العرب وما يحدث من حولهم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
منذ محاولة الانقلاب التركية الفاشلة في منتصف يوليو الماضي، تشهد المنطقة تحركات متسارعة قطعة الشطرنج الشرق أوسطية تبدو تركيا اللاعب المحوري فيها، فهناك تقارب بين أنقرة وموسكو، وهناك تفاهمات تجري بين تركيا وإيران، وما يقلقني ليس هذه التحركات بحد ذاتها، ولكن الخشية من عواقبها وتداعياتها على المنطقة بعد أن اعتدنا طيلة السنوات الأخيرة أن تدفع دولنا العربية فاتورة تقاسم النفوذ والمصالح الاستراتيجية بين القوى الاقليمية والكبرى.
في السنوات الأخيرة، تحاورت إيران والقوى الكبرى ضمن مايعرف بمجموعة "5+1" حول مصير البرنامج النووي الايراني وتم توقيع اتفاق يبدو تنفيذه محفوف بالعقبات ومستقبله مرهون بالخارطة السياسية القادمة في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنه يظل في مجمل الأحوال تطور مؤثر وذا علاقة وطيدة بالمصالح الاستراتيجية للدول العربية، لاسيما دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي استبعدت عن عمد من المشاركة في جولات المفاوضات رغم وجود نقاط تماس عدة مع الملف النووي الايراني.
والآن، هناك تحركات على النسق ذاته يغيب عنها الطرف العربي تماماً رغم أن تقاسم المصالح والنفوذ هذه المرة يتمحور حول جزء غال من العالم العربي، والحديث هنا عن سوريا بالأساس.
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أعلن يوم الجمعة الماضية، أن "أمن واستقرار إيران من أمن واستقرار تركيا" وإن بلاده تدرك أن إيران تنظر إلى أمن واستقرار تركيا بنفس الشكل، وهذا الاعلان من الحقوق السيادية للدول وليس لنا شأن به، فمن حق أي دولة أن تشارك من تشاء في منظومة تحالفاتها التكتيكية والاستراتيجية،&ولكن الجميع يدرك مغزى هذا الحديث العميق في ظل تحالفات تركيا الاقليمية واشتباكات إيران وصراعاتها الاقليمية أيضاً.
وبمدخل أكثر صراحة: هل يمكن لتركيا أن تحتفظ بعلاقات تحالف استراتيجية مع المملكة العربية السعودية الشقيقة بالتوازي مع ترقية العلاقات الايرانية ـ التركية إلى المكانة المشار إليها في تصريح الوزير التركي؟ في ظني أن هذا التوازن أمر صعب ومعقد ما لم يكن بنية الأتراك تقريب وجهات النظر وتسوية الخلافات بين طهران والرياض، وهذا أمر غير مرجح في ظل الشواهد الراهنة على أقل التقديرات.
أثق تماماً أن تركيا بعد المحاولة الانقلابية غير تركيا قبلها، بغض النظر عن الجدل السياسي العقيم حول ظروف وملابسات هذه المحاولة والمزاعم المثارة حولها من أطراف وجهات عدة، فالرئيس رجب طيب أردوغان بات اللاعب الاقليمي الأكثر تحركاً على الساحة الشرق أوسطية، واكتسب من المحاولة الانقلابية تصميماً جديداً على تحويل المحنة إلى منحة، لاسيما بعد أن كشفت استطلاعات الرأي تزايد شعبيته بشكل كبير منذ منتصف يوليو الماضي.
على خلاف كثير من التوقعات التي رجحت انكفاء تركيا على ذاتها وانشغالها بمشاكلها الداخلية خلال المدى المنظور، خرجت القيادة التركية من المحاولة الانقلابية لتعيد ترتيب تحالفاتها الاقليمية والدولية وفقاً للدروس المستفادة والمعطيات التي أفرزتها المحاولة الانقلابية، بغض النظر أيضاً عن أي جدل حول ظروفها وملابساتها، وهناك مساع حثيثة لتوظيف معطيات هذه المرحلة في كسب أرض جديدة لمصلحة استراتيجيات تركيا الاقليمية، وعلى أساس هذه المعطيات تمضي تحركات الرئيس أردوغان في الخارج، فبالأمس القريب استعادت تركيا زخم علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا، ثم استكملت حلقات محور اقليمي جديد قيد التشكل باستضافة وزير خارجية إيران والاعلان عن تقارب غير مسبوق في العلاقات الثنائية.
المؤكد في المشهد الراهن أن بناء التحالفات التركية الجديدة يمضي على قاعدة بوصلة المواقف تجاه المحاولة الانقلابية الفاشلة، فتركيا باتت تحب وتكره وتتقارب وتتباعد وفقا لردود أفعال الأطراف الاقليمية ليلة الانقلاب، فهي لم تنس للجانب الأمريكي تردده لساعات بين دعم الانقلابيين والدفاع عن الشرعية الدستورية القائمة في تركيا، كما لم تنس للاتحاد الأوروبي أنه خذلها في تلك الليلة!!
على الجانب المقابل تقف روسيا في مقدمة من اعتبرت القيادة التركية داعمين لها في تلك الليلة الفارقة، فهي من أمدت القيادة التركية بمعلومات عن الانقلاب وتحركات الانقلابيين وفقا لتقارير إعلامية موثوقة، بينما ظل موقف إيران ضبابياً إلى حد ما حتى أماط الوزير جاويش أوغلو اللثام عن بعض ما جرى في تلك الليلة الكاشفة حيث قال جاويش أوغلو إنه ونظيره الإيراني "لم يناما طيلة الليلة التي شهدت محاولة الانقلاب"، وإن ظريف اتصل به في تلك الليلة "من 4 إلى 5 مرات"، ليطمئن على الأوضاع في تركيا، كما اتصل به للسبب ذاته عدة مرات في اليوم التالي لمحاولة الانقلاب. وهنا أيضاً لايجب تجاهل مغزى تصريح الرئيس أردوغان الذي قال فيه " "إننا اليوم عازمون أكثر من أي وقت مضى، على أن نسير جنب إلى جنب مع إيران وروسيا، لنساهم بالتعاون معهما في حل القضايا الدولية، كما أننا مصممون على تكثيف الجهود الرامية إلى استعادة السلام والاستقرار في المنطقة".
المتوقع ألا يكون هناك خلاف كبير حول تسوية الأزمة السورية بين روسيا وتركيا وإيران، فما يلوح من مصالح استراتيجية لأطراف هذا المحور الثلاثي الجديد تفوق بمراحل أي تنافس حول المصالح في سوريا، بل إن مصير نظام الأسد قد يكون محور تفاهمات جديدة ترحب بها تركيا، لاسيما ما يتعلق بمرور الغاز الايراني إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، فضلاً عن أن الرئيس أردوغان يريد بناء تحالف تكتيكي يلعب دور المعادل&الموضوعي او الداعم الاستراتيجي لتركيا حتى ينتهي من إعادة هيكلة علاقات بلاده وفق أسس جديدة مع الاتحاد الأوروبي تحديداً.
الواضح أن المنطقة تعيش مخاض تشكل محاور وتحالفات اقليمية جديدة، قد تكون تكتيكية أو استراتيجية، لا فرق الآن، ولكن النقطة المحورية أن الدول العربية تبدو غائبة عن المشهد لأسباب قد لا يكون لها علاقة بها، أو لأن الظروف قد أبعدتها عن المشاركة، ولكن تداعيات ما يحدث تبدو مكلفة استراتيجياً، وسيكون لها صلة وثيقة بمصالح الدول والشعوب العربية، حالياً ومستقبلاً، وهنا تبدو المعضلة الاستراتيجية التي يتعين على العواصم العربية الفاعلة والمؤثرة في الوقت الراهن التعاطي معها بحكمة وهدوء وفاعلية؛ فأي ترتيبات اقليمية جديدة ستنتج حتماً أدوار جديدة وتغيرات في تصنيفات اللاعبين المؤثرين اقليمياً، وعلينا ألا ننتظر حتى بناء هياكل نظام اقليمي جديد، وعلينا أن نطرح أوراقنا ونوظف قدراتنا وطاقاتنا وعلاقاتنا ونتحرك سياسياً ودبلوماسياً في اتجاهات مختلفة للتأثير ايجاباً في تفاعلات المعادلات الاستراتيجية المرتقبة.
التعليقات
الانظمة العربية الوظيفية
تتنافس على رضا امريكا -الحقيقة ان الانظمة العربية الوظيفية غيبت نفسها عن المشهد السياسي في المنطقة والتفاعل معه وله مكتفية برضا امريكا والغرب والكيان الصهيوني عنها وتنافسها فيما بينها من اجل نيل هذا الرضا ، عندما تتهاوى هذه الانظمة الوظيفية و تكون السلطة للشعوب فإن الأحوال جميعها ستتبدل
ورطة بوتين اردوغان وايران
mustafa kamal -فيما يختص ببوتين وورطته في سوريا اقول التالي : حدد المذكور لحظة دخوله في النزاع السوري مدة 100 يوم لفض النزاع . واليوم مر على التورط الروسي نحو سنة كاملة باكلافه الباهظة على ماليّة روسيا الواهنة بفعل العقوبات الاوروبية وتردي الاقتصاد الروسي ولم تقو روسيا على انهاء النزاع السوري بل ان سنة من الانغماس العسكري الروسي انتهت بنصر ساحق ماحق للمعارضة السورية في حلب ثاني اكبر مدينة في سوريا . وفيما كان يبدو ان رغبة بوتين في التدخل العسكري في سوريا هدفها دفع الغرب لتخفيف او رفع العقوبات عن بلاده من طريق تظهير قوته للغرب في الارض السورية وارغامه على عدم استكمال الطوق العسكري الاطلسي حول روسيا فان رغبة القيصر الجدبد اصطدمت بثلاث خيبات : مزيد من الانهيار في قوات النظام السوري وثبات للعقوبات الغربية على روسيا واستكمال الطوق الاطلسي حولها وبخاصة في دول البلطيق
العرب
Wisaam -الدول العربيه هي التي غيبت نفسها ، حتى ولو أراد العالم أن يغيبها فلا يستطيع اذا ما كان هناك لدى قادتها أراده حره مخلصه . يا سيدي الكاتب ؛ الدول العربيه بقرار قادتها دائما تتخذ القرار الخطأ عن قصد أو غير قصد . الدول العربيه في الفتره الأخيره اتخذت القرار بتدمير نفسها عن طريق خلق وتوسيع التناقضات فيما بينها ، الدول العربيه عندما اختارت تدمير العراق وسورية وليبيا واليمن كانت تعتقد أن ذلك يصب في مصلحتها ، لكن الواقع بدأ يظهر أن ذلك انقلب عليها سلبيا وستكون نتيجته أكثر سلبيه في المستقبل القريب . الدول العربيه عندما اعتقدت أن حبل النجاه لها من كافه كافة التناقضات العالميه موجود في اسرائيل واختارت طريق التطبيع معها كان قرار في غايه الخطوره لأن نتائجه على المدى القريب أو البعيد سوف تكون باهظه الثمن وسوف يؤدي الى غيابها بصوره أكبر . هل هناك من عاقل يفكر أن اسرائيل لها مصلحه في حمايه أي دوله عربيه أو دعمها لتكون قويه وتأخذ دورا فعالا على صعيد المنطقه أو العالم ، لدليل على ذلك ظهر سريعا جدا فالأجتماعات واللقاءات قائمه بدون العرب لبحث ما يخصهم أو ما يتعلق بمصيرهم . الدول التي استطاعت أن تأخذ دور فاعل في المنطقه واجبرت العالم والقوى العالميه على احترامها وعدم استبعادها عند تقرير مصير المنطقه هي ؛ اسرائيل وتركيا وايران فقط ، أما بقيه دول المنطقه واقصد الدول العربيه فلا يحسب لها حساب سواء الفقيره منها أو الغنيه ، الأكثر سكانا أو الأقل سكانا . كما قال مارتن لوثر كينج " اذا لم تحني ظهرك لا يستطيع احد ركوبك " .