فضاء الرأي

التحركات الدبلوماسية لعباس عراقجي:

محاولة يائسة لإنقاذ نفوذ إيران في المنطقة

عباس عراقجي
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

رغم التحديات العسكرية المتزايدة وتراجع نفوذها في المنطقة، تسعى إيران إلى تعزيز حضورها الدبلوماسي في الشرق الأوسط من خلال زيارة عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية، إلى لبنان وسوريا. هذا التحرك، الذي يبدو في ظاهره استعراضاً للقوة، يعكس في الحقيقة المخاوف العميقة للنظام الإيراني بشأن موقعه الاستراتيجي في المنطقة، خصوصاً بعد الهزائم التي تعرض لها وكلاؤها في المنطقة. جاءت زيارة عراقجي في ظل تراجع الدعم الملموس لحلفاء طهران، الذين يعانون من إحباط متزايد جراء ما يرونه وعوداً فارغة وتأخيرات في الدعم الذي كانوا يتوقعونه.

بدأت زيارة عراقجي في بيروت في 5 تشرين الأول (أكتوبر)، حيث التقى برئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، وأكد مجدداً على دعم إيران للبنان ولما تصفه بـ"حركات المقاومة" هناك. لكن، ورغم تسليط الإعلام الإيراني الرسمي الضوء على هذه اللقاءات على أنها تأكيد لاستمرار النفوذ الإيراني، إلا أن الحقيقة على الأرض تعكس واقعاً أكثر تعقيداً بكثير.

طهران كانت تعتمد في السابق بشكل كبير على فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لإدارة علاقاتها مع حلفائها الإقليميين، من خلال شخصيات عسكرية قوية لإبراز القوة والهيمنة. لكن حضور عراقجي، وهو شخصية دبلوماسية وليست عسكرية، يعكس تحولاً في السياسة الإيرانية، حيث يبدو أن طهران ترغب في إظهار موقف أقل عدوانية، ربما خوفاً من استهداف قادة رئيسيين في حرسها الثوري ووكلائها بشكل مباشر.

إقرأ أيضاً: وشهد شاهد من أهلها

في الشهور الأخيرة، تعرض وكلاء إيران في المنطقة لضغوط كبيرة وهجمات متواصلة، مما أدى إلى شعورهم بالإحباط من طهران. كانت استجابة الأخيرة في الغالب خطابية، مع تقديم قليل من الدعم الملموس، وهو ما زاد من استياء الحلفاء الذين شعروا بأن النظام الإيراني يتخلى عنهم في وقت الحاجة. خلال اجتماعات عراقجي في لبنان، كانت هناك إشارات واضحة إلى هذا الإحباط المتزايد، حيث بدأت الجهات الفاعلة الإقليمية ترى أن طهران بطيئة في تقديم الدعم، فيما تواجه هي ضغوطاً متزايدة على الأرض.

في تغطية إعلامية، نشرت وكالة "تسنيم" التابعة للحرس الثوري تقريراً حول تصريحات عراقجي، حيث ركز التقرير في البداية على الخطاب التصعيدي الذي تبناه نائب وزير الخارجية الإيراني تجاه إسرائيل، محذراً من رد إيراني قاسٍ في حال قيام إسرائيل بأي عمل عسكري ضد إيران. لكن في نهاية التقرير، تغيرت اللهجة بشكل ملحوظ، حيث أشار عراقجي إلى أن الوضع في لبنان "ليس طبيعياً" وأن زيارته تهدف إلى مناقشة جهود وقف إطلاق النار. هذا التغيير في اللهجة يعكس الحذر الذي تتبعه طهران في خطابها، وهو ما يشير إلى إدراكها لحساسية الأوضاع في المنطقة.

إقرأ أيضاً: عن قتل السجناء السياسيين في إيران

في المرحلة الثانية من جولته، زار عراقجي دمشق، حيث التقى بالرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية بسام صباغ. وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام السورية أشارت إلى أن هذه الاجتماعات ركزت على جهود وقف إطلاق النار في لبنان وغزة، إلا أن الهدف الأساسي من زيارة عراقجي يبدو أنه يتعلق أكثر بمحاولة السيطرة على الأضرار الدبلوماسية الناجمة عن تراجع النفوذ الإيراني، بدلاً من تحقيق أي تقدم دبلوماسي حقيقي. وكما حدث في لبنان، بالغ الإعلام الإيراني في تغطية هذه الزيارة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف