يسيرة لكنه توجد بعض المؤشرات الواضحة مستقاة من خبرة الأمم المتحدة في جهودها لدعم تحولات ما بعد الصراعات.

وقال إن معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والامنية التي تعطل التنمية وتوقع الدول في فخاخ العنف تستلزم تحسين الحوكمة بطرق من شأنها ان توفر الامن والعدالة والتوظيف والخدمات الاساسية لجميع المواطنين وعلى قدم المساواة.. كما تستلزم كذلك من القادة ان يسموا فوق الخلافات المذهبية والسياسية لكي يحتظنوا واقع التنوع وأن يتوصلوا إلى تسويات سياسية راسخة.. إضافة إلى أنّ المجتمع المدني مطالب بتحقيق مزيد من التلاحم السياسي والاجتماعي، وسن قوانين وأحكام عادلة وإنشاء مؤسسات فاعلة كما يتطلب ذلك المساءلة والشفافية التي تحمي الموارد العامة من الفساد.

قادة العراق مطالبون بجهود استثنائية

وشدد ملادينوف على ان تحقيق هذه الامور يتطلب بصورة أكثر إلحاحا، جهدا استثنائيا من جانب قيادة البلاد داخل الحكومة وخارجها من أجل استعادة الثقة والإنقلاب بصورة حقيقية على ما كان يحدث في الماضي.

وقال "أود أن أعترف بالجهود التي تبذلها الحكومة العراقية لبلورة خطة تنمية وطنية جديدة تضع جدول أعمال طموحا من أجل تنمية شاملة إذ ستضطلع بدور هام في بناء النسيج الإجتماعي، إذا ما تم تطبيقها بصورة فعالة".

وأضاف أنه مع ذلك، ينبغي أن تترافق هذه الخطة مع عملية سياسية واجتماعية شاملة تبني القيم الديمقراطية وتحتفي بالإختلافات العرقية والدينية في العراق. وأوضح ملادينوف انه بالتعاون مع الحكومة العراقية تهيئ الأمم المتحدة إطاراً جديداً للمساعدة الإنمائية للأمم المتحدة و الذي سيشكل اساسا لنظام الأمم المتحدة في دعم تطبيق خطة التنمية الوطنية وبينما ستوجه عملية تخصيص الموارد والخبرات للتصدي لتحديات التنمية الفنية فينبغي أيضاً أن تقدم إطاراً للعمل الجماعي بشأن العمليات الإجتماعية والسياسية التي تحدثت عنها.

وأضاف أن العمل المنجز مع المفوضية المستقلة العليا للإنتخابات وتقديم المساعدة الفنية بشأن قضايا سياسية ودستورية وقانونية عالقة ودعم المؤسسات والجهات الفاعلة في تعزيز الإلتزام بحقوق الإنسان ودعم المؤسسات الوطنية والمحافظات في الحوكمة وتقديم الخدمات وبناء قدرات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وتوفير التعليم وفرص العمل للشباب والأطفال والحفاظ على الإرث الثقافي الذي تطور عبر آلاف السنين ودعم مشاركة المرأة على كافة الصعد في صنع القرار، ماهي إلا النزر اليسير من الامثلة على دعم التماسك والإنسجام الإجتماعي في العراق... واستدرك بالقول "بيد أن هذه هي خطوات مبكرة وأولية في الطريق الطويل الذي أمامنا."

وفي الختام قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف"اليوم وفي يوم الأمم المتحدة، وكما نذكر أنفسنا بالحاجة إلى العمل سوية من أجل السلام والتنمية وحقوق الإنسان تكرر الأمم المتحدة إلتزامها بالعمل مع الحكومة العراقية والشعب العراقي من أجل بناء دولة ديمقراطية تشمل الجميع ودعم أمة تحتفي بالتنوع".

ومن جهته سلط وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في كلمة له الضوء على الدور الذي لعبته بعثة الأمم المتحدة في العراق وقال إنها كانت وما زالت شريكا اساسيا لمساعدته في جملة من القضايا أبرزها خروج العراق من أحكام الفصل السابع.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف